صفحة الكاتب : د . حميد حسون بجية

فاتسلاف هافل
د . حميد حسون بجية


      في 18|12|2011، توفي الرئيس الجيكي فاتسلاف هافلVaclav Havel  . فمن هو فاتسلاف هافل؟
     ولد الزعيم السياسي والكاتب المسرحي وكاتب المقالات فاتسلاف هافل عام 1936. وتصدى هافل لزعامة حركة المعارضة الديمقراطية التي ساعدت في اسقاط الحكومة الشيوعية في جيكوسلوفاكيا عام 1989. فأصبح رئيسا لجيكوسلوفاكيا من 1989 وحتى 1992. ثم أصبح رئيسا لجمهورية الجيك من1993 وحتى2003بعد تفكيك جيكوسلوفاكيا الى جمهورية الجيك وسلوفاكيا في كانون الثاني عام 1993.
      الفترة المبكرة من حياته
              ولد هافل في براغ في جيكوسلوفاكيا، وهو نجل تاجر يعمل في تنمية العقارات. وفي 1948 ، وعندما كان في طور المراهقة, استحوذ نظام شيوعي مدعوم من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية السابق على السلطة في جيكوسلوفاكيا. وقد حدّ من فرصته في التعيلم التقليدي في ظل النظام الشيوعي خلفيته الاجتماعية إذ كان ينتمي الى الطبقة المتوسطة. بيد أن مكتبة عائلته الشاملة مكّنته من أن يقوم بتعليم نفسه في حقل الآداب العالمية القديمة والفلسفة. وعمل خلال سني شبابه الأولى مساعدا في أحد المختبرات بينما كان يَدرس في مدرسة ثانوية في المساء. وفي عام 1959 اشتغل عامل تنظيم في أحد المسارح  ومساعدا في الإخراج مع إحدى الفرق المسرحية في براغ كما درس الفنون المسرحية في أكاديمية براغ. وفي عام 1963 جرى في براغ تمثيل أولى مسرحياته Zahradni slavnost  ) حفلة في الحديقة)، وهي مقطوعة هجائية حول البيروقراطية الحكومية التي تجرد الآدميين من انسانيتهم. وفي عام 1965 مُثلت مسرحية هجائية أخرى هي(المذكرة)، وهي تصوير للحياة في ظل الشيوعية.
أنشطته خلال فترة الانشقاق
  في عام 1968 غزت جيكوسلوفاكيا قواتُ حلف وارشو بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق لتضطهد حركة إصلاحية عرفت بربيع براغ.  وقد استنكر هافل ذلك الغزو، ثم حُظرت مسرحياته في جيكوسلوفاكيا. ولكن تلك المسرحيات كانت تُمثل على نحو واسع في عموم أوروبا الغربية. وفي عام 1969 مُنح هافل جائزة الدولة النمساوية للأدب الأوروبي. و كُرّم فيما بعد بجوائز عالمية رفيعة أخرى. لكنه رفض مغادرة جيكوسلوفاكيا لتسلم تلك الجوائز، وذلك لثقته من أنه لن يُسمح له بالعودة الى الوطن.
      واستمر هافل بالتحدث دفاعا عن حقوق الإنسان.وفي كانون الثاني من عام 1977 أصبح واحدا من بين أكثر من 200 مفكر جيكوسلوفاكي وقّعوا على لائحة 77، وهي وثيقة تطالب بإذعان الحكومة الجيكوسلوفاكية والوفاء بالتزاماتها القانونية لأنها كانت موقعة على معاهدة هلسنكي لحقوق الإنسان. وأصبح هافل أحد المتحدثين الرئيسيين عن الحركة المدافعة عن لائحة 77 التي أسسها مؤيدو تلك اللائحة. وفي غضون تلك الفترة كتب مقالته المعنونة (قوة المضطهَدين) التي أكدت أنه (من خلال العيش في الواقع) يمكن للشعب أن يطيح بالنظام الدكتاتوري وبدون عنف.
      لقد قطف هافل من أنشطتة في فترة الانشقاق ثمار السجن من 1979 وحتى 1983. وفي عام 1983 نُشر بشكل سري في جيكوسلوفاكيا كتابه(رسائل الى أولكا)، وهو كتاب يتضمن رسائله التي أرسلها الى زوجته من السجن. وقد أعيد نشر ذلك الكتاب على نحو واسع خارج البلاد. واستمر هافل بكتابة المسرحيات خلال تلك الفترة، وبخاصة مسرحية Largo Desolato عام 1985 التي تدور أحداثها حول معاناة المفكرين المنشقين. وقد سجن هافل ثلاث مرات أخرى، كان آخرها في بداية عام 1989.
     هافل والثورة المخملية
       وفي تشرين الثاني|نوفمبر عام 1989، وإبان الإصلاحات الديمقراطية في الاتحاد السوفييتي و المظاهرات الضخمة ضد الحكومة الجيكوسلوفاكية التي قام بها كل من الجيك والسلوفاك، بدأ النظام الشيوعي الجيكوسلوفاكي بالانهيار. وتزعم هافل تشكيل المنتدى الوطني، وهو تحالف يمثل القوى الديمقراطية في الأراضي الجيكية. لقد أكسبه رفضه الانصياع لما كان يلقاه من مضايقات عبر السنين احتراما شعبيا هائلا. ولذلك فعندما أطاح الشعبان الجيكي والسلوفاكي سلميا بالحكومة الشيوعية في كانون الأول 1989 فيما أصبح يُعرف فيما بعد بالثورة المخملية، أصبح هافل الخيار الوحيد للبرلمان كرئيس لجمهورية جيكوسلوفاكيا المستعادة وبلا منازع. فاختير هافل ذلك الشهر رئيسا بصلاحيات مؤقتة. وفي تموز1990، وبعد أول انتخابات برلمانية حرة منذ 1946، أعيد انتخابه لمدة سنتين.
     هافل رئيسا لجيكوسلوفاكيا
    وخلال عمله رئيسا للجمهورية، أشرف على تأسيس حكومة جيكوسلوفاكية جديدة شرعت بتدشين الحريات الديمقراطية واقتصاد السوق الحرة. بيد أنه في عام 1991 كانت قاعدته الساندة، أي المنتدى الوطني، قد انقسمت حول سرعة التحول من الاشتراكية الى الرأسمالية. وكانت ثمرة ذلك الانشقاق ظهور ائتلاف يمين الوسط، وهو الحزب الديمقراطي الوطني، مع عدد من الأحزاب التي تمثل يسار الوسط. ولم ينحَز هافل لأي من تلك الأحزاب. وفي عام 1992، أصبح فاتسلاف كلاوسVaclav Klaus ، زعيم الديمقراطيين الوطنيين رئيس وزراء جمهورية الجيك(إحدى الجمهوريات المكونة لجيكوسلوفاكيا مع سلوفاكيا). وبوصف الأخير عالِم اقتصاد، فقد تبنى عملية خصخصة الاقتصاد. وكانت سياساته الاقتصادية تلك قد هددت بحدوث بطالة كبيرة في سلوفاكيا- التي ورثت من أيام الشيوعية قاعدة صناعية غير كفوءة موجهة نحو الدفاع. وبدأ القادة السلوفاك يثيرون مطالب انفصالية. واشتد الخلاف بين الجمهوريين، وفي تموز أعلنت سلوفاكيا استقلالها. واستقال هافل من الرئاسة لما كان يواجه البلد من دمار وشيك.
     هافل رئيسا لجمهورية الجيك
                  في كانون الثاني 1993حلت محل جيكوسلوفاكيا الدولتان المستقلتان : جمهورية الجيك وسلوفاكيا، واختير هافل رئيسا لجمهورية الجيك. وخلال مدة رئاسته الأولى، كان يترأس  بلدا مستقرا ولكن باقتصاد ضعيف. فقام بتعزيز موقف الجمهورية الجيكية من خلال انضمامها الى منظمة معاهدة شمال الأطلسي(ناتو)عام1999، ومن ثم الى الاتحاد الأوربي. ورغم طول معانات هافل من مشاكل في جهازة التنفسي التي تعود الى أيام سجنه، فقد كان ملتزما ببرنامج حافل بالأنشطة. وفي 1996 خضع لتداخل جراحي اثر تعرضه لسرطان الرئة. وفي كانون الثاني 1998 فاز بالانتخابات لفترة ثانية بعد تصويت سري في البرلمان. وانتهت فترته في شباط 2003. وكان الدستور يحول بينه وبين الترشح لفترة ثالثة. وخلفه فاسلاف كلاوس رئيسا لجمهورية الجيك.
                                                           عن موسوعة الانكارتا 2009
                                                          ترجمة أ. د. حميد حسون بجية     


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد حسون بجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/23



كتابة تعليق لموضوع : فاتسلاف هافل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net