مجرد كلام : لعنة الكرسي
عدوية الهلالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عدوية الهلالي

لم يكن التواضع سمة لرجال السياسة لدينا منذ ان كان القائد يعتبر نفسه (ضرورة ) فيسبغ على نفسه اجمل الصفات ويمنح نفسه ارفع المناصب ولايرضى بنسبة أقل من 100%100 في استفتاء مصطنع وضع شروطه بنفسه بل ويطالب الأدب والفن بكل مجالاته بالتغني به وتلميع صورته ..أما من جاء بعده من المتعلقين بأهداب ديمقراطية زائفة فهم يجافون التواضع ماإن يضعوا اقدامهم على عتبة السلطة فنراهم أيضا يتبجحون بانجازاتهم التي بقي معظمها محض كلمات خيالية لم تهبط الى ارض الواقع وماتحقق منها فهو لايخلو من مكاسب شخصية ضخمة يرافقها تهويل اعلامي وأهازيج وأشعار تتغنى ايضا بالقادة ( الضروريين)..إذن ، يمكن ان نجزم بأن السلطة تفسد حتى القادة حسنو النية !
المؤسف في الأمر اننا لازلنا نؤمن بأسطورة المنقذ ونتخيل ان سياسيينا موجودون لانقاذنا من الأزمات ، وان حاكم البلاد صانع معجزات وهو من ينهي الازمات التي تصيب بلدنا باستمرار..وفي كتابه "الأساطير السياسية"، وصف المؤرخ راؤول جيرارديه الحاكم المنقذ بأنه "الشخصية الكاريزمية التي يُفترض، بوصولها إلى السلطة، أن تحل المشاكل العالقة" ومن الواضح لدينا ان رجال الدولة يستخدمون الأزمات كذريعة للادعاء بأن السلطة العامة وحدها قادرة على حلها، أو على الأقل احتوائها.
منذ سنوات ، ومنذ أن حطت الديمقراطية رحالها في بلدنا ، تعاقب عدد من القادة على اعتلاء كراسي الحكم ، وتصور كل منهم انه القائد الضرورة لدرجة ان احدهم عقد علاقة حب أبدية مع الكرسي متصورا انه لابد وأن يعود اليه في دورات انتخابية أخرى ترافقه تصريحاته النارية التي تؤكد كونه المنقذ الوحيد للعراق ومن سيحقق له جميع احلامه ويوفر له كل مايحتاجه من خدمات ..
وهناك رجل سياسة آخر لايقبل التنافس في دائرته الانتخابية فهو يصر على كونه الوجه الأفضل متجاوزا بذلك التنافس الديمقراطي المشروع بين الاحزاب والتيارات المختلفة من خلال الاعتماد على النفوذ العشائري والولاءات الطائفية والتحالفات المتنافرة مع استخدام السلطة لغرض التسقيط بالمنافسين ..أما الرجل السياسي الذي حظي بقبول جيد من نسبة كبيرة من الناس التي تبحث عن وجه مقبول فيبدو انه وقع أسير اغراءات السلطة هو الآخر فملأ الشوارع بصوره وشعاراته على أمل ان يظل متربعا على الكرسي ..لابد أن ننسى اسطورة المنقذ إذن لأن كل من سيصل الى السلطة ستصيبه لعنة الكرسي !
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat