ديمقراطية.. بالوجه الآخر..!
هاشم الصفار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هاشم الصفار

تمتلك الديمقراطية عدة أوجه حضارية، أبرزها غياب الخطوط الحمراء بين الشعب وممثليه، فليس هناك حواجز أو نظرة فوقية يتعالى بها المسؤول على الناس الذين رأوا فيه القدوة والأمل في تحقيق الأقل من ضرورات العيش الكريم، وليس الأمنيات بطبيعة الحال..!
ورغم حجم التغييرات التي طالت مجتمعنا جراء التخلص من نقمة الدكتاتورية المقيتة، إلا أن الملاحظ هناك حالة من التجذر والعدوى تصيب عقلية فئة من الشعوب الرازحة لوقت طويل تحت نير الأنظمة الدكتاتورية وتسلطها واستبدادها.. فما إن تتخلص من طاغية وزمرته، حتى ترى انعكاساته السلبية، وتأثيراته المستبدة في سلوك المسؤولين من بعده، من أصغرهم إلى كبيرهم.. (إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي..)، ويتجسد ذلك جلياً وواضحاً في أفواج السيارات والحمايات الخارجة برفقة أي منهم، وما يسببونه من الضجيج وعرقلة السير، ونداءات التوقف الفوري، فضلاً عما يصاحب ذلك من ترويع للمواطنين، والحط من كرامتهم في بعض الأحيان..! وتلك الظواهر لانجدها في الكثير من الدول الديمقراطية المتحضرة، فهل من الصعوبة وضع حد لها..؟
إن ظاهرة تلك المواكب التعسفية - والتي تذكرنا بجلاوزة اللانظام السابق - وما يرافقها من استهجان لدى الشارع العراقي الذي سئم من حالات التعالي والإستكبار تلك، ستزيد في النهاية من حالة الجفاء، وتوسع الفجوة بين الجهات القائمة على الحكم بكل مفاصله، وبين الشعب الذي يأمل الخلاص من لغة القوة والعنف في التعامل، خاصة في الدوائر والمؤسسات الحكومية، فضلاً عن الشارع الذي يعكس مقدار رقي أو تخلف الأمم والمجتمعات.. وقد تولد في النهاية الإنفجار الشعبي الذي حصل في البلدان التي تعاني من العقدة الإستكبارية الجاثمة والخانقة لإرادة شعوبها، وما جرى في تونس ومصر ليس عنا ببعيد..!
وقد يبرر ذلك أحدهم بأن الوضع الأمني المتذبذب، وما عاناه العراق من الإرهاب، ألقى بظلاله السلبية علينا، وما تلك الأعداد الغفيرة بصحبة المسؤول، إلا ردة فعل، فكانت الحاجة إليها لتوفير الحماية ليس إلا..! لكن الكثير منا يشك في ذلك، بل يفسر تلك السلوكيات الهمجية، على أنها وليدة ترسبات عفنة من مخلفات الأنظمة البائدة.. وإلا ما الضير في أن يتنقل المسؤول بعدد قليل من مرافقيه، من غير أن يشعر به أحد، حفاظاً على حياته؛ لأن خروجه بتلك الهالة من الضوضاء يعرضه لخطر أكبر من قبل المغرضين والإرهابيين.. أضف إلى إزعاجه للمواطنين الذين تزيدهم تلك الزوبعة الذي يحدثها مرافقوه حنقاً على المسؤول، تضاف إلى سلسلة استيائهم وعدم ثقتهم أصلاً بالوعود التي قطعها لهم في الحملة الإنتخابية من توفير الخدمات والرفاهية والأمن والإستقرار...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat