مجرد كلام : ديمقراطية ..على الهامش
عدوية الهلالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عدوية الهلالي

في فيلم (الجانب البعيد عن العالم ) ، يدور حوار عنيف على متن سفينة حربية بين الكابتن جاك اوبروي وهو من محبي الانضباط والنظام ، وصديقه الدكتور ستيفن ماتورين الذي يميل الى التساهل والحرية حول التوازن الصحيح بين الحرية والنظام فيصرخ الكابتن أوبروي بغضب: "يجب أن تُحكم الشعوب! في كثير من الأحيان ليس بحكمة، ولكن مع ذلك تُحكم. » ويرد الطبيب بازدراء: «إنه عذر كل طغاة التاريخ من نيرون إلى بونابرت».
ولأننا شعب اعتاد ان تحكمه سلطة دكتاتورية فقد راوده حلم مشروع بأن يحظى بديمقراطية وتغيير حقيقي وان تكون له دولة قوية بما يكفي لتكون فعالة،وقادرة على معالجة مختلف التحديات الداخلية ومواجهة التدخلات الخارجية. وقد اقتنعنا وقتها بأن انتخابات ديمقراطية واحدة قد تكون بمثابة بداية لمثل هذا التغيير، لكن البلاد ظلت عالقة في فخ قيود "المحاصصة الطائفية"،لذا فإن التقدم لم يحدث إلا على الهامش...
لقد أدى هذا النظام إلى تسميم الحياة السياسية منذ عام 2003، واتضح من ذلك أن الإصلاح التشريعي،لايكفي لإنتاج أو خلق الظروف اللازمة للتغيير في العراق ، فالتقسيم العرقي والطائفي للسلطة يعارض أي إصلاح في الدولة ويهدد توازنها..ولايتعلق الأمر بإنكار أو التشكيك في الانتماءات الدينية أو القبلية أو العائلية التي لا يزال وسيظل العديد من العراقيين مرتبطين بها،بل يتعلق الأمر بتجاوزها من خلال تعلم كيفية العيش والتفكير والعمل معًا عندما يكون ذلك ضروريًا أو مفيدًا للصالح العام. إن التحدي كبير، والفجوة عميقة، فهل ستظل الانتخابات هي الحل مهما كانت نتائجها محبطة ووخيمة ولاتنبيء بتغيير إيجابي أم سنظل نعيشها دورة بعد دورة بتراجع واحباط واضحين وبمقاطعة ورفض أحيانا لمجرد ان نبقى شعبا تحكمه الديمقراطية ؟!
في عام 1776، اعلن الرئيس الأمريكي جيفرسون استقلال الولايات المتحدة ، ،ووردت في اعلان الاستقلال فقرة جميلة يقول فيها :"نحن نؤمن بأن هذه الحقائق بديهية: وهي أن جميع البشر خلقوا متساوين؛ ومنحهم الخالق حقوقًا معينة غير قابلة للتصرف؛ ومن بين هذه الحقوق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة". ولكن،من المؤسف أن التاريخ يخبرنا أن زعماء أغلب الدول فضلوا التعاسة واستمرار الحرب وفظائعها. فهل من المحتمل أن السياسيين خائفون على سعادة مواطنيهم لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تقويض سلطتهم؟! يبدو إذن إن الخوف والخضوع يعززان قوة السلطات، ولهذا يحرص السياسيون على جعل المجتمعات خاضعة، خائفة ، فقيرة وحزينة وفي بحث دائم عن الحرية والعدالة حتى لو كان ذلك من خلال ديمقراطية كاذبة !!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat