تكتل سعد الحريري .. بانتظار فصول مسرحية جديدة !
علي جابر الفتلاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي جابر الفتلاوي

المراقب السياسي المعتدل يستطيع ان يقول عن الحكومة اللبنانية الحالية أنها معتدلة ، وغير منحازة لهذا الطرف أو ذاك ، كما أنها حريصة على وحدة ومصلحة لبنان وشعبه ، جماعة ما يطلق عليهم في الوسط السياسي اللبناني ( جماعة 14 آذار ) التي تضم حزب سعد الحريري ، وسمير جعجع ، وآخرين ، وكلهم محسوبون على الخط السعودي القطري ، المدعوم من دول المحور الامريكي الغربي .
هذه المجموعة السياسية التي هي الان في موقع المعارضة ، لا يروق لهم الخط المعتدل الذي تنتهجه الحكومة اللبنانية الحالية ، وألتزامها بعدم التدخل في ألأزمة ألسورية ، سيما وأن خط سعد الحريري السياسي منحاز بشكل كامل لصالح المسلحين الذين يقاتلون لأسقاط النظام في سوريا بقوة السلاح ، وغالبية هؤلاء المسلحين من السلفيين المتطرفين المدعومين من تركيا والسعودية وقطر ، وبقية دول المحور الأمريكي المتهادن والمتعاون مع الكيان الصهيوني .
ووفق هذه المعادلة ، اصبحت الحكومة اللبنانية الحالية في معايير الجهات السياسية اللبنانية الداعمة للمسلحين في سوريا ، عدوة لخطهم لذا فأنهم ينتهزون أي فرصة للأنقضاض عليها ، لأبدالها بحكومة تنحاز لصالح المسلحين في سوريا ، وهذا يعني انها ستقف بالضد من مشروع المقاومة في لبنان والمنطقة ، وحينئذ سيرضى الفريق السياسي الذي يقوده سعد الحريري عن هذه الحكومة ويدعمها ، كذلك ستلقى الدعم من السعودية وقطر وتركيا والكيان الصهيوني ، وبقية دول المحور الامريكي الصهيوني .
أما الخط السياسي الآخر في لبنان والمتمثل بحزب الله ، ومن يقف معه في التوجهات من السياسيين اللبنانيين الاخرين ، فهذا الخط معروف عنه أنه يتبنى خط المقاومة ضد الكيان الصهيوني ، ولو أن هذا التوجه يعتبر عيبا ومنقصة في عرف اتباع الخط المتهادن مع الكيان الصهيوني ، ويعتبر هذا التوجه جريمة في قوانين دول المحور الامريكي الصهيوني ، والذي يضم دول النظام العربي ايضا ، وبما أن سوريا بسيئات نظامها ضد الشعب السوري ، تعتبر خارجة عن طوع وأرادة الخط المتهادن مع أسرائيل ، لذا فهي عدوة لدول المحور الامريكي الصهيوني ، لأنها تدعم خط المقاومة ضد أسرائيل وتتعاون معه ، ولهذا السبب ايضا يقف الخط السياسي اللبناني المقاوم معترضا على تدخل الطرف السياسي الاخر المدعوم من السعودية وقطر وتركيا ، يقف معترضا على تدخل هذا الخط في سوريا ، ويقف ايضا ضد كل ألوان التدخل الخارجي في سوريا ، لأن هذا التدخل يريد تغيير هوية النظام ، من نظام مقاوم الى نظام مهادن كغيره من الانظمة الموجودة في الساحة السياسية العربية وهذا التغيير ضد مصلحة الشعب السوري ، وضد أرادته الطامحة للتغيير السياسي سلميا بعيدا عن التدخلات الخارجية ، من أجل ان يكون الشعب هو صاحب القرار في التغيير، وفي أختيار الحكومة التي يريد ، وليس المسلحون المدعومون من خارج الحدود ، أضافة الى ان الشعب السوري يريد بقاء هوية النظام المقاومة للعدو الصهيوني ، سيما وأن الجولان السورية لا زالت تحت الاحتلال الصهيوني ، لكن الحركة المسلحة في سوريا تريد تغييرهوية النظام بقوة السلاح لصالح الدول المهادنة الداعمة لهم ، وهذا ما لا يوافق عليه الشعب السوري ، وكذلك لا يوافق عليه الخط السياسي اللبناني الذي يقود المقاومة ويدعمها ضد الكيان الصهيوني ، لهذا السبب لا يؤيد الخط السياسي اللبناني الداعم للمقاومة على أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في سوريا ، لأن التدخل يعني قتل روح المقاومة ، ويعني خسارة جبهة مهمة من جبهات المقاومة ، وهذا مما يؤثر على المقاومين من مختلف التوجهات والجنسيات ، عليه فأن الخط السياسي اللبناني المقاوم ضد التدخلات الخارجية في الشأن السوري من أي طرف جاءت ، وفي نفس الوقت هو مع الشعب السوري في تطلعاته نحو التغيير السلمي الديمقراطي ، مع ضمان الحرية لجميع أبناء الشعب السوري بمختلف طوائفهم .
من هذه المعطيات نستخلص وجود خطين سياسيين في لبنان ، خط سعد الحريري ، وسمير جعجع ، وهذا الخط يسعى لأسقاط الحكومة اللبنانية من جهة ، ويسعى للتدخل القوي في الشأن السوري لصالح المسلحين من جهة أخرى ، والخط الآخر الذي يقوده حزب الله ، وهذا الخط يدعم المقاومة ضد الكيان الصهيوني ، ويؤيد الحكومة اللبنانية كونها معتدلة وضد التدخل في سوريا ، والساعية للحفاظ على موقف لبنان غير المنحاز لهذا الطرف او ذاك .
بالنسبة للخط السياسي ألأول بقيادة سعد الحريري وسمير جعجع في حسابات هذا الخط أن أي تأزيم في الساحة اللبنانية سيخدمهم في أتجاهين ، ألأتجاه ألأول لأسقاط الحكومة اللبنانية التي لا تسير وفق ما يشتهون ، والأتجاه الاخر يتصورون أن ألتأزيم في الساحة اللبنانية ، سيخدم توجهاتهم لدعم المسلحين في سوريا ، أتباع هذا الخط يعلنون عداءهم للحكومة لهذين السببين ، موقف الحكومة الملتزم بالحياد في القضية السورية ، لا يروق لهم ولا يخدم مخططهم المهادن والمتعاون مع الخط الامريكي الصهيوني ، اذن أتباع هذا الخط يبحثون عن ألأزمة في أي زاوية من زوايا لبنان ، لانهم يعتقدون أن التأزيم يخدم مخططاتهم ، لهذا أندفع أتباع هذا الخط بقوة لأستغلال جريمة أغتيال وسام الحسن القائد العسكري اللبناني ، واتخذوا منها ذريعة لأسقاط الحكومة اللبنانية ، وفعلا هاجموا السراي الحكومي ، واعلنوا لوسائل الاعلام أن الحكومة ستسقط في هذا اليوم ، لكن الجيش اللبناني أحبط مخططاتهم ، حساباتهم هذه المرة جاءت خاطئة ، أذ تقاطعت مع حسابات الدول الكبرى التي رأت أن أسقاط الحكومة لا يخدم لبنان أذ سيقود الى فراغ سياسي ، ولا يخدم ألأزمة في سوريا ، ولا يخدم مصالح هذه الدول المعترضة ، لذا أعترضت امريكا والدول الغربية ، وكذلك روسيا والصين على محاولة أسقاط الحكومة من قبل تيار سعد الحريري ، هذا الموقف اربك سعد الحريري وتياره المتعاون مع السعودية وقطر، ووجه لطمة قوية له ولتياره المهادن الذي اراد أستغلال التأزيم في لبنان لصالح مخططاته ، ولتحقيق مصالح حزبية ضيقة ، وبذلك أنكشفت اللعبة وأسدل الستار على هذه المسرحية ، على أمل انتظارفصول مسرحية جديدة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat