التَّسَرُّع أم الصَّمْتِ فِي الرَّدِّ- أَيهُما الأفْضل فِي الحيَاة
د . محمد خضير الانباري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . محمد خضير الانباري

يواجهَ بعضُ الأشخاصِ في حياتهمْ اليومية، العديدَ منْ المشاكل، وخاصةً عندما يتلقى خبرا أوْ أمرا أوْ كلاما، موجها منْ جهةِ أوْ شخصِ ما، يؤثرَ سلبٌ على شخصه، يتضمن، نوعا منْ التجني أوْ الاتهامِ الباطلِ لفعلةٍ لمْ يفتعلها منْ هنا، تكمنَ الحكمةُ والتعقلُ في كيفيةِ الردِ أوْ القرارِ الذي تجاهِ هذا الموقف. . .!
يتحددَ الردُ في مثلِ هكذا مواقفُ في تصرفين، أما الرد، بأشكالهِ وصورهِ المختلفة، أوْ الصمتِ المطلق، وكليهما، لهما ثمنٌ خاصٌ في الدفاعِ عنْ التبليغِ أوْ التهمِ الباطلة.
في بعض الأحيان، تقومَ بعضَ وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ منْ أجلِ جذبِ المشاهدِ أوْ المستمع، بالكذبِ والتجني أوْ توجيهِ الاتهاماتِ لبعضِ الأطراف، مسندةً بأكاذيبَ مفرقةٍ هدفها تشويهَ سمعةِ البعض، بأثمانِ مدفوعةٍ منْ الأطرافِ الأخرى، منْ أجلِ منعِ وصولِ شخصِ ما إلى الموقعِ المعينِ أوْ الوظيفةِ التي يصبونَ لها. ففي حالةِ الرد، سواءً شفويا أوْ تحريريا، تتطلبَ التحليَ بالحكمةِ والتعقلِ وطولِ البال، والصبرُ والتريث، ودراسةُ التهمِ أوْ الافتراءِ أوْ التعرضِ منْ جوانبهِ كافة، يضاف إلى ذلك، التفكيرُ البعيدُ المدى، وتركَ الانفعالاتِ الخاصة، لتجنبِ الندمِ لاحقا في حالةِ التسرعِ في الإجابة. إنَ هذا التصرفِ العقلاني، يدلَ على الثقةِ بالنفس، ومراتٌ يكون الردُ دبلوماسيا معَ الابتسامةِ إنَ تطلبَ الأمر، هذهِ رسالةٌ موجهةٌ إلى الطرفِ الثاني، مفادها التراجعِ عما أثارهُ في اتهامهِ الباطل.
في بعض الأحيان، يكون الصمتُ هو الرد؛ وهوَ خيرُ رسالةٍ للطرف الآخر، وهي تدلَ على عدمِ إعطاءِ أهميةٍ للموضوعِ الذي أثيرَ منْ قبله ولا يستحقّ الرد، فالصمتُ هوَ الأفضل، وسلاحَ الحكماءِ والفلاسفة، وهذا ما يفعلهُ الكثيرُ منْ الأشخاصِ خاصةٌ منْ ذوي النخبةِ المثقفةِ أوْ الشيبة البيضاء.
هنالكَ الردُ القضائي، أي مقاضاة ممنْ يوجهونَ التهمُ جزافا، وهوَ الأفضلُ في المدنية، أوْ التوجهِ للعشائر، كما هوَ منتشرٌ في وقتنا الحاضر، لمقاضاةٍ المسيئينَ أمامَ أهاليهم، وتقديمَ الاعتذارِ لهمْ وهوَ فيهِ حكمة، ومنعا للتصعيد.
إنَ التسرعَ في الردِ على الأشخاصِ المسيئين، ربما يعرضُ الشخصُ المعنى للوقوعِ في بعضِ الأخطاءِ التي تكلفهمْ لاحقا، بعضُ الأثمانِ الماديةِ والمعنوية، بينما، التريثُ في الردِ تبعدهمْ في الوقوعِ عنْ الخطأِ المحتمل. هنالكَ بعضُ الأقوالِ لبعضِ الحكماءِ أوْ الفلاسفةِ أوْ علماء الاجتماع، تتوحد إجابتها، أو معانيها، إلى ضرورة السيطرة على المشاعرِ، وعدمِ التسرعِ في الرد، وممكن الانتظارُ لدقائقَ أوْ ساعات، أوْ أيام، واستشارةُ الآخرين، لغرض التخفيفِ عنْ الغضبِ .
هنالكَ مقولةٌ للإمامِ علي ابي طالب (ع) في هذا الموضوع: ( أنَ لسانَ المؤمنِ منْ وراءِ قلبه، وإنَ قلبَ المنافقِ منْ وراءِ لسانه، لأنَ المؤمنَ إذا أرادَ أنْ يتكلمَ بكلامِ تدبرهِ في نفسه، فإنَ كانَ خيرٌ أبداه، وإنَ كانَ شرٌ واراهُ ).
أما ، الله سبحانهُ وتعالى- فقدَ بينَ عدمِ التسرعِ في العديدِ منْ الآياتِ الكريمة، ومنها؛ قولهُ تعالى: ( ولا تعجلُ بالقرآنِ منْ قبلُ أنْ يقضيَ إليك) ، وكذلكَ، قولهِ تعالى: ( خلقَ الإنسانَ منْ عجلٍ سأريكمْ آياتي فلا تستعجلونَ ) صدقَ اللهُ العظيم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat