معنى تصرف الامام علي بعد الغدير
باقر جميل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل اكثر من ثلاثة ايام قبيل عيد الغدير الأغر وانا اراجع الاحداث التي حصلت مع أمير المؤمنين مــن غدير خُم الــى إستشهاده عليه السلام ، وكنت انظر الى المشاكل الكبيرة التي واجهته شخصيا ، وواجهة الامة الاسلامية والاسلام بشكل عام ، وكيف كانت ردت فعله عندما كان الامر يتعلق بذاته الشخصية وبالمشاكل التي تواجهه كفرد في المجتمع ، وكيف يتصرف عندما كان الحدث يمس الاسلام ودين الله على الارض ، أجد فيها اذا واجهنا مثلها ، نحن فلا تخلو اطلاقا من تسميتها بعدة مسميات تنم عن افقنا المحصور ، فهذه الاحداث
قد نسميها مـذلة !
وقد نسميها ازدواجية !
وقد نسميها إهانة !
وقد نسميها عمالة ..!
وغيرها من التوصيفات التي تبين رفضنا وعدم تحملنا لما قام به الامير علي عليه السلام .
فقد واجه اناس لا يظهر منهم الغدر اطلاقا ، مع علمه بغدرهم ، لكنه يتعامل بالظاهر ، واقناع الناس لابد ان يكون بالظاهر لا بالمعجزة دوما ، فكان وقع تخلف الامة عليه وخذلانها له أكثر من اخذ الخلافة واغتصابها .
مع كل هذا فقد عمل على مساعدتهم بكل ما يستطيع عندما يندبونه في الشدائد والملمات .
المساعدات التي لا يمكن ان نتحملها ، لاننا نراها استغلال لقوتنا الفكرية والايمانية ، لكن الامام لا يعتبره استغلال ، بل ان الاسلام يحتاج ذلك حتى لو اعتبره الناس استغلال ..!
طاقة التحمل والصبر والبذل في سبيل الله عند أهل البيت عموما ، وعند أمير المؤمنين خصوصا ، تختلف عما موجود عندنا ، فهم يعتبرون وجودهم كله في سبيل خدمة الدين واعلام كلمة لا اله الا الله ، وفي سبيل المصلحة العامة ، حتى لو جلس في داره اكثر من عشرين سنة ، ومع هذا يعطيهم الحلول الكبيرة وبالمجان ..!
كذلك بقية اهل البيت عليهم ، عندما نعتبر ان السب لنا ولاهلنا في. مجلس ما إهانة وعدم احترام لا يمكن ان يسكت عليه اطلاقا ، فالامام الحسن عليه السلام لم يعتبره كذلك ابدا عندما سُب من قبل معاوية والامام جالس تحت المنبر ، فلم يحرك ساكنا ولم ينطق بكلمة ..!
بل كضم غيضه ، ولم يتقاتل مع معاوية على هذا السبب ، ولكن جعل الاحداث تأخذ مجاريها مع اعتراض الكثير ممن كان معه على طريقة تصرفه .
كما قلت نحن لا نتحمل ذلك ، ولو كان الامر عندنا لتغيرت الكثير من الامور ، التغيير السلبي بالتاكيد ، لان لولا تصرف أهل البيت هذا فقد يكون الاسلام منتهيا عند حياة معاوية ولا وجود له بعده ..
الان وفي غياب الامام المعصوم عن اعيننا ، نجد في حياة المرجعية الدينية منذ الغيبة الكبرى ، الى يومنا هذا تصرف العلماء الاعلام ينحو بنفس المنحى الذي اتخذه اهل البيت في التعامل والتعاطي مع الاحداث والتحرك والتصرف وفق المصلحة العامة ، قدر الامستطاع ، البعيدة عن ما يدور في قلوب عامة الناس ، فالعلماء هم اقرب الناس في التصرف على طريقة اهل البيت والائمة من غيرهم ، فنجد الكثير من تحركاتهم نسميها بعقليتنا المخدودة وقلت صبرنا وتحملنا ، إهانة ، وضعف ، وجبن ، بل وحتى خيانة ..!
في حين يرى العلماء انها ليست كذلك ، انما يرون الامور من جوانب متعددة وكثيرة كما يفعل اهل البيت من خلال سيرتهم وتعاطيهم مع الاحداث ، فتكون له صورة تتضح فيها معالم التحرك وسعته ومقدار الاستفادة منه ، وفوق كل ذلك مراعات المصلحة العامة وهي (الحفاظ على الاسلام الاصيل) مهما اعترض الجاهلون ، ومهما حارب الحاسدون ، ومهما تكلم المنظرون ، ومهما قال المحبون الذين لديهم نظرة كما موجودة عند العلماء فلا يمكن ان يتأثروا بمثل هكذا تيارات كلامية وفكرية تحدد مصير سيل الدماء من عدمه ، او تطلق مشروع مناهضة ضد جماعة او لا ، وهذا ما هم عليه بحمد الله ومنه .
في النهاية وفي هذه المناسبة اتمنى نتمعن في حياة علي بن ابي طالب بشكل ادق واكثر ، ولنعرف الاسباب التي قام بفعلها قدر الامكان ، فان عرفنا ضروف الامام وتعاطيه مع الاحداث ، سنفهم بشكل اكثر بالتاكيد تصرف المرجعية الدينية وكيفية تعاملها مع الفراد والجماعات ومع الاحداث بشمل عام ..
رزقنا الله وايام حسن العاقبة والثبات على الولاية .