سلاح الشيعة بين التحييد والتجريد -قراءة تاريخية موجزة- (٨)
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

تحدَّثنا في الحلقة السابقة عن المحاولات المتعددة للعدو بتحييد سلاح الدولة الشيعة الجديدة التي برزت في الساحة السياسية، وفشل ذلك أو تحييد جزء من ذلك من خلال حرب السنوات الثمان مع العراق (١٩٨٠ - ١٩٨٨م).
-١-
إنَّ القوى العالمية وعلى وفق معرفتها كما تقدم سابقًا بالآيدلوجية الإيرانية كعقيدة ونظامٍ سياسيٍّ أنها ليست كدول المنطقة الأخرى التي يمكن كسرها أو احتواؤها بسهولة، فضلًا عن إخضاعها لهم، وأنها مناوئة للكيااان الصهيو@ني وتعلن ذلك صراحة، وتعمل في تعبئة الأمة الإسلامية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية في فلسطين خاصة وغيرها عامة، وضرورة توحيد القوى الشعبية والرسمية الإسلامية تجاه ذلك من جهة، في جبهة قائمة على تهيئة الشارع الإسلامي بمؤتمرات وتجمعات علمية وسياسية ونخبوية، ودعم القوى المجاهدة ماديًّا ومعنويًّا من جهة أخرى، هذا كله كان محفِّزًا كبيرًا للوقوف تجاه الجمهورية الإسلامية ومحاولة الردع، أو التحييد على الأقل لهذه القوى الإقليمية الجديدة المواجهة للكيااان وأسياده في أمر@يكا والغرب.
-٢-
وكذلك كانت الصهيو@نية العالمية تراقب الدولة الشيعية عن كثب في علاقاتها العالمية الدبلوماسية، والتفكير الجاد للجمهورية ببناء قدراتها السياسية والعسكرية وتطويرها في جميع المجالات؛ لذلك وضمن هذه التحديات الشيعية الكبيرة المتعددة لأمر@يكا كان عليهم القيام بخطوات عدائية واستفزازية وتحريضية في جبهات مختلفة؛ محاولة لتحييد الدولة الشيعية وإضعاف وجودها وتأثيرها، فكان منها بناء القواعد العسكرية الأمريكية بالقرب من إيران ومواجهتها، بل محاصرتها من جهات متعددة، وإقناع دول الخليج خاصة والعرب عامة بالتهديد الشيعي لهم وتحذيرهم، وبيع السلاح لهم بأموال طائلة استعدادًا للمواجهة، والقيام بالحصار الاقتصادي الغربي الجديد بذريعة سعي إيران في صناعة السلاح النووي وتهديدها للسلم في المنطقة، والصحيح هو تهديدها لإسرا#ئيل التي لا يمكن لأحد أنْ يمسَّها بسوء مع وجود أمر@يكا، فبدأت دوامة الصراع الخفي الجديد بعنوان تفتيش المصانع والمنشآت الإيرانية من قبل منظمة الطاقة الدولية، وهذه المنظمات التي تعمل جاهدة خفية في تحقيق مصالح الصهيو@نية العالمية.
-٣-
وبدأ هذا الصراع الجديد إلى الصراعات الأخرى لأجل تحييد سلاح الشيعة، ومنعهم من تطوير ذاتهم لذلك، أو الاعتماد على كفاءات عالمية خارجة عن دائرة الولاء والطاعة لأمر@يكا نسبيًّا، ولكن هذا لم يوقف التحدِّي الإيراني والوقوف بوجه أعتى دولة في العالم، حيث كانت الثورة الإيرانية الحديثة في تطوير السلاح الإيراني، الذي أذهل المؤسسات الاستخبارية الصهيو@نية التي تراقب ذلك عن كثب ودقة، بل غدت هذه الدولة تعلن ذلك صراحة نسبيًّا في الإعلام تارة، وتهدد الكيااان ثانية، وتدعم قوى المقاومة الإسلامية في المنطقة ثالثة، فأفشلت المخططات الغربية في القضاء على القدرات التكنلوجية الإيرانية في تطوير سلاحها، الذي تحافظ على وجودها ضد أولئك المستكبرين، وحاول الغرب مدعومًا من الصهيو@نية العالمية لمرات متعددة المواجهة الجديدة بعنوان عدم التزام الجمهورية بنظام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تخصيب اليورانيوم، أو زيادة النسبة، أو استخدامه لأغراض عسكرية وغير ذلك من ذرائع.
-٤-
وبعد محاولات الفشل الأمريكية المتعددة، ومنها المواجهة السياسية غير المباشرة مع إيران في العراق بعد احتلاله عام ٢٠٠٣م والتداعيات الكبيرة على الساحة السياسية العراقية، وظهور حزب الله في لبنان قوة إقليمية كبيرة مواجهة لإسرائيل، وزيادة دعم قوى المقاومة في فلسطين وغيرها، وكان آخرها ما حصل في طوفان الأقصى وشعور أمريكا والكيان بالخطر الشيعي الكبير تجاههم، فقد كان الكيااان الصهيو@ني حريصًا جدًّا للمواجهة العسكرية مع إيران، وبذله الوسع لتحريض أمر@يكا تجاه ذلك، بل قيامها بأعمال عسكرية مباشرة ضد إيران، ومحاولة الجمهورية سد الذرائع للمواجهة العسكرية المباشرة،
في تحقيق جميع أهدافها، ولكن كل ذلك لم يجهض المخطط الصهيو@ني في تحييد سلاح الشيعة، أو القضاء عليه حيث أشعل الكيااان الصهيو@ني حربه تجاه الجمهورية الإسلامية في حرب الاثني عشر يومًا التاريخية (١٣-٢٤ / ٦ /٢٠٢٥م)، والتي كانت حربًا بائسة على رغم الخسارات المعنوية الكبيرة للجمهورية الإسلامية، ولكنها نالت عقابها بالسلاح الشيعي الذي دمَّر كيانها، وأعاد للأمة روح النصر، وثقتها بالوعد الإلهي لنصرة عباده، وحانت الفرصة التاريخية لأمر@يكا بالانتقام من إيران وسلاحها بضرب
ثلاث منشآت نووية إيرانية في حادثة معلومة يوم (٢٢ / ٦/ ٢٠٢٥م)؛ انتقامًا من هذا السلاح والنظام الشيعي الذي لم يستطيعوا إذلاله.
أخيرًا..
إنَّ هذه المحاولات الصهيو@نية العالمية في تجريد سلاح الشيعة أو تحييده في الجمهورية الإسلامية بذرائع مختلفة، إنما هو يقع ضمن المخطط العالمي لحماية إسرا&ئيل من كل قوة تهددها واقعًا أو احتمالًا، الآن أو مستقبلًا، وخصوصًا القوى الشيعية؛ لذلك سوف تبقى جهودهم العدائية ثابتة بمحاولات متكررة لتجريد الشيعة من سلاحهم أو تحييده .. (وللحديث تتمة)
الاثنين ٢٣ صفر ١٤٤٧هج
١٨-٨-٢٠٢٥م
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat