صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح298 سورة الروم الشريفة
حيدر الحد راوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


بسم الله الرحمن الرحيم

فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{38}
الآية الكريمة تأمر (  فَآتِ ) , ان تؤتى حقوق : 
1-    (  ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) : تختلف الآراء القرابة , فمن قائل :
أ)  انهم قرابة الرسول الكريم محمد "ص واله"  .
ب) انهم قرابة المرء . 
2-    (  وَالْمِسْكِينَ ) : اضعف حالا من الفقير .
3-    (  وَابْنَ السَّبِيلِ ) : المسافر المنقطع .  
ثم بينت الآية الكريمة ان فعل ذلك :
1-    (  ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) : يريدون بقصدهم ذاك ثوابه جل وعلا .
2-    (  وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) : بالثواب والمنازل الرفيعة بالجنة .   
 
وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ{39}
ثم تبين الآية الكريمة (  وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً ) , يعطي كهدية او قرض ويتوقع ان يعود بأكثر منه , (  لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ ) , يزداد , (  فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ ) , فأنه لا ينمو ولا يزداد ثوابه للمعطين عند الله تعالى , لا ثواب عليه مطلقا , (  وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) , تبتغون فيها وجه الله وثوابه , (  فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) , الذين يضاعف لهم الثواب .   

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{40}
تبين الآية الكريمة مضيفة (  اللَّهُ الَّذِي ) , جل جلاله هو الذي : 
1-    (  خَلَقَكُمْ ) : من العدم .
2-    (  ثُمَّ رَزَقَكُمْ ) : بعد الخلق تكفل برزقكم .
3-    (  ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) : ثم يعرضكم لقانون { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57 .
4-    (  ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) : للبعث والنشور .  
(  هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ ) , ما تدعون وتزعمون من شركاء لله تعالى لا يمكنهم فعل ذلك , (  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) , تعظيم وتنزيه له جل وعلا عن الشرك .  

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ{41}
تبين الآية الكريمة مضيفة (  ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) , الفساد في البر يحمل على عدة اوجه منها :
1-    القحط .
2-    شحة المطر .
3-    هلاك الحيوان والنبات لأي سبب كان .
4-    وقوع التلف على كل ما يمكن الاستفادة منه .
5-    كثرة الاضرار التي قد تترتب على بعض الظروف والعوامل , ومنها المناخية , الى درجة يكون فيها الضرر اكثر من النفع المتوقع منها , كالمطر الزائد عن حده , يكون ضرره اكثر من نفعه , وكذلك الرياح ان تجاوزت حدها فأنها توقع الضرر في النبات والحيوان الى درجة قد تصل الى الهلاك .
6-    تلوث الجو بالغازات الضارة , التي تؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة , او انتشار بعض الامراض الخبيثة من خلالها او بسببها . 
 اما فساد البحر فيحتمل اوجه كثيرة ايضا , منها :
1-    هلاك الكائنات البحرية المفيدة , او انقراضها , مما يؤثر سلبا عليه .
2-    وايضا شحة المطر تؤثر سلبا على البحر .
3-    زيادة معدلات التبخر وجفاف بعض البحيرات , لأسباب كثيرة .
4-    تراجع منسوب ومستويات البحار يؤثر سلبا على الكائنات الحية .
5-    ازدياد نسبة الملوحة .
6-    كثرة المصانع وانتشارها في بقاع الارض , تخلف آلاف الاطنان من النفايات , غالبا ما تلقى في البحر , مما يؤدي الى تلوث المياه . 
(  بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) , يبين النص المبارك ويحدد سبب ذينك النوعين من الفساد , جراء ما كسب الناس من نتائج اعمالهم , وذلك من جوه عدة , منها :
1-    انتشار المصانع اتي تلوث الجو بما يصدر منها من غازات سامة , وبسبب ما يطرح منها من نفايات , تؤثر سلبا على الطبيعة .
2-    قلة او عدم الاهتمام في الحفاظ على البيئة , بسبب الجري المحموم وراء المكاسب المادية , كإتلاف الكثير من الغابات بغية الحصول على الخشب , او عمليات صيد الحيوانات غير المنظم والمحموم , الذي ادى الى انقراض بعضها , او جعلها ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض ... الى غير ذلك .
3-    ومن اسباب ذلك ايضا كثرة المعاصي والذنوب , من وجه نظر دينية , فإنها مما يؤثر سلبا على الموجودات الطبيعية , وهذه وجه نظر وان كانت دينية محضة الا ان لها مداليل واقعية وفعلية كثيرة , فغياب الوازع الديني لدى الناس , يدفعهم الى التصرف بعبثية مطلقة طلبا للمتعة او الكسب المادي , لا يهم ان كان ذلك بشكل مشروع او غير مشروع , طالما وان الوازع الديني مفقود , ولذلك الكثير من الشواهد على المستوى العام (للمجتمع) او على المستوى الشخصي (للفرد) , كمثال على المستوى العام , اطماع الملوك والطغاة التي لا حد لها , قد تدفعهم الى التوسع , فشن الهجومات على المدن والقرى , تحرق وتباد , ويهلك الحرث والنسل , غالبا المنتصرون لا يكتفون بالقتل فقط , بل تدفعهم  روح الانتصار الى ارتكاب الكثير من المآثم الاخرى كالاغتصاب , وايضا لا يكتفون بإتلاف منازل الخصم المهزوم , بل تمتد ايدهم الى اتلاف كافة مزروعاته وحيواناته  {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ }النمل34 , طالما وان المنتصر لا يملك الوازع "الرادع" الديني فانه لا يتورع عن اي فعل آثم .
اما على المستوى الفردي , فان الفرد الذي لا يملك الوازع الديني يندفع نحو العبثية المطلقة , فلا يبالي بنتائج اعماله , ان وقع ضررها عليه او على غيره , فهو لا يفكر بالنتائج , كل ما يسعى اليه هو المتعة بأي صورة كانت .
بعض التيارات الفكرية قد تعترض على هذه النقطة , لتقول لا يشترط ان يكون الشخص غير الديني ان يكون عبثيا , فهناك الكثير من اللادينين ليسوا عبثيين , بل ربما كانوا اكثر التزاما وحفاظا على النفس والبيئة من الدينين انفسهم , لذلك يكون الجواب :
أ‌)    التزام اللاديني في بعض الامور لا يعني التزامه في جميعها , قد يكون عقلانيا في بعض التصرفات , لكنه خارج نطاق العقلانية في الكثير غيرها .
ب‌)    قبل ظهور الاديان , او في انعدام وجودها , كانت المجتمعات تعيش في حالات من الفوضى والعبثية , جاءت الاديان لتنظيم شؤون تلك المجتمعات , ولتنهي زمن الفوضى والعبثية , فوضعت مبدأ "الثواب والعقاب" , يثاب المحسن , ويعاقب المسيء , ما ادى الى التشريع للحفاظ على الانفس والممتلكات وتسيير دفة المجتمع بصورة منظمة , بعيدا عن ارتكاب الاخطاء , او التقليل منها , وفقا الى طريقة التشريع او فرضه , بمرور الزمن وظهور المجتمعات الكبيرة , استدعى الامر ضمور او نسخ الشرائع القديمة بشرائع جديدة , تتناسب وتتماشى مع العصر الراهن , ثم تطورت الى قوانين يسنها البشر , وفقا الى المصلحة التي يرتؤونها , بالاعتماد على العقل او المعقول , ودفعا نحو تكامل المجتمع , فما نراه اليوم من القوانين ما هي الا نفحة مقتبسة من الشرائع السماوية , التي يسير على نهجها الدينيون واللادينيون , فالشرائع السماوية يعود لها الفضل المطلق في التزام الفرد بالقوانين او بالخلق النبيل , سواء كان هذا الفرد دينيا مؤمنا , او لاديني غير مؤمن , النتيجة ان هؤلاء اللادينيون (وكذلك الملحدون) يتنعمون بنعمتين هما من نفحات الشرائع السماوية التي ينكرونها :
ب-1- سن القوانين .
ب-2- الاخلاق الحميدة .              
(  لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ) , يشير النص المبارك الى ان الناس سوف يتعرضون الى بعض العقاب , وهذا العقاب ليس من الله جل وعلا , بل ترتب تلقائيا على ما اقترفته ايديهم في افساد الطبيعة , (  لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) , يرجعون بالتوبة , فانهم ان رجعوا الى عقولهم ادركوا ان ما ينالهم من العذاب هو واقع بهم نتيجة اعمالهم ليس الا ! .
الجشع يدفع اصحاب رؤوس الاموال الى الكسب باي صورة , ولو كانت على حساب الاخرين .  

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ{42}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" (  قُل ) , لكفار مكة , (  سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) , جوبوا ارجاءها , (  فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ) , ثم قفوا على عاقبة الامم السابقة من خلال معاينتكم لما تبقى من اطلال مدنهم وما تبقى مما يروى من الحكايا والاخبار عنهم وما جرى لهم وما نزل فيهم , (  كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ ) , كان الاعم الاغلب مشركين , فأهلكوا بشركهم .    

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ{43}
يستمر الخطاب للنبي الكريم محمد "ص واله" في الآية الكريمة (  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ) , الاسلام , أقم عليه وانصب وجهك له , (  مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ) , يوم القيامة , حيث مجيئه حتمي , (  يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) , يتفرقون , فريقا الى النار , وفريقا الى الجنة . 

مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ{44}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ) , وبال كفره عائد اليه في الدنيا والاخرة , فان في ركوب المعاصي التي لا يتورع عنها الكافر اضرارا كثيرة على صحته , وهذا مما أيدته العلوم الحديثة , التي بينت ووضحت مضار شرب الخمر مثلا , وكذلك مخاطر الزنا والعلاقات الجنسية الشاذة , كل ذاك في الدنيا , اما في الاخرة , فان هناك جنة ونار , الجنة لا تدخلها الذوات الطاهرة , التي طهرت وتطهرت في الدنيا , اما النار فهو مكان للذوات التي تعلق بالأوساخ والمفاسد الدنيوية , (  وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) , اما من مل صالح الاعمال يمهدون ويوطئون ويبنون منازلهم في الجنة , ولا يقتصر على جنة في الاخرة , بل وايضا جنة في الدنيا , فيما لو استقامت الدنيا للمؤمنين وتغلبوا على الكفار , وهذا مما لا شك فيه , فالإيمان يدعو بل يفرض الاخلاق الحميدة , ولك ان تتأمل مجتمعا تسوده وتحكمه الخلق النبيل كيف سيكون ؟ ! .     
( عن الصادق عليه السلام قال ان العمل الصالح ليسيق صاحبه الى الجنة فيمهد له كما يمهد لاحدكم خادمه فراشه ) ."تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
 
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{45}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ ) , عليهم , (  إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) , الكافرين في جملة من لا يحبهم الباري جل وعلا , فلا مكان لهم سوى النار .  

وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{46}
تبين الآية الكريمة (  وَمِنْ آيَاتِهِ ) , ومن دلائل قدرته جل وعلا , (  أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ ) , اغلب المفسرين يرون ان الرياح تبشر بالمطر , (  وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ) , بالمطر والخصب وما يترتب عليها من منافع , (  وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ ) , وتجري بها السفن بإرادته جل وعلا , (  وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ) , تجارة البحر , (  وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) , نعمته جل وعلا في كل ذلك .   

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ{47}
تضيف الآية الكريمة (  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ  ) , انه "ص واله" ليس بدعا من الرسل , فقد سبقه الكثير الكثير منهم , (  فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ ) , كل رسول ونبي كان مؤيدا ومظهرا للبينات والحجج البالغة , (  فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) , اهلكنا الذين كذبوهم وحاربوهم وآذوهم وربما قتلوهم , (  وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) , نصرة الله تعالى حقا لا شك فيه للمؤمنين في اي زمان ومكان .

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ{48}
تضيف الآية الكريمة (  اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً ) , تهيجه , ترفعه , (  فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ ) , في الكثرة والقلة وما شابه , (  وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً ) , قطعا متفرقة , متقاربة او مبتعدة , او بعضها فوق بعض , (  فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ) , فتشاهد ان المطر يخرج من خلاله "وسطه" , (  فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) , فرحا بالمطر ومنافعه .     

وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ{49}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ ) , كرر للتأكيد , (  لَمُبْلِسِينَ ) , آيسين من هطول المطر .  

فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{50}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع (  فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ ) , تدبر وفكر وتأمل اثار نعمته جل وعلا في المطر , (  كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) , تحيا به الارض بالنبات وتزدهر وتدب فيها حركة الحيوان , بعد ان اصابها القحط واليباس , (  إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى ) , ان القادر على احياء الارض بعد موتها قادر على احياء الموتى لا محالة , (  وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , بل جل وعلا قادر على كل شيء ليس ذلك فقط .     
 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/10/25



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح298 سورة الروم الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net