هل يسوع المسيح خُلق من زوجين أيضا؟
قبل قليل كنت في غرف البالتاك فدخل علي شخص كان يُدير حوارا مع غرفة مسيحية أخرى وكانت شبهة المسيحيين هي ان القرآن يقول : (ومن كل شيء خلقنا زوجين ). وبما ان يسوع خلق من دون اتصال زوج ثاني بل مباشرة من مريم العذراء اذن فإن القرآن هنا يناقض نفسه ولم يكن صادقا فيما يزعمه.
وطلب مني هذه الاخ ما يرد به عليهم .
فقلت له : ان طرحهم من الاساس خطأ وفهمكم انتم ايضا فهم خاطئ . لأن المقصود بالزوجين الاثنين ليس اتصال الرجل بالمرأة وان صح هذا المعنى في الظاهر ، وإنما هناك شيء آخر وهو أن المخلوقات لا تكون إلا بعملية تلقيح بأي وسيلة. اي يجب ان تكون هناك بيضة وحيمن او شيء آخر يطرق باب البيضة ثم يحدث الحمل وليس بالضرورة ان يتصل الرجل بالمرأة زوج وزوجة رجل وامرأة.
فتلقيح البويضة قد يحدث من دون اتصال بالرجل مثلما نرى الآن التلقيح الاصطناعي ، حيث يتم تكوين طفل في رحم الام عن طريق تلقيح البيضة ، وليس تلقيح المرأة ، وحتى في أنابيب الاختبار يجري ذلك بعيدا عن المرأة والرجل . تؤخذ البويضة من رحم الام ، ويؤخذ الحيمن من الرجل ثم يجتمعان في رحم اصطناعية خارجية ، ثم يتم التلقيح وعندما تنشط البويضة تُنقل إلى رحم الام .
وهذا ما حصل لمريم العذراء فإن الملاك لم ينم معها ابدا ، بل لقح بويضتها بطريقة ما . وهنا يتجسد قول الرب : زوجين اثنين. اي من مادتين تلتقيان فتكونا سبب وجود الطفل. لا بل اننا نرى ان العلم توصل ان يضع جزءا من خلايا الرجل في بويضة المرأة فيحدث اللقاح والانجاب كما في انجاب بعض الحيوانات مثل النعجة (دولي)وغيرها الكثير الكثير حتى انهم انجبوا بشرا بهذه الطريقة ولكنهم لم يعلنوا ذلك.
ثم هناك امرٌ مهم جدا وهو : ان الكتاب المقدس المترجم ، تم ترجمته بطريقة ان المتحاور مع المسيحيين لا يستفيد من الترجمات ولا يقدر ان يسوقها أدلة لان ترجمتها تمت بطريقة احترافية تم فيها تغيير المعاني وقلب المفاهيم لكي لا تخدم احد ابد، وفي كل يوم تظهر طبعة تختلف عن الطبعات القديمة.
فأنا مثلا اجد في الطبعات الآرامية الأصلية اختلافات هائلة بينها وبين الترجمات العربية وغيرها من ترجمات.
واضرب لك مثالا على ذلك .
مثلا القرآن يقول : (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا). (2) اي تجسد لها شخصية ذات جسد ولذلك خافت منه.
بينما إنجيل لوقا الحالي يقول: (( : فدخل إليها الملاك .. فلما رأته اضطربت)) . ولم يُبين النص بأي شكل من الاشكال ظهر ملاك الرب. هل بصورته الملائكية ، ام بصورة بشرية بأي شيء تمثل لها او تجسد. سكتت الاناجيل عن ذلك سكوتا متعمدا . بينما نرى في الطبعة الارامية القديمة يقول : (( وفي الشهر السادس أرسل جبريل الملاك من الله إلى عذراء واسم العذراء مريم فدخل الملاك بهيئة جسمية وقال : سلامٌ لك أيتها المنعم عليها . فلما رأته اضطربت من كلامه فقال لها : لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها انت ستحبلين وتلدين ابنا وتُسميه يسوع فقالت مريم : كيف يكون هذا وانا لست أعرف رجلا؟ فأجاب وقال لها : لأنهُ ليس َ شيءٌ غير ممكن لدى الله)). (3)
ولرب قائل يقول : وما هو الدليل على ان الملاك يتجسد ؟
فنقول له : لأن الانجيل الحالي الطبعة العربية يذكر ذلك في نص واضح كما يقول في إنجيل لوقا 3: 22 (( ونزل عليه الروح القدسُ بهيئةٍ جسميةٍ)).
وكذلك في سفر طوبيا 9: 1، ما يؤكد هذا المعنى فيقول : (( ثم إنّ طوبيا استدعى الملاك الذي كان يحسبهُ إنساناً)).
من كل ما تقدم نفهم شيئا مهما وهو ان عملية الانجاب تتم عن طريق اتحاد عنصرين زوجين اثنين ، وهكذا كان حبل مريم العذراء ايضا حيث حمل لها الملاك المتجسد على صورة البشر حمل الزوج الثاني الذي تحتاجه البيضة للتلقيح فتم اخصاب البيضة وحملت بيسوع المسيح من دون ان يمسها رجل في الظاهر.
هذا ما كتبته له على عجالة والبحث بحاجة إلى توسعة وتأمل اكثر .
المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــــــ
1- سورة الذاريات آية 49.
2- سورة مريم آية 17
3- إنجيل لوقا 1: 27

التعليقات
يوجد 7 تعليق على هذا المقال.
اشكرك اخي الطيب على هذا الكلام الجميل الذي لربما لا استحقه فما أنا لربما إلا (بويحثة) وليست باحثة ، لأن الباحث هو من وجد فاستدل فكتب \ والبويحث هو الذي لا يزال يدرج مع معولهِ منقبّا . وعلى رأي الدكتور مصطفى جواد فلربما يُقال للدجاجة أيضا بأنها (بحّاثة) بتشديد الحاء . فشكرا لما تفضلتم به .
اما بالنسبة للبروفيسور غونار صومويلسون فهو يكتب عادة باللغة السويدية لأنه عميد الدراسات اللاهوتية في جامعة اوبسالا في السويد، وقليلة هي كتاباته في بقية اللغات وقد ترجمت له قناة الجزيرة العربية بعض السطور من كتابه ذي الـ (600) صفحة والذي ينكر فيه ان يكون المسيح قد صُلب وهذه جرأة لم يعهدها عالم المسيحية الذي ارتبك كثيرا بسبب مقالات بعض اللاهوتيين وبحوثهم ومن بينهم مثلا غونار السويدي ، وماكلوين الامريكي و إيزابيل الآشورية ــ العراقية ـــ وشلونجر الالماني و دونبس وغيرهم ممن بدأ في مهمة تنقية التوراة والانجيل وما كُتب حولها من ابحاث ودراسات وتفاسير . والفرق بيني وبينهم ، انهم يكتبون للمسيحية ومن اجل المسيحية ، اما انا فأكتب للمسيحية من اجل الحقيقة اينما اجدها فاقارن بين ما في المسيحية واليهودية وما عند المسلمين واضع ما اجده حتى لو خالف ما اعتقده لانه حق يجب عدم كتمانه ، وهذا يتطلب شجاعة على المواجهة واستعداد للحوار انطلاقا من قوة الحجة وباختصار اقول الحال لا يعرفه من يقع خارج الدار .
تحياتي اخي الطب واسأل الرب لكم فهما واسعا وعلما نافعا
إيزابيل .
عذرا اني لم اجد الكثير لابحاث الباحثين "علي حيدر وغونار صومويلسن" ...
لغتي الانجليزيه رديئه للاسف
لم انجح في الحصول على مواد مترجمه للبروفيسور غونار صومويلسن..
سابذل جهدا في ايجاد او ترجمة بعض ابحاثه..
اطالع كثيرا ما قمت بكتابته..
استطيع ان اقول ان ثقافتي ومفهومي لسنة الله للانسان تاثرت كثيرا
استطيع ان اقول انني افرق بين مفهومي الايماني يختلف ما بين قبل الاضطلاع على كتابات ايزابيل لما بعد الاضطلاع على كتاباتها..
اي انه "شكرا لفضلك" هي حتميه عندي
شكرا لفضلك
حفظك الله