صفحة الكاتب : زاهر حسين العبدالله

حوارية (١٥٧) كيف أستعيد شغفي بالقراءة؟
زاهر حسين العبدالله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

☝️السائل: 

 كنت أحب القراءة وأقرأ بعض الصحف والمجلات، لكن بعد انتشار الهواتف الذكية، لم يعد الكتاب يبقى في يدي إلا قليلًا، وأملّ بسرعة... فكيف أستعيد شغفي بالقراءة من جديد؟

 

✋ الجواب – بسمه تعالى:  

إن الفتور عن القراءة في زمن الانشغال بالشاشات الذكية لا يعني موت الشغف الذي تربَّيت عليه من مطالعة الكتب، بل هو غلبة الضجيج على الهدوء الذي تحتاجه الروح لتتذوق المعرفة. فالنفس بطبيعتها تميل إلى السهل والسريع، لكن غذاء الفكر يحتاج إلى صبرٍ وتدرّجٍ وبيئةٍ هادئة.

قال تعالى:

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ (العلق: 1)  هذه أول آية نزلت من الوحي، لتعلن أن طريق الارتقاء يبدأ بالقراءة، وأن أول صلةٍ بين السماء والأرض كانت عبر الكلمة وطلب المعرفة.

وقال تعالى أيضًا:

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: 9)  فالعلم نور، والقراءة مفتاحه، ومن هجرها عاش في ظلمة الوهم والسطحية.  وخطر «الوجبات المعرفية السريعة» التي تقدّمها الشاشات أنها تمنح إحساسًا زائفًا بالمعرفة، دون عمقٍ أو رسوخٍ في الفهم؛ فهي كالكتابة على سطح الماء، لا تترك أثرًا.

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله:

«اَلْجُلُوسُ سَاعَةً عِنْدَ مُذَاكَرَةِ اَلْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ قِيَامِ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُصَلَّى فِي كُلِّ لَيْلَةٍ أَلْفُ رَكْعَةٍ، وَالْجُلُوسُ سَاعَةً عِنْدَ مُذَاكَرَةِ اَلْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَلْفِ غَزْوَةٍ، وَقِرَاءَةِ اَلْقُرْآنِ كُلِّهِ...» (١)  ففي المدارسة والمطالعة حياةٌ للفكر، وتجديدٌ للروح، وإحياءٌ لمعالم الدين.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام:

«كَفَى بِالْعِلْمِ شَرَفًا أَنْ يَدَّعِيَهُ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ، وَيَفْرَحَ بِهِ إِذَا نُسِبَ إِلَيْهِ، وَكَفَى بِالْجَهْلِ ذَمًّا أَنْ يَبْرَأَ مِنْهُ مَنْ هُوَ فِيهِ» (٢)  فالعلم محبوب حتى في القلوب الغافلة، فكيف بمن ذاق حلاوته حقًّا؟

🌸 العلاج لمعاودة القراءة من جديد: 

 ابدأ بخطواتٍ بسيطة: اختر كتبًا خفيفة في مواضيع قريبةٍ من نفسك، وخصّص وقتًا ثابتًا للقراءة بعيدًا عن الشاشات الذكية، ولو عشر دقائق يوميًا.  ثم اجعل القراءة عبادةً تأملية، تبدأها بالبسملة وتنهيها بشكرٍ على ما فهمت، وسترى كيف تتفتح فيك ينابيع جديدة من الفهم والإلهام.

وحين نتأمل الروايات الشريفة نجد وصايا كثيرة من النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرة تحثّ على طلب العلم والمذاكرة، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله:

«طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» (٣)

فكل لحظةٍ تقضيها في طلب المعرفة تُخلّد أثرك في الأرض والسماء. ومع الوقت، ستكتشف أن الكتاب ليس أوراقًا تُقلب، بل نافذةٌ تُطلّ منها روحك على عوالم أرحب، وتستنشق عبرها نَسيم الوعي والسكينة.

في صفحات الكتب تتقلب في عقول الكُتّاب الذين سطّروا تجاربهم، فتلامس خلاصات أعمارهم، وتستلهم من معين علمهم، فتعيش رحلة اكتشافٍ مستمرة ومشوّقة لا تنتهي.  فابتغِ في كل ذلك رضوان الله سبحانه وتعالى، والحمد لله رب العالمين.

📚 المصادر: 

(١) جامع الأخبار، ج١، ص٣٧. 

(٢) منية المريد، ج١، ص١١٠. 

(٣) العلم والحكمة في الكتاب والسنة، ص٢١٨.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زاهر حسين العبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/10/18



كتابة تعليق لموضوع : حوارية (١٥٧) كيف أستعيد شغفي بالقراءة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net