الجمهور الرياضي السعودي سهم موجَّه بعناية ضد الجمهور العراقي
علي الخالدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي الخالدي

انتهت قبل يومين مباراة الملحق النهائي لتصفيات كأس العالم 2026، التي أُقيمت في السعودية، بتأهّل المنتخب السعودي على حساب المنتخب العراقي بعد فوزه (1-0).
كرة القدم ليست بريئة من تأثيرات السياسة، ولا تخلو من تمرير بعض مشاريع الحكومات من خلالها، خصوصًا عندما تأخذ طابع الحماس العسكري لدفع الجماهير نحو الضغط على فرقها, حتى في مصطلحات المعلّقين الرياضيين، بدأت اللغة تأخذ طابع الحروب والمعارك والرعب، فتُستخدم كلمات مثل: "سحق"، "قتل"، "فجّر"، "دمّر" — لإضفاء جوٍّ من التشويق والتوتر طيلة التسعين دقيقة.
خلال العقدين الماضيين، أخذت الرياضة منحًى سياسيًا واضحًا، تُستخدم أحيانًا كأداةٍ لمحاصرة بلدٍ ما, أو لتحطيم مجتمعه نفسيًا، سواء بمنعه من المشاركات أو باستهداف شعبه وجمهوره بألفاظ التنمّر والسخرية والاستهزاء، به أو بمعتقده, وهذا ما لوحِظ مؤخرًا في استهداف المجتمع العراقي, خلال السنتين الماضيتين، بهتافاتٍ تمسّ نسيجه الاجتماعي وتحاول توهين هويته المقاومة.
وبالعودة إلى سجلّ هذه الاستهدافات خلال العامين الأخيرين، فقد قام الجمهور الرياضي الأردني آنذاك بشتم الشعب العراقي بهتافاتٍ مثل: "يا عراقي يا قواد ارجع على بغداد" وقبل يومين، أعاد الجمهور الرياضي السعودي المشهد ذاته بهتافاتٍ من نوع: "كسرنا باب كربلاء" والجدير بالذكر أن هناك جماهير عراقية كانت قد هتفت في السابق، قبل ثماني سنوات، للمنتخب السعودي بعبارة: "دارك يا الأخضر". كما هتفت جماهير أخرى ضد إيران بشعار: "إيران بره.. بره".
يتبيّن من جميع هذه الهتافات أنها ليست عفوية، بل مؤدلجة ومدروسة، الهدف منها توهين الجمهور العراقي في الخارج، مقابل رفع شأن الحضور السعودي في العراق، عبر محاولاتٍ ممنهجة لسحق الهوية الوطنية العراقية المتمثّلة في "التشيّع"، وهو ما أقرّ به الجمهور السعودي نفسه عبر صرخات "كربلاء" والتنمّر على "زيارة الأربعين".
إن هذا التوجّه الجماهيري يندرج ضمن ما يُعرف بـ"الحرب الإدراكية"، التي تستهدف ضرب الوعي الذاتي للإنسان, وما تقوم به السعودية والإمارات يُصنَّف ضمن "الاختراق الإدراكي الناعم"، الذي يُدار عبر مؤسساتٍ حكومية ضخمة ومراكز إعلامية تتستّر بالمهنية، بعضها داخل العراق وبعضها خارجه.
إن هوية العراقي معروفة لدى الأعراب منذ القدم، وهي أنه "شيعيّ" مهما اختلف موطنه — سواء كان من الموصل أو من كردستان او البصرة او بغداد— لأن عنصر الرفض والمقاومة هو الغالب على جنسه وانتمائه.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat