الى زائرة ... مع التقدير
بتول ناصر وادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بتول ناصر وادي

هل جربتِ أن تقفي أمام المرآة، لا لتضبطي حجابك… بل لتسألي نفسك: لماذا أذهب للزيارة؟
أحقًا لأجل الحسين؟ أم لأجل أن أُرى أني ذهبت للحسين؟
في زمن السوشيال ميديا، ما عدنا نذهب وحدنا…
نأخذ معنا عدسة الهاتف، ونفسًا تبحث عن إعجاب، وصورة تحتاج تعليقًا يوصل "رسالتنا الروحية" لمن لا يعرف عمقنا!
لكن، لحظة…
الزيارة ليست بطاقة دخول إلى إعجاب الناس، بل تذكرة خفية إلى حضرة الغيب.
وهل يحتاج الإمام أن نُثبت له حضورنا؟ أم يحتاج الله أن نُخبره بأننا بكينا على حسينه؟
إنها دعوة إلى التخفف من الأنا، والذوبان في معنى أعمق من المشهد.
الزيارة ليست مشيًا على الأرض… بل عبورٌ إلى الداخل
الزيارة مرآة تكشفكِ قبل أن تُظهر غيرك.
هي اختبار صامت: من التي أقبلتِ اليوم؟
نقابٌ يطفئ ضوء الفتنة؟ أم عينٌ تُلونه بالكحل والعدسات؟
حجابٌ يستحي من زينب؟ أم غطاءٌ يتمايل على الحواف؟
فمن الناس من يزور الحسين…
ومن الناس من يمرّ على الحسين دون أن تُفتح له الأبواب.
الزيارة ليست دعوة عامة… بل استقبال خاص، لا يمنحه الإمام إلا لمن فيهم حرمة اللقاء.
الزيارة ليست حجابًا… بل حياء
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
"من زار الحسين عارفًا بحقه، فكأنما زار الله في عرشه."
عارفًا… لا مُتزينًا.
صادقًا… لا مُفتعلًا.
فهل يعقل أن نقف أمام حفيد فاطمة، ومظلوميته لا تزال تنزف، ونحن نرتدي ما يُلفت، وننشر ما يُثير؟
هل نُبكيه أم نؤذيه؟
الزيارة ليست حضورًا جسديًا… بل امتحان روحي في ميزان الحياء.
الزيارة ليست منشورًا… بل نية
لنكن صادقات…
ما الذي يدفع بعض الفتيات لنشر صورهن أثناء الزيارة؟
هل هي رغبة خفية في أن يُقال: "انظري كم هي جميلة حتى وهي محجبة!"؟
يسمّي علم النفس هذا بـ"التمثيل الرمزي للهوية"، حين تتحوّل العبادة إلى عرض، والخشوع إلى لقطة مؤثرة.
الزيارة ليست مشهدًا نُخرجه… بل موقفًا نعيشه.
الزيارة ليست نقابًا… بل نُسك
كم من فتاة تخفي وجهها… لكن تُعلن عينيها بما يكفي لإشعال ألف سؤال؟
كحل، عدسات، حاجب مصقول…
ثم تكتب: "اللهم احفظني من الفتنة!"
وأنتِ يا عزيزتي، صرتِ فتنة دون أن تدري.
النقاب الذي يُستخدم للزينة… كمثل ستارة شفافة على نافذة مضاءة!
الزيارة ليست تغطية ملامح… بل تربية ملامح.
الزيارة ليست ("كلهم يسوون هيچي"..). بل "أنا أعرف ما أفعل"
هكذا تبدأ العدوى…
صورة واحدة، تتبعها موجة، ثم يُصبح الشاذ مألوفًا، والمألوف غريبًا.
فتتحوّل العباءة من رمز إلى موضة، والحجاب من طاعة إلى ستايل.علم النفس يقول: السلوك الذي يُكرَّر يُقبَل… وإن كان في باطنه خطأ.الزيارة ليست تبعية اجتماعية… بل ثباتٌ في القيم.
الزيارة ليست مسؤولية الفتاة وحدها
لا نحمّل الفتاة كل اللوم…
فذلك الشاب الذي يُعجب ويُصفّق ويعلّق… شريك.
وتلك الأم التي تفرح بصورة ابنتها المنتشرة… شريكة.
والصديقة التي تقول: ("مو مشكلة، خفيف هالمكياج!")… شريكة.
والمجتمع الذي صمت… شريك في صياغة الهاوية.
الزيارة ليست قرار فتاة فقط… بل ضمير أمة.
الزيارة ليست وعودًا… بل وفاء
في زمن الانتظار، تتكاثر العبارات: "يا ليتنا كنا معكم"، "اللهم اجعلني من أنصار الإمام".
لكن الإمام لا يريد صورًا مفلترة… بل أرواحًا نقية.
قال (عجل الله فرجه): "فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه..."
فيا من تريدين أن تكوني معه، كوني له.
الزيارة ليست تمنيًا… بل استعدادًا.
الزيارة ليست زينة… بل سكينة
الكحل ليس نورًا إن أُضيف لزينة باطلة.
العباءة ليست عباءة إن لبستها العين لا الروح.
والزيارة… ليست استعراضًا، بل انكسارًا أمام مقام لا يحتمل الزيف.الزيارة ليست صورة تحفظها ذاكرة الهاتف… بل دعاء تبتسم له السماء.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat