صفحة الكاتب : حيدر جواد

بين النقاء و التنافس .. حين تُسلب الأربعين هويتها
حيدر جواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

زيارة الأربعين شعيرة أسسها أهل البيت عليهم السلام لتكون مسيرة وفاء، وعزاءً جماعياً، وتجديداً للعهد مع الحسين عليه السلام وقيمه .. لكن الخطر الأكبر اليوم أن تنزلق هذه المسيرة، بفعل المظاهر المبالغ فيها، الى شكل كرنفالي مسلوب الهوية، أشبه بعرض فني ضخم يُبهر العيون، لكنه يفرغ الشعيرة من معناها العميق .. ولا ننسى حين دعت المرجعية العليا الى رفع صورها من الفضاء العام، خاصة في زيارة الأربعين، كان (جزءاً من الهدف) هو اغلاق الباب أمام أي شكل من أشكال التنافس الشخصي أو الحزبي.. لا سيما  التنافس  الكرنفالي والاستعراضي .. الذي ليس الهدف منه خدمة الزائرين أو احياء القيم، ((بل الظهور والتسويق)) .. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث مؤخراً من استعراض ضخم تمثل في صناعة سفينة كبيرة الحجم، مع استخدام (مسدسات  الفقاقيع المصنعة لفرح الاطفال) من اجل احداث مؤثرات بصرية ترافق السفينة .. هذا العرض نظّمه موكب بني العامر التابع (لجماعة الشيخـية)..

وحين تطغى عقلية الاستعراض، تتحول المشاركة من فعل تعبّدي الى عرض جماهيري .. الزائر يصبح متلقياً للمشاهد بدل أن يكون فاعلاً في التجربة، والمواكب تتحول الى منصات لابراز ((الذات))، بدل أن تكون جسوراً لنقل قيم الحسين عليه السلام الى القلوب .. فيغيب البكاء والخشوع لصالح الدهشة البصرية والاعجاب .. 

الحفاظ على نقاء الأربعين يتطلب شجاعة في مواجهة هذه النزعة الكرنفالية الاستعراضية، حتى لو تعرّض ناقدها للتنكيل .. فمن يستحق أن نعجب به ليس موكباً استعراضياً يرفع اسم (خاص) بسفينة ومسدسات فقاقيع، بل ذلك الفقير الذي لم يملك سوى كأس ماء يقدّمه للزائر، وهو شيخ كبير بيده المرتجفة .. ما يجب أن نفخر به هم الأطفال الذين يحملون علب الكلينكس للزوار في حرّ الشمس، والمواكب التي تقدّم الطعام وهي خاملة الذكر بلا صورة ولا عنوان، ما يستحق الاعجاب هم المبلّغون الذين يحاورون الزائرين ويزرعون في قلبه نصيحة أو ذكرى تردّه الى الله .. والملايين التي تمشي على الأقدام بلا أن نعرف أسمائهم، أما الأضواء والفقاقيع والمشاهد المبهرة، فهي تسحب رمزية زيارة الأربعين من ساحة الآخرة الى غرور الدنيا، ومن الحزن الى فرح الفرجة، وانا لله وانا اليه راجعون..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر جواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/08/16



كتابة تعليق لموضوع : بين النقاء و التنافس .. حين تُسلب الأربعين هويتها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net