قبل اكثر من ثلاثة ايام قبيل عيد الغدير الأغر وانا اراجع الاحداث التي حصلت مع أمير المؤمنين مــن غدير خُم الــى إستشهاده عليه السلام ، وكنت انظر الى المشاكل الكبيرة التي واجهته شخصيا ، وواجهة الامة الاسلامية والاسلام بشكل عام ، وكيف كانت ردت فعله عندما كان الامر يتعلق بذاته الشخصية وبالمشاكل التي تواجهه كفرد في المجتمع ، وكيف يتصرف عندما كان الحدث يمس الاسلام ودين الله على الارض ، أجد فيها اذا واجهنا مثلها ، نحن فلا تخلو اطلاقا من تسميتها بعدة مسميات تنم عن افقنا المحصور ، فهذه الاحداث
قد نسميها مـذلة !
وقد نسميها ازدواجية !
وقد نسميها إهانة !
وقد نسميها عمالة ..!
وغيرها من التوصيفات التي تبين رفضنا وعدم تحملنا لما قام به الامير علي عليه السلام .
فقد واجه اناس لا يظهر منهم الغدر اطلاقا ، مع علمه بغدرهم ، لكنه يتعامل بالظاهر ، واقناع الناس لابد ان يكون بالظاهر لا بالمعجزة دوما ، فكان وقع تخلف الامة عليه وخذلانها له أكثر من اخذ الخلافة واغتصابها .
مع كل هذا فقد عمل على مساعدتهم بكل ما يستطيع عندما يندبونه في الشدائد والملمات .
المساعدات التي لا يمكن ان نتحملها ، لاننا نراها استغلال لقوتنا الفكرية والايمانية ، لكن الامام لا يعتبره استغلال ، بل ان الاسلام يحتاج ذلك حتى لو اعتبره الناس استغلال ..!
طاقة التحمل والصبر والبذل في سبيل الله عند أهل البيت عموما ، وعند أمير المؤمنين خصوصا ، تختلف عما موجود عندنا ، فهم يعتبرون وجودهم كله في سبيل خدمة الدين واعلام كلمة لا اله الا الله ، وفي سبيل المصلحة العامة ، حتى لو جلس في داره اكثر من عشرين سنة ، ومع هذا يعطيهم الحلول الكبيرة وبالمجان ..!
كذلك بقية اهل البيت عليهم ، عندما نعتبر ان السب لنا ولاهلنا في. مجلس ما إهانة وعدم احترام لا يمكن ان يسكت عليه اطلاقا ، فالامام الحسن عليه السلام لم يعتبره كذلك ابدا عندما سُب من قبل معاوية والامام جالس تحت المنبر ، فلم يحرك ساكنا ولم ينطق بكلمة ..!
بل كضم غيضه ، ولم يتقاتل مع معاوية على هذا السبب ، ولكن جعل الاحداث تأخذ مجاريها مع اعتراض الكثير ممن كان معه على طريقة تصرفه .
كما قلت نحن لا نتحمل ذلك ، ولو كان الامر عندنا لتغيرت الكثير من الامور ، التغيير السلبي بالتاكيد ، لان لولا تصرف أهل البيت هذا فقد يكون الاسلام منتهيا عند حياة معاوية ولا وجود له بعده ..
الان وفي غياب الامام المعصوم عن اعيننا ، نجد في حياة المرجعية الدينية منذ الغيبة الكبرى ، الى يومنا هذا تصرف العلماء الاعلام ينحو بنفس المنحى الذي اتخذه اهل البيت في التعامل والتعاطي مع الاحداث والتحرك والتصرف وفق المصلحة العامة ، قدر الامستطاع ، البعيدة عن ما يدور في قلوب عامة الناس ، فالعلماء هم اقرب الناس في التصرف على طريقة اهل البيت والائمة من غيرهم ، فنجد الكثير من تحركاتهم نسميها بعقليتنا المخدودة وقلت صبرنا وتحملنا ، إهانة ، وضعف ، وجبن ، بل وحتى خيانة ..!
في حين يرى العلماء انها ليست كذلك ، انما يرون الامور من جوانب متعددة وكثيرة كما يفعل اهل البيت من خلال سيرتهم وتعاطيهم مع الاحداث ، فتكون له صورة تتضح فيها معالم التحرك وسعته ومقدار الاستفادة منه ، وفوق كل ذلك مراعات المصلحة العامة وهي (الحفاظ على الاسلام الاصيل) مهما اعترض الجاهلون ، ومهما حارب الحاسدون ، ومهما تكلم المنظرون ، ومهما قال المحبون الذين لديهم نظرة كما موجودة عند العلماء فلا يمكن ان يتأثروا بمثل هكذا تيارات كلامية وفكرية تحدد مصير سيل الدماء من عدمه ، او تطلق مشروع مناهضة ضد جماعة او لا ، وهذا ما هم عليه بحمد الله ومنه .
في النهاية وفي هذه المناسبة اتمنى نتمعن في حياة علي بن ابي طالب بشكل ادق واكثر ، ولنعرف الاسباب التي قام بفعلها قدر الامكان ، فان عرفنا ضروف الامام وتعاطيه مع الاحداث ، سنفهم بشكل اكثر بالتاكيد تصرف المرجعية الدينية وكيفية تعاملها مع الفراد والجماعات ومع الاحداث بشمل عام ..
رزقنا الله وايام حسن العاقبة والثبات على الولاية .
|