من ذاكرة الإبداع (البُغاة) 
د . الشيخ احمد الوائلي (رحمه الله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  كتب محمد أمين بن عايد في كتابه (العقود الدرية في تلقيح الحامدية) سألوا العلامة عبد الله افندي: ما قولُكم في سبب وجوب مقاتلة الروافض، وجواز قتلهم، وما هي أسباب تكفيرهم، وهل يجوز تركهم على ما هم عليه باعطاء الجزية او الأمان أم لا، وهل يجوز استرقاق نسائهم وذراريهم؟ فكان الجوابُ: إنهم كفرة بغاة فجرة، جمعوا بين أصناف البغي والفساد، وأنواع الفسق والزندقة والإلحاد، ومن توقف عن تكفيرهم والحادهم ووجوب قتالهم فهو كافر أيضا! إنهم يستخفون ويستهزئون بالشرع المبين، ويهينون العلم والعلماء، ويستحلّون المحرّمات، ويُنكرون خلافة الشيخين، وتطال ألسنتهم عائشة، ويسبّون الشيخين...  
 طبعاً هذا كلام عالم ودكتور، وعندهم يعامل كنموذج - للأسف - فالرافضة الذين يقصد بهم الشيعة، ولا أدري أي شيعي الذي يقصده (الجزيري) يذهب الى غلط جبرئيل (ع) وألوهية علي، وقذف أم المؤمنين عائشة؟ فهذه المكتبات تمتلئ بكتب العقائد، وأتحداه لو وجد مصدرا واحدا، هؤلاء ناس يبحثون عن ردود أفعالنا، كي يصلوا الى غاياتهم المشبوهة باستثارة الشيعة، وبحول الله تعالى سنظل مع القرآن، وهدي النبي العظيم (ص)، وآله الميامين (ع)، وصحبه البررة، ولا تهمنا مثل هذه الافتراءات، ومنها ذكر ما حصل من خلاف في قضية تعدد الزوجات، فلو تمرضت الزوجة، وحُرمت من الإنجاب أو ضعف الانسجام، وحدثت بعض الاختلافات في التركيبة الأسرية والتي أهمها النسل، ومن ثم نجد هناك حوادث العمل، وقد ينصرف المجتمع الى حالات استثنائية العمل، الحروب، أو إفاضة حيوية الرجل اكثر من الحدود المتعارفة، فلا تشبعه أنثى واحدة، أو قد يحول العقم في الانجاب مع وجود الرابطة العاطفية بين الزوجين ، فلا يريدان الانفصال، وقد تقتصر العلاقة على الحد الأدنى من اللقاء، وحينها يظل بحاجة الى ممارسة رجولته، ونجد ذلك من العوائق التي لو تركت دون علاج تفضي بالمجتمع إما للتقلص أو الإنقراض! أو الجنوح الى علاقات غير مشروعة، تلوّث المجتمع، وتهدّد الأسرة، كما هو حاصل في المجتمعات المعاصرة، والتي تسعى للتوازن الكمي دون النوعي. 
 فلذلك يكون تعدد الزوجات ضمن نمط من أنماط الزواج السائدة في العالم، النمط الأفضل زوج لزوجة، فلا يوجد موجب للتعدد، أو أزواج لزوجة، كما هو موجود في كثير من المجتمعات، علاقة تربي الفاحشة في نفس الزوجة، وتدفع الى التنافس والتناحر وضياع النسل، وانعدام الإهتمام بالأسرة، أو أزواج لزوجات في نمو الإشاعة، كما دعت إليه جمهورية افلاطون، وبعض المذاهب المعاصرة، التي اندحرت أمام قوة النظام الأسري، ولها مساوىء كثيرة، ومنها ضياع النسل والأبوة، وخلق الفراغ الروحي والعاطفي، وضياع الأهداف والأخلاق التي تزيّنها الأسرة، أو زوج لزوجات، وهو نظام لا يخلو من بعض المشاكل التي تنتج من يد الإنسان، وليس من الحالة نفسها، وهذا هو النمط الذي أفرزته الشريعة الإسلامية.
 وعلى جميع الفروض المنظورة؛ رأى الإسلامُ أن المدى مهما كان شديد الحاجة فيه أربع نساء، وقد أجمع جمهور علماء المسلمين على أن العدد المسموح به أربع في المجتمع، في وقت واحد، ومن الغرابة أن ينسب كثير من فقهاء المذاهب الأربعة الى الشيعة؛ بأنهم يبيحون الجمع لأكثر من أربع نساء، وهذا ليس له أي أثر عند فقهاء الشيعة مطلقا، والأعجب أن هذا الرأي هو عند من نسبه الى الشيعة بنفسه.
 ومنهم من ذهب الى جواز الجمع بين التسع، وكل ذلك جهل وخبط، قال الامام الصادق (ع): (لا يحل  لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر).

نشرت في صدى الروضتين العدد 201

 

الموضوع السابق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) في العالم (مصر أنموذجاً)

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat