التاريخ يصرخ: من قتلني؟!
بتول ناصر وادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بتول ناصر وادي

(أيها القارئ… لا تتقدم خطوة أخرى قبل أن تأخذ نفسًا عميقًا. ما ستقرؤه ليس مجرد رواية للتاريخ… بل فضيحة! جريمةٌ مكتملة الأركان! عملية اغتيال استمرت قرونًا، والقاتل؟ لا يزال بيننا!)
أنا التاريخ، الصوت الذي لا يموت. لا أكذب، لا أتجمّل، لكنني أُعذَّب، أُشوَّه، أُقطع أوصالي كلما نطقتُ بالحقيقة. اليوم، سأتحدث… سأفضح أكبر تزويرٍ في صفحاتي، جريمةً لم تُرتكب بالسيف، بل بالحبر، بالتشويه، بالكذب الممنهج!
الضحية؟ الإمام الحسن بن علي. الجريمة؟ نهبوا ملامحه، قسّموا صورته، جعلوه رجلاً لا يُشبه نفسه!
هل أنتم مستعدّون؟ جيد… لأننا على وشك اقتحام أكبر تزوير في التاريخ!
---
المجرمون يحاكمون الكرم…!
رأيته بعيني… كرمه لم يكن مجرد سخاء، كان فلسفة، كان ثورة!
لم يكن يعطي لأنه يملك، بل لأنه يرى أن المال لا يُقاس بالقيمة، بل بالأثر. كان يُخرج المال من يده كأنه ماء، لا يحصي، لا يتردد، لا يتغير لون وجهه وهو يعطي…
لكن، لحظة! انتظروا!
لماذا لم نجد هذه الروايات تُروّج كما رُوّجت أكذوبة الإسراف والتبذير؟ لماذا لم يُصوَّر الإمام الحسن كقدوة للكرم، كما صُوّر آخرون؟
لأنها الحقيقة… والحقيقة تُخيفهم!
لقد أرادوا تصوير الإمام الحسن كرجل مترف لا يُحسن التدبير، بينما في الواقع، كان معاوية هو من يبذّر أموال المسلمين لشراء الذمم!
يقول الإمام الحسن (عليه السلام): "إني رأيتُ المعروف لا يتم إلا بثلاث: تصغيره، وستره، وتعجيله، فإنك إذا صغرته عظم عند من تسديه إليه، وإذا سترته تم عند الله، وإذا عجلته هنّأته النفس." (تحف العقول)
إذن، من هو المبذّر؟! رجل يرى الكرم مسؤولية وفضيلة، أم رجل يرمي المال كما تُرمى الحصى ليشتري به الضمائر؟
الفضيحة الكبرى… الحسن مزواج؟!
والآن… إلى المشهد العبثي التالي.
الإمام الحسن، رجل الله، ابن الزهراء، قائد المسلمين… فجأةً، يصبح في كتب مؤرخي البلاط رجلاً غارقًا في الزواج والنساء!
قالوا إنه تزوّج العشرات، بل المئات، كأنما كان مشغولًا بعدّ عقود الزواج أكثر من قيادة الأمة!
لكن، فلنفكر للحظة…
أين أبناؤه إذن؟!
يروي اليعقوبي في تاريخه أن الإمام الحسن لم يكن له سوى عدد محدود من الأبناء، ولو كان قد تزوج بمئات النساء كما يزعمون، لكانت ذريته بالمئات أيضًا!
أين صراعات الزوجات؟!
في كل قصص تعدد الزوجات، نجد التنافس والمشاكل، خاصة في بيوت الحكام، لكن في حالة الإمام الحسن؟ لا شيء! وكأن جميع زوجاته كنّ ملائكة!
أم أن القصة كلها كذبة؟!
الإجابة واضحة…
لقد كان الإمام الحسن خطرًا على حكم معاوية، لم يستطع قتله بالسيف، فأراد قتله بالسمعة! أراد أن يُسقط هيبته، أن يجعله في نظر الناس رجلاً منشغلاً بشهواته، لا يصلح للقيادة!
ولكن، لنستمع إلى الإمام الحسن بنفسه وهو يقول:
"ما تَشاوَرَ قَومٌ إلاّ هُدوا إلى رُشدِهِم، وما هلك امرؤٌ عن مشورةٍ." (تحف العقول)
هذا رجل شغله الأول الحكمة والمشورة، لا مطاردة النساء كما زعموا!
صلحٌ أم خيانة؟!
وهنا نصل إلى الضربة القاضية… صلح الإمام الحسن مع معاوية.
ما أسهل أن تقول: "تنازل… سلّم الحكم… كان ضعيفًا!"
ولكن، قبل أن تُطلق الحكم، اسمع القصة من البداية…
حين استُشهد الإمام علي (عليه السلام)، ورث الإمام الحسن جيشًا ممزقًا، نصفه خونة، نصفه جبناء، ومعاوية كان يشتري القادة كما يُشترى العبيد!
هل تقاتل بجيشٍ يُباع ويُشترى؟!
الإمام الحسن رأى الحقيقة التي لم يرها أحد… معاوية لم يكن يريد حربًا، بل كان يريد أن يُظهر الحسن كالمعتدي!
فماذا فعل الإمام؟
أجبره على صلحٍ بشروطٍ تفضحه!
جاء في الإرشاد أن من شروط الصلح:
1. أن يكون الحكم للحسن بعد معاوية، فإن مات الإمام الحسن، فليس لمعاوية أن يعيّن أحدًا من بعده.
2. أن يأمن شيعة علي، ولا يتعرض لهم بأذى.
3. أن يوقف معاوية سبّ الإمام علي (عليه السلام) على المنابر.
لكن، ماذا فعل معاوية؟
بمجرد أن وقع الاتفاق، رماه تحت قدميه وقال أمام الجميع: "كل شرطٍ اشترطه الحسن، فهو تحت قدمي!"
ثم بدأ في قتل أصحاب الحسن واحدًا تلو الآخر!
الآن، أخبروني…
من الخائن؟ من الضعيف؟ من الذي خسر فعلاً؟!
لماذا هذا مهم اليوم؟
قد يسأل أحدكم: ما أهمية هذا الآن؟! لماذا يجب علينا تصحيح التاريخ؟!
لأن الكذب لم يتوقف!
لأن الطريقة التي صُوِّر بها الإمام الحسن (عليه السلام) ما زالت تؤثر علينا اليوم!
كيف يمكن أن نستلهم القيادة من رجل تم تدمير صورته عمدًا؟
كيف يُحارب الكرم ويُوصف بالسذاجة، بينما يُصنع للطغاة تاريخ من الحكمة والدهاء؟
كيف تُغتال الشخصيات العظيمة أخلاقيًا عندما لا يمكن قتلها جسديًا؟
ما حدث للإمام الحسن (عليه السلام) ليس مجرد تزوير في كتاب تاريخ، بل نموذجٌ لما يحدث حتى اليوم.
عندما يريدون إسقاط قائدٍ نزيه، يتهمونه بالعجز… عندما يخشون شخصية عظيمة، يشوهون سمعتها… وعندما لا يقدرون على هزيمة الحق، يحاولون إعادة كتابته!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat