أبجدية التوق فوق جبين السماء تخط دم الرضيع
وترسم على صفحة الرعد صرخة مولاي الحسين
تصوغ الجراح على ضوء منارة مكسورة الأضلاع بمسمار عنيد، أيام كانت للمسامير صهيل كأنه صهيل الخيول...
وخيام مذبوحة الوريد...
مطعونة خاصرة الأرض بطف على وسامة قربة مات على ضفتيها الفرات...
ونفرة الذات... عطش يروي كبد الماء...
ونزف الندى قصائد تواسي دموع المعزين عبر الدهور،
كأنها حقول أشجارها الدماء
يا شاعرة الرضا... هل رأيت الواقعة رؤية مبصرة اليقين؟
أم كنت قلبا ينبض كربلاء
ـ حين تصبح المأساة جزءًا من التكوين، ويتحول التاريخ في الضمير إلى دم يسيل، حينها تكون الرؤية أعمق، ونرى الواقعة بجلاء، نعيشها، نسمع صليل السيوف، ونشعر بصرخات الأطفال، ونشم رائحة التراب المضمخ بالدماء الزاكية، ودخان الخيام المحروقة...
رؤية وجدان، وحضور حي يرافقنا في كل لحظة، يمتحن إنسانيتنا وولاءنا...
لذلك أقول: نعم، رأيتها بكل وجودي.
الدم المهدور في قلب الصحراء، صراخ العائلة وهم يتشبثون بجسد الشهيد، حتى لون العطش على الشفاه الذابلة، وصرير الريح المحملة بالحزن والغضب، رأيت ذلك كله، وعشت حيثياته وكأنني كنت هناك منذ الأزل، نعم عشتها بشعور شاعر...
كل صرخة دوت هناك وجدت رجعها في أعماقي، وكل قطرة دم سالت وجدتها في داخلي نهرا يفيض وجعا ووعيا...
"دمعُ العزيزة"
رَكْــــبٌ يَئِـــنُّ وَنُسْــــوَةٌ وَإِمَـــــامُ
وَالكَــــونُ دَامٍ وَالقُلُـــــوبُ حُطَــــامُ
قَلْ كَيفَ أَسْلُو وَالشُّجُونُ تُحِيلُنِـي
جُرْحًــــا تُنَاسِـــلُ بَــأْسَــــهُ الآلَامُ
شَاخَتْ عَلَى دَرْبِ الرُّجُوعِ سَكِينَةٌ
يَــا بِئْـــسَ مَـــا قَامَــتْ بِـهِ الأَقْزَامُ
حُورِيَّةٌ مِـنْ آلِ بَيـــتِ المُصْطَفَـــى
جَــارتْ عَلَــى أَحْــلَامِهَـــا الأَيَّــــامُ
هِيَ ذِي العَزِيزَةُ نُورُ عَينِ حُسَينِهَا
بَعْدَ المُصِيبَةِ فِي الطُّفُــوفِ تُضَــامُ!
تُسْقَى مِنَ اليُتْمِ البَغِيضِ وَأَسْرُهَا
مُـــرٌّ وَيَهْتِـــــكُ خِـــدْرَهَا الإِجْــــرَامُ
هِيَ فُلَّةٌ سُحِقَتْ بِأَشْرَسِ قَسْـوَةٍ
مُذْ قُطِّعَتْ لِبَنِي الهُــدَى الأَرْحَـــامُ
سَاقَ الطُّغَاةُ إِلَى الشَّآمِ جَلَالَهَـــا
وَعَلَيهِ سَــــوطُ النَاقِمِيـــنَ أَقَامُـــوا
لَا لَــــمْ يُرَاعُـــوا قُرْبَهَـــا لِمُحَمَّـــدٍ
فَقَدُوا الشُّعُورَ وَيَشْهَـــدُ الإِسْـــلَامُ
فَبَقَتْ عَلَى ذِكْرِ الشَّهِيــدِ يَلُفُّهَـــا
حُـــــزْنٌ وَأَيَّــــــامُ الحَيَـــــاةِ قَتَــــامُ
حَتَّى قَضَتْ كَمَدًا وَصَــوتُ نَحِيبِهَــا
وَجَـــعٌ صَــدَاهُ عَلَـى الحُسَينِ سَلَامُ
الدَّهْرُ يَجْزَعُ مِـــنْ فَدَاحَـــةِ رُزْئِهَـــا
وَرِثَـــتْ مُصِيبَـــةَ فَقْـــدِهَـا الأَقْــــلَامُ
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat