إن خصوصية الفرادة التي تتمتعُ بها قداسة المنبر الحسيني، هي ماجعلتِ الخطابة الحسينية تشكلُ اليوم العمودَ الأساس لملامح هذه الأمّة، كونها تشكلُ مرتكزاً صالحاً لتربية أبنائها بمقوماتها السلوكية والعقائدية، من خلال تأثرها المجتمعي بواسطة وسائلها الخاصة...
وعلى الرغم من أنّ الوسائلَ تنوّعت وتطوّرت عبر مراحل الأزمنة المختلفة؛ فإنّ الخطابة تحتلُّ المكانة البارزة فيها، إذ لا يمكنُ الاستغناء عنها بأيّ حالٍ من الأحوال؛ لأنّ روحَ الخطابة تكمنُ في مقدرة الخطيب على تحريكِ مشاعر الناس، وبالتالي تحريك الشارع لتصبحَ هي اللسان والمعبّر عن ضمير الاُمّة...
ومن الخطباء الذين استطاعوا أن يضعوا بصمتَهم الخاصة في قلوب الناس؛ سماحة الخطيب السيد نصرات قشاقش (دام توفيقه)، ليكون ضيفنا في هذا الحوار.
صدى الروضتين:- المنبرُ الحسيني في لبنان ومدياته؟
سماحة السيد نصرات قشاقش:- المنبر الحسيني في لبنان هو تجربة واضحة وناجحة؛ لأن لبنان تمتلك مدرسة خطابية عريضة - إذا صحّ التعبير - فنحن نمتلك مدرسة علمية في مجال الفقة والأصول، ومجموعة من علماء جبل عامل الذين أسّسوا حوزتها، إلا أن مدرسة الخطابة لم تكن بهذا الانطلاق، ولم يكن أصلاً هناك تاريخ لمدرسة الخطابة هناك... لذلك قمنا بصناعة مدرسة ذات طابع خاص... وقد استفدنا كثيرا من الخطباء العراقيين وغير العراقيين الذين سبقونا، لأن الخطابة تعتبر من الفنون، والفن يجب أن يتقن في كل جوانبه والنبي (ص) قال: (إن اللهَ تعالى يحبُ إذا عملَ أحدُكم عملاً أن يتقنَه) ونحن مع إنشاء جمعية أو رابطة أو جامعة رسمية باسم المرجعية تعتني بالخطباء، حتى لا يصاب المنبر الحسيني – لا سمح الله – بالضعف.
صدى الروضتين:- الفرقُ بين المنبر الحسيني ولغة الاعلام اليوم (الميديا)، الى أي مدى يمكنُ الاستفادة من هذه اللغة لخدمة المذهب؟
يبقى المنبرُ الحسيني هو الفكر الأقوى والجانب المتين المطلع على أبعاد العلم الحديث والقديم، الذي يختص بالشريعة وغير الشريعة، لذلك يحوي على ثقافة واسعة وشاملة في كل أنحاء العلوم، لأن الخطيبَ في الواقع هو محدث، والمحدث يجب أن يكون جامعاً لكل الثقافات، حتى يكون كلامُه واقعاً في كل النفوس...
فنحن مع تطوير قضية المنبر الحسيني، ورفعه عبر الفضائيات والإعلام؛ لأن الاعلامَ له دور أساسي في كل حياة الانسان، ويُقال في الحروب وفي انتصار الثورات وغيرها، بأن (الإعلامَ نصفُ النصر) يعني الإعلام هو الأساس...
ولذا تجد أي ثورة تقوم في العالم، أول ما يقوم به الثوار هو السيطرة على مبنى الاذاعة أو مبنى التلفزيون، لأنها شاشة تخاطبُ كل الناس من خلالها، ويستطيع أن يصوّرَ الى الناس كل شيء.
نحن نريد أن نستخدم الإعلام اليوم بما نمتلك من حقائق، لا نريد أي تزييف؛ فالإعلام يخدمُ الثورة الحسينية؛ لتصل الى كم أكبر من الناس، والمجتمعات الانسانية في كل هذا العالم...
الاعلام الحسيني – ولله الحمد - انطلق بعدما فُتح العراق، لأن العراق له خصوصية خاصة، ونحن نعرف رغم كل الذي عاناه أمير المؤمنين (ع) في العراق، وكل الذي عاناه الإمام موسى الكاظم (ع)، والامام الحسين (ع)... الى أن العراق يبقى الركيزة الأساسية لإنطلاق التشيع في كل أنحاء العالم... ولما فتح العراق رأينا التشيع ينطلق بدوي الى كل أنحاء العالم والكرة الأرضية، وقبل أن يفتح العراق لم يكن هذا الدوي، وهذا الصدى بهذه القوة, ومشكورة هي باقي الدول التي عملت من أجل تقديم العطاء، لكن لم يأخذ التشيع صداه وقوته إلا بعدما فتح العراق... فنحن نتأمل أن يأخذ المنبرُ مكانته الكبرى في الإعلام، كما أخذ مكانته في النفوس، وهو الطريق الوحيد لإيصال الفكر الإسلامي الاصيل.
صدى الروضتين:- فكر أهل البيت (ع) وبداية المنبر الحسيني؟
فكر أهل البيت (ع) هو الفكر الأصيل والأساس الرصين؛ فالمنبرُ هو الذي يُعنى بإيصال هذا الفكر الى المجتمع، وبالتالي هو مدرسة وجامعة متنقلة بكل ميادين العلم، لذلك نحن نطلب من الإخوة المعنيين، ومن المسؤولين، خصوصاً الذين لهم يد في الأمر والنهي، أن يؤسسوا للخطباء جامعة تعنى باللقاء الدائم بين الخطباء وبالمؤتمرات الدائمة للخطابة الحسينية، على أن يكون المنهجُ منهجاً واحداً، وأن كانت الزهراء عليها السلام تقول: (فجعل اللهُ الإيمان تطهيراً لكم من الشرك... وطاعتنا نظاماً للملة، وإمامتنا أمانا من الفرقة)...
وبما أننا نحن في ولاية علي بن أبي طالب (ع) فقلوبنا مجتمعة وموضوعنا تجده متحد، رغم أن لكل وردة طعم مختلف ورائحة مختلفة، فترى لكل خطيب لوناً خاصاً، وطعما خاصاً، ونكهة خاصة، إلا أنه كله يصب في بوتقة خاصة، وهي خدمة الحسين (ع).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat