صفحة الكاتب : د . عبد علي سفيح الطائي

العراق وطن...وانتماؤنا حكاية لا تنتهي!
د . عبد علي سفيح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نسمع بين الحين والآخر  أن العراقي أقل انتماء لوطنه مقارنة بجاره الإيراني أو التركي أو حتى العربي المصري أو السوري،، وانه." لا يتعصب" لوطنه كما يفعل الآخرون.  لكن إذا نظرنا إلى التاريخ والجغرافيا، نجد أن الصورة تختلف تماما.

الوطنية العراقية ليست مسألة شحن عاطفي أو لون سياسي، بل نتاج طبيعي لتاريخ طويل وجغرافيا ثابتة ونوع ثقافي فريد. 

العراقي يملك هوية وطنية مستقرة(غير قلقة)، لأن العراق هو حضن وادي الرافدين، مساحة جغرافية وحدت الشعوب من ازمان بعيدة في لغاتها وعقائدها الدينية وثقافاتها واساطيرها.  كذلك مصر، مثل العراق وحدها وادي النيل، ولهذا نجد العراق ومصر لم يغلبوا القومية على الهوية الوطنية، بينما الذي حصل لسوريا رغم أنها تملك هوية وطنية غير قلقة، الا أنها غلبت المشروع القومي العربي على الهوية الوطنية، كردة فعل على سياسة التتريك العثمانية لسوريا.

شهد الشرق الأوسط، في مطلع القرن العشرين ولادة الدولة الوطنية على غرار أوربا نتيجة الحداثة والتطور التكنولوجي  الذي حول أوربا من نظام ارستقراطي مبني على سلالات عائلية إلى نظام برجوازي مبني على زيادة الغنى والإنتاج.  وفي الشرق، مثلت قناة السويس قاطرة تغيير والتحول نحو نظام ليبرالي، إذ مهدت لازدهار الصادرات، ورفع قيمة الارض، وظهور طبقة برجوازية مما ساهمت بشكل كبير في تاسيس الدولة الوطنية في مصر والعراق وسوريا.

برز الملوك والامراء في الشرق الاوسط، الملك فؤاد على مصر، وفيصل على العراق، وعبد الله على الاردن ، ومحمد الخامس على المغرب، وبن سعود على الحجاز ونجد، وال الصباح على الكويت. شرعية الملوك والامراء لم تأتي عبر المشروع السياسي القومي أو الإسلامي، بل لأنهم موجودون قبل ولادة الدولة الوطنية، بل كانت متاصلة في التقاليد والسلطة التاريخية، ومبنية على قبول شعبي وقبلي وديني، ما منحهم قدرة الاستمرار والاستقرار رغم المتغيرات الكبرى، بينما الإشكالية وجدت في الجمهوريات، لأن حكامها ولدوا بعد ولادة الدولة الوطنية، ولاثبات شرعيتهم تبنوا المشروع السياسي القومي أو الإسلامي لاستعادة الدولة الوطنية، وفي البداية لا يوجد تعارض بين القومية والوطنية،لأن القومية تعبر عن التراث المحلي والتاريخ والثقافة المحلية،،الا انه حصل تعارض عندما تبنت هذه الجمهوريات القومية العربية كمشروع سياسي فسبب صدام مع المكونات الأخرى وخاصة الكرد.، لكن تمكن العراق من احتضان هذا التنوع فادرج الدستور، الكرد كثاني مكون دستوري "اللغة الكردية " لغة رسمية. وهذا دليل على صلابة الهوية الوطنية العراقية التي كانت ثورة العشرين هي لحظة التأسيس لها.

ما يحصل اليوم في العراق وسوريا، هو " الإنسحاب الوطني"، وهو دلالة على الانتماء الوطني. شهدنا في الأزمات الحديثة،نزعات فردية أو شبه جماعية تتمثل  بالانسحاب إلى الطائفة أو العرق كبحث عن الحماية المحلية ضمن السياق الوطني، والتي تهدف إلى حماية الهوية الفردية، دون إنكار الانتماء للوطن الاكبر، أي عملية البحث عن الوطن الداخلي دون الانفصال عنه.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عبد علي سفيح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/31



كتابة تعليق لموضوع : العراق وطن...وانتماؤنا حكاية لا تنتهي!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net