ترتكز نصوص الكاتب شوقي كريم حسن على هذا زمكانية متحركة ،اي زمان كان واي مكان الا في هذا النص الزمان نيسان 2002 م والمكان كنيسة المهد ايام الحصار وهذه الزمكانية ستكون مغرية بالنسبة لكاتب يمتلك لغة شعرية عالية في حواراته والقارئ يبحث في العناصر التي تشكل لغة الحوار منها الرؤى الفلسفية العامرة في تجربته وهذه الفلسفة لم تكن استعراضية بقدر ما هي بنية فاعلة قادرة على خلق مضامين دلالية ومفاهيم او قيم وعظية تبحث في مقومات الخوف كواقع معاش والخواص كواقع متخيل يمثل الحلم
(عيسى: ــ انتبهوا لا لا يضلكم احد)
ما الغاية التي تجعله يذهب الى افعال الامر والنواهي وهو كاتب تميز بلغة احتجاجية في جميع نصوصه المعتمدة على التقاء وجهات النظر المتباينة القائمة على اللغة والتأويل بهدف التأثير والاقناع ،(نواف ) يجاهر بخوفه
:ـ (وكل هذا الوجع والانتظار وتحدثنا عن اخرة اخرى؟)
الحوار منجم من الكلمات المعبرة عن الافكار وعن الآراء والمفاهيم والامزجة يرى (يحيى)أحد شخصيات النص :ـ ان الخوف لا يرتبط بالموت وحده، ثم سبل كثيرة حين يسلكها المرء يجد ان الخوف ينسكب بين يديه،
يأخذني خاطر الى ان الكاتب الذي يعرف الموت بهذه الدقة من المؤكد سيمتلك القدرة على ترويضه،
كوني ارى الحوار معبر عن الذات قبل الموضوع لهذا راح الاجتماعيون يدرسون حياة المبدع لمعرفة مدارك المنجز،
وللقراءات يقظتها ،وبعض التأويل يلج عمق المستور، او يفك شفرات النص ،وخاصة حين يرمز الحوار الى حوار الاديان،
(عيسى أحد شخصيات النص يمسد وجه التمثال بود ويرى
:ـ ان نجاسة الخراب قائمة حيث يجب ان لا تكون،
وعبد القادر وما يرمز له هذا الاسم ينظر الى التمثال بود ويسال
:ـ ما الفائدة ايها الاب 000 لقد وصل الخراب ارواحنا،
يترك النص مساحات تأويلية قريبة وبعيدة المعنى،
(عبد القادر: ــ سلام على أم النبي المبارك الجليل
عيسى :ـ كيف جئت الى هنا ايها الشيخ ؟
عبد القادر :ـ ما جئت٠٠٠٠٠ بل انا هنا منذ اول الازمان ،)
حوار ناضج بالمعنى الانساني ، تتحرك المجموعة بدهشة
(:ــ ماذا تقصد؟)
عبد القادر: ــ عيب ان تحمل افواهنا غير مقاصدها
نواف: ــ انا افقه ما يقول0
كاتب مشاكس هو شوقي كريم حسن ، يضع شفرات حادة بين ثنايا حواراته وقد تكون عبارة عن مفردة تطل على صخب التأويل، ولذلك يحتاج هذا النص الى اكثر من قراءة ، فالقراءة العابرة لا يمكن لها ان تستوعب تلك الشفرات المبدعة ،مثلا نجد نواف الثائر في احدى صرخاته
(ما من احد بار ٠٠٠٠٠٠ لا احد ٠٠٠ ما من احد يفهم ٠٠٠ ما من احد يطلب الله٠٠٠ ضلوا كلهم وفسدوا معا)
نتأمل في معنى ( معا) مفردة امتلكت مساحة تأويلية فكرة او وجهة نظر ترى ان جميع الاديان وقعت في فخ الافساد، وهذا الفساد لا يعني فساد الدين وانما هو فساد فهم وتطبيق
(ما من احد يعمل الخير ٠٠ لا احد)
قد تكون وجهة نظر تعود الى فاعلية الحوار في الانتاج والتلقي تذهب المحاججة الى روح المعنى عبر لغة شعرية عالية
(حناجرهم قبور مفتوحه ٠٠٠ وعلى السنتهم يسيل المكر ٠٠٠ سم الافاعي على شفاههم ٠٠٠ ومن افواههم لعنة ومرارة ٠٠٠٠ اقدامهم تسرع الى سفك الدماء والخراب والبؤس اينما ساروا ، طريق السلام لا يعرفونه ،ولا مخافة الله نصب عيونهم)
واذا اردنا ان نتأمل في هذه المحاورة عن العلاقات الدلالية بين هذا الحوار الانساني الساخن لنواف وبين صوت دوي شديد ٠٠٠ الانفجار ايضا حوار له معناه ، وكل شخصية من شخصياته الخمس في حوارية لها وجهه نظر مختلفة ولها قراراتها ورسالتها المشفرة الى المتلقي،
يحي :ــ لم يعد لهذا المكان هيبة ،
عبد القادر:ـ (يطالبه ان يكف عن الياس) بيوت الله لا تغادرها الهيبة لانها محفوظة برحمة الرب ورضاه
نواف: ــ فما الذي يحدث اذا؟
كل شخص من شخوصه صانع حوار والقضية قضية فكر لا تقف عند حد معين، بل تتولد منها افكار وعندما يطالب نواف بتوضيح يصيح قائلا ( للبيت رب يحميه) لكنه يعود يسأل متى؟
ينفتح النص على افكار تفصح عن خواطر قد تتوافق او تتعارض اجدها في كل الاحوال عملية توريط المتلقي في تبني وجهة نظر فلسفية، فكري’، عقائدية، مؤيدة او معارضة تناقش الفكرة ولا تسي ء لحسن الظن بالله سبحانه
الكاتب السوري فرحان بلبل في مسرحية لا تنظر من ثقب الباب حور هذه الجملة الى( للبيت له شعب يحميه)
بمعنى ان شوقي كريم حسن ناقش الفكرة التي يراها نواف
نواف:ـ ليس سوى كلمات، ويسال
:ـ او يمكن ان تواجه الكلمة أطلاقة مدفع؟
كل يعبر عن وجهة نظره، عن مفهومه الفلسفي في الحياة، ومعنى الدين،
عيسى يرى امكانية ان تواجه الكلمة الرصاص ،
ويحيى يجدها تخسر في مثل هذه المقارنة،
ويعود نواف الى سؤاله الباحث عن معنى
:ــ ما الذي يجعلنا ننتظر؟
نتجاوز الملفوظ الى دلالاته، الى رؤية المعنى ،رؤية فلسفية نحن في زمن القوة، والقاتل لا يلتزم بدين او رسالة، يرى القوة اله يعبد،
هناك دائما محاور متمرد واخر متعمق وقد يضيع الفارق بين المفهومين وانا كقارىء اعتقد ان المتعمق في المعنى لا يمكن ان يكون متمردا ويقين التمرد هنا لا على المورد بل على تطبيق هذا المورد يقول عيسى: ــ ان الله معنا يا فتى ٠٠٠ الله معنا
قضية تعني الوعي والوعي المدرك، التصور الفكري لقيمة المضمون
نواف: ــ اعرف ان الله معنا ٠٠٠ اقسم اني اعرف لكن الله لا يقبل ان نحيط انفسنا بجنون الانتظار انتظار الضعيف الذي لا يعرف لنفسه خلاصا
كل راي له استقلاليته في رؤية الحقيقة حسب مفهومه هو ويضعنا الكاتب امام منظومتين حواريتين خارجية بين الشخصيات والداخلية بين المتلقي ونفسه ليقول كل واحد ما عنده ونعرف افكار الشخصيات، الكاتب يريد ان يبين افكاره دون المساس بمعتقد او رؤية ويعرض الموقف احيانا عبر الوعظ المباشر( الأمر و النهي)
(لا تعيق عمل الروح ٠٠٠٠ لا تستهين بالنبوءات ٠٠٠ بل امتحنوا كل شيء وتمسكوا بالحسن وتجنبوا كل شر)
خمس شخصيات لها انسانيتها بمعنى ان شوقي كريم حسب فهم ما يدور في اعماق كل شخصية، وكل اتجاه وكل مدرسة ، اصوات مختلفة وقد تكون متناقضة انصهرت بالمغزى الإيماني لكل محور وحين يسال عيسى عن مهمته وعن دعوته التي يحاول ايضاحها عن عمله بقرع الناقوس
عيسى: ـ(بهدوء) الوقوف بين يدي الرب الاستعداد والتهي الى ان الرب يدعو العبد للمجيء اليه
بينما المرآة الوحيدة في النص (جينا ) تقول ان في اعماقي ناقوس يدق
هناك تناص واضح وقد نوه عنه شوق الكريم حسن بان بعض النصوص الواردة على لسان عيسى مأخوذة من العهد الجديد وهذا الكلام يكشف عن روح المحاورة فنلاحظ ان التناص موجود لا يخرج عن سياق النص ، موافق لطبيعة الحوار لتحقيق قدر اكبر من التفاعل والدهشة
(نواف: ــ قال له واحد من تلاميذه يا سيدي دعني اذهب اولا وادفن ابي ٠٠٠ فقال يسوع)
عيسى: ـــ(يقاطعه) ابقى واترك الموتى يدفن موتاهم
يحيى: ــ حكايات مكررة لا توصل الى غير الفراغ والصمت،
الحوارية عند شوقي كريم حسن تؤدي لتكون منبرا للرأي، صرخة تهز ضمير الكلمة في قلب خنقوا صوته، ليعبر الحوار عن موقف ولا يقوم على الدعوة الى مذهب ما او سياسة ما ، يعمل لتهذيب الرؤية وقوامها
يحيى: ــ(بعصبيه) ما لكم تتذكرون الموت في كل لحظة لمّ لا نرحل عن المقابر؟ لمّ نحملها اينما اتجهنا، تواريخ من الموت تسير ايامنا ،وما تلبث ان ترمي به الى عرائق الموت نحكي ونحكي لنحمل صلبانا هي مشانق فنائنا، دعونا نحلم بأشياء التي هي اهم من الموت
لقد اتخذ الكاتب الكنيسة مكان للأحداث وبالتحديد كنيسة المهد الذي التي تعرضت لحصار فرضته قوات الاحتلال الاسرائيلي على فلسطينيين مشتبه بهم داخل كنيسة المهد في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية واستمر الحصار نسعة وثلاثين يوما في سنة 2002م وقد ضم حوالي 200 من الرهبان زعمت المصادر الاسرائيلية ان الرهبان كانوا محتجزين كرهائن على ايدي المسلحين والحقيقة ليس هناك اي احتجاز بل انهم لجأوا اثر مطاردة الجيش الاسرائيلي لهم
استثمر شوقي كريم حسن هذه الحادثة ليبني تصوراته الوجدانية المكبوتة عبر ابطاله الخمسة، هو لا يوثق الحدث وانما يؤسس عليه عالمه، والنص المسرحي يستوعب الوجع والطموح اعتقد ان حصار الكنيسة وضع الشخصيات وجها لوجه امام متلقيه وهو قاص وراوي وسيناريست وله لغة شعرية عالية توحدت هذه العوالم في نص مسرحي ،وحادث الحصار سهل مهمة للكاتب ان يصل العمق الوجداني ،ويضع برزخا بين الكنيسة بما تمتلك من قداسة وارتباطات الهية من حب ومحبة لسلام امام عناصر الاحتلال حصار قوة وسلاح يرى نواف ان المسألة اختلفت
نواف: ــ لن يعد الرنين ذا فائدة بعد ان امتلأ الفضاء بهدير الطائرات وازيز الرصاص عليك ان تبحث عن وسيلة اخرى تنبه فيها الناس على اوقات صلواتهم،
والحوار دور في تصعيد الاحداث ووضع عقدة الموضوع باثر عوالم الاستفهام والتعجب والدلالات لخلق الحراك الفكري المثمر الذي ينسجم مع الزمان والمكان والحدث الحصار له قدرة على البحث في ابعاد كل شخصية والسؤال المثير
نواف: ــ ما الذي يدفع الانسان لخيانة تاريخه؟
صور لنا الكاتب شوقي كريم حسن الكثير من القضايا الفكرية مستثمرا موقع الكنيسة من الاحداث كونها جمعت الناس باختلاف اديانهم ووحدتهم حين يحمل الكاتب تجربة وعي وهوية اكيد سيربح لينال شهادة بالنقاء والمحبة والسلام
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat