اليقظة الفكرية تذهيب منارتي العتبة العباسية دليلا
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

شعرت ببهجة اللقاء به ، بعد الاصبوحة الجميلة التي قدمها والتي اختصت بالتوجه الاستباقي للمؤسسات الإنسانية ، قبلت دعوته وفي نيتي مناقشته عن الرؤى الاستباقية التي لا تكون الا عن يقظة فكرية ، أجابني :ـ نعم أنا معك لكن عن أي يقظة تتحدث وهناك يقظة تنافسية ويقظة تجارية ويقظة علمية .
- أنا أتحدث عن اليقظة الفكرية لمؤسسة إنسانية ملتزمة ، دعني أحدثك عن العتبة العباسية المقدسة لأنها انتمائي الحقيقي ، بعد تولي المرجعية المباركة للعتبات المقدسة ، كانت مسؤولية النهضة عامرة للنهوض بالواقع الخدمي سعياً للارتقاء الى سمو المقام ؛ لذلك كان النهج العمراني هو الهوية .
أجابني متحمساً :ـ عليك أن تدرك إن للإيمان بالله دوراً مهماً وخدمة مراقد أهل البيت (عليهم السلام) جوهر روحاني؛ لأن موقفها من التطور ضمن القدرات التابعة لحدود التوقع ، مثلاً سأحدثك عن مشروع تذهيب منارتي صحن أبي الفضل العباس كان يعد من الأحلام الصعبة ، لأن التبرير الذي ورثناه لا يجيز لنا ان نقارن منائر صحن العباس بمنائر صحن الحسين (عليهما السلام) ، وهذا يرتكز على الفهم العام لمعنى التبجيل ، قلت عليك أن تعرف أن في أكثر من مناسبة عبر المتولي الشرعي السيد أحمد الصافي عن ثلاثة مرتكزات فكرية مهمة ، وهذه دلائل اليقظة التي حاورتها انت اليوم .
( أولا ) هذا عذر لمن لاتصل يده لتذهيب المنارتين .
( ثانيا ) العتبة العباسية المقدسة تسعى دائماً لتمييز المرقد الشريف للحسين عن أخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام . ( ثالثا ) نحن نؤمن بأن أي بصمة جمالية تضاف لمرقد أبي الفضل العباس تفرح قلب الحسين عليهما السلام ،وتكسب رضاه المقدم على رضا الجميع ، وهذا ما دار في محفل افتتاح منارتي العباس عليه السلام ، أبتسم لي حينها وقال :هذا الذي شخصته في محاضرتي عن اليقظة الإيمانية التي تفتح طاقة الأمل بعدما تدرس محاور كل مشروع ، هناك إيمان بان الكفاءات العراقية ، لها القدرة للوصول إلى أبعد ما يمكن أن يتصوره عقل إنسان ، وأما في الإرادة العراقية ، لو تتذكر معي إن هذا الموضوع ناقشه سماحة السيد الصافي في يوم محفل تذهيب المنارة وكان له رأياً مهماً . إن أكثر من (2500) طبيب أخصائي عراقي في أمريكا ، وأكثر من 400 طبيباً عراقياً في لندن ، وهناك إحصائية تبين إن كل سبعة أطباء في لندن فيهم عراقي ، كان حديث الأستاذ معي ليس حديث مشاعر بل هي رؤى علمية ، لا علاقة لها بالترجيح والتبجح بل هي محاولة لتعميق وجهة النظر ، وإذا به يفاجئني وهو يرتشف الشاي موجهاً أنظاره نحوي ، وكأنه كان يبحث عني منذ زمن ، شعرت بالبهجة أمام المفاجئة الحقيقية ، هو يرى أنها ليست وجهات نظر بل هي رؤى ضميرية فاعلة ، العتبة العباسية المقدسة وبقية العتبات المقدسة يعملون لتغيير جذري . قلت له :ـ إن بحثك اليوم كان معبراً عن هذه الفكرة .
فقال : استلهمت الرؤية من محفل تذهيب منارتي العتبة العباسية يعمل سماحة السيد الصافي على استقدام الطاقات العراقية، بعدما توفر لهم العتبة كل ما يمكن أن توفره لهم الحكومة المركزية . ابتسم بوجهي مفكراً ثم قال أتعرف ماذا يعني هذا الكلام ؟
صرت أكتفي بالصمت والانصات إليه ورؤيته منفعلاً منصهراً في ذاته، يحرك يديه بقوة أثناء الحديث وملامح وجهه وإيماءات يديه كأنها هي الأخرى تتحدث لي بلغة أخرى ، يعني إن العتبة العباسية المقدسة شدت العزم على أن يكون عملها ضمن دائرة الهوية العراقية بكل استطاعتها . رأيت أن الإدراك الذي يمكن الإنسان قراءة الأمور الفكرية بهذا الوعي هو تفوق . أنا أتحدث عن محاورة دارت قبل ما يقارب الأربعة عشر عاماً ،بمعنى كان وجود تحديات المرحلة . ممن يتقوقع داخل الواقع بكل ما يملك من سلبيات ، يتكييف معها حتى يعجز عن رؤية المستقبل باطر النهضة الحقيقية ، اليقظة تعني رؤية الواقع رؤية استباقية بما يجب أن يكون ، الهوية العراقية وإن عانت خلال عقود من تعسف الأنظمة السياسية ، يمكن للطاقات الوطنية أن تنهض بالصبر والاستعانة بالخبرات والتنسيق مع خبرات أخرى . الأهم هو التشجيع المحفز ، وتجاوز العقبات . كانت العتبة العباسية ترى بوادر الأمل والنجاح بوضوح ، هذه المحاورة توقد بي جذوة التفكير ، في أكثر من محور يبعث روح اليقظة في كل من يعمل في كربلاء ، أن يبذل كل طاقته من أجل كربلاء المدينة المقدسة و النظر إلى كربلاء خارج حدودها الجغرافية فهي مدينة كونية ، هذه الرؤية إيمان ، وهذا الإيمان هو الذي أنتج مشاريعاً توهجت بالصبر والصلاة ، انتهت المحاورة وذهب الرجل الى مرتقاه وما زال اللقاء يعيش في داخلي ببهجة وعي صبور.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat