مقدمة: نداء من الجنوب المنسي⁉️.
تواجه محافظة ذي قار واحدة من أشدّ أزماتها البيئية في التاريخ الحديث، حيث تلفظ أهوارها أنفاسها الأخيرة وسط مشاهد صادمة لانكماش المياه ونفوق الحيوانات ونزوح السكان. أزمة الجفاف هذه لم تعد مجرّد خلل موسمي، بل أصبحت كابوسًا دائمًا يكشف عن هشاشة الإدارة المائية، ويهدد الأمن البيئي والسكاني والاقتصادي في آنٍ واحد.
فقد كانت أهوار الجبايش والهور الحمار قلبًا نابضًا للتنوع البيئي والتراث الثقافي، لكنها اليوم تجف أمام أعين أهلها. وتشير بيانات مديرية الموارد المائية إلى أن منسوب المياه في الأهوار انخفض إلى أقل من 30% من معدلاته الطبيعية، ما أدى إلى هلاك آلاف الجاموس والأسماك، وإجبار المئات من العائلات على النزوح من مناطقهم.
يقول (أبو حسين)، أحد سكان الأهوار:
"الجاموس عطشان، ما عدنا مي. الهور يبس، والسمك انقرض. مضطرين نترك المكان .
انها أسباب متشابكة.. ومسؤوليات متداخلة و يرجع الخبراء والمراقبون الأزمة إلى مزيج من العوامل المعقّدة، أبرزها:
قلة الإطلاقات المائية من المحافظات المجاورة.
ومشاريع السدود في تركيا وإيران على منابع دجلة والفرات.
وسوء الإدارة الداخلية وغياب نظام عادل لتوزيع المياه.وتغيّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة.
عطفا على ذلك فقد اكدت الموارد المائية ، أن المحافظة تتلقى أقل بكثير من حصتها القانونية، ما أدّى إلى انهيار تدريجي للنظام البيئي في الأهوار.
ان النتائج المترتبة على الجفاف ليست بيئية فحسب، بل تمس حياة السكان بشكل مباشر ،فقدشهدت هذه المناطق نزوح عشرات العوائل من القرى المتضررة.وادت الى خسائر فادحة في الثروة الحيوانية والزراعية.كذلك تفشي البطالة وتراجع فرص العمل في الريف.وتهديد مباشر بخروج الأهوار من لائحة التراث العالمي.
ورغم تصاعد الأزمة، لا يزال التحرك الحكومي باهتًا. حيث تُواجه الحكومة انتقادات لاذعة بسبب غياب الخطط الاستراتيجية الفاعلة، وتهميش ملف المياه في السياسات العامة، ما يجعل ذي قار ضحية صراع بين اطراف متعددة.
ان الإهمال السياسي ادى الى ات صرخات الإنقاذ ترتفع ،اذ يطالب أهالي الأهوار ووجهاء المجتمع ومنظمات المجتمع المدني بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، منها:
الضغط على الحكومة الاتحادية لتفعيل الاتفاقات المائية مع دول الجوار.
زيادة حصة ذي قار من الإطلاقات المائية فورًا.
تنفيذ مشاريع تنمية مستدامة للأهوار.
إطلاق حملات إغاثية عاجلة للعوائل المتضررة.
ان مابين بين الظمأ والصمت ،وما يجري في ذي قار ليس مجرد أزمة محلية، بل جرس إنذار لوضع مائي هش يهدد العراق بأسره. وإذا بقيت الأهوار وحيدة في معركتها ضد الجفاف، فسيخسر البلد أحد أعرق ملامحه البيئية والحضارية. فهل تنقذ الدولة ما تبقى من "جنة الجنوب"، أم تبقى الأصوات مختنقة في عطشها⁉️
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat