الفلول الارهابية والعصابات الاجنبية على الأبواب: مخاطر الزحف الإرهابي المدعوم نحو العراق والمنطقة
رياض سعد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض سعد

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى مشاهد الحروب التقليدية، والصراعات المفتوحة، والتجاذبات الدولية، تغفل كثير من الأنظمة السياسية والشعوب عن الأخطر...؛ ذاك الذي يتسلل كالأفعى، يتلبس لبوس الثورة تارة، والدين تارة أخرى , والعروبة ثالثة ، ويخفي أنيابه خلف لافتات "الحرية" و"الكرامة"... ؛ إن ما يحدث في سوريا اليوم ليس "ثورة ولا تحرر "، ولا هو "نظام إنقاذ أو حكومة مدنية "، ولا تمرد مشروع، بل هو نموذج سافر لانهيار الدولة وتحولها إلى مسرح دموي تتقاطع فيه أجهزة استخبارات عالمية، وتُبعث فيه جيوش الإرهاب من رماد الهزائم القديمة... .
من هو الجولاني؟ وماذا يمثل؟
إن الشخصية التي تدعى بـ"أبي محمد الجولاني"، والتي تتزعم ما يُعرف بـ"هيئة تحرير الشام - جبهة النصرة الارهابية - " أو ما يسمى بـ"حكومة الإنقاذ"، هي مجرد واجهة لمشروع أكبر وأخطر... ؛ شخصية غامضة النسب، مبهمة الانتماء، لا يُعرف لها أصل سوري واضح ، ظهرت فجأة كما يظهر القادة المصطنعون في مختبرات الأجهزة الأمنية الخارجية... ؛ فالجولاني ليس سوى قفاز أسود في يد حمراء، تعمل على تمزيق الجغرافيا السورية، وسحق المجتمع، وإعادة هندسة المنطقة عرقياً ومذهبياً... .
تحالف الدم والسلاح: العصابات العابرة للحدود
من ينظر إلى البنية البشرية لما يسمى اليوم بـ"الفصائل المسلحة السورية المعارضة والحركات الجهادية والاسلامية والسلفية والاخوانية " لن يرى سوى حشد من المرتزقة وشذاذ الآفاق : شيشانيون، داغستانيون، أوزبك، أيغور، أفغان، تركمان، شركس، وحتى بعض الأوروبيين من المتطرفين الدينيين... ؛ خليط مهووس بالعنف والتكفير والنهب، تدرب على أيدي أجهزة مخابرات متعددة الجنسيات، وتلقى تمويلاً وتسليحاً من تركيا والصهاينة والأوكران وغيرهم... .
هذه العصابات ليست بديلاً وطنياً، بل امتداد تاريخي لفلول الاحتلال العثماني البغيض ، يوم كان الإنكشاري يقتحم بيوت العرب ويسوق أبناءهم للتجنيد القسري، ويزرع الرعب والإعدامات بالخازوق في الساحات... ؛ إن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأقنعة جديدة.
من العلوية إلى الدروز: مراحل التطهير الطائفي
بعد أن فرغت هذه الجماعات من التهام العلويين في الساحل السوري – قتلاً وذبحاً وتمثيلاً بالجثث، وإحراقاً للغابات والقرى والمقابر – توجهت نحو جبل العرب، حيث تقطن الطائفة الدرزية... ؛ هناك، لم يكن المشهد أقل دموية: إهانات علنية، حلاقة شوارب الرجال، اقتحام البيوت، نهب الممتلكات، إحراق المدن والبلدات... ؛ ولولا الضغط الذي مارسه دروز فلسطين المحتلة على الحكومة الصهيونية – التي شنت بالفعل ضربات جوية تحذيرية ضد مواقع الجولاني – لربما تمّت تصفية الوجود الدرزي من خارطة سوريا.
سوريا اليوم: بلد بلا ملامح
ثمانون بالمئة من الشعب السوري يعاني من انعدام الأمن الغذائي : لا ماء، لا كهرباء، لا تعليم، لا دواء، لا أمان... ؛ فبين كل خبر عن مذبحة، يخرج خبر آخر عن اختطاف فتاة أو اغتصاب جماعي – بذريعة جهاد النكاح او وطء السبايا - أو اختفاء نساء في غياهب مقرات الأمن العام التابعة لعصابات الجولاني الاجنبية ... ؛ شباب سوريا بلا أفق، أطفالها ينامون على جوع، ونساؤها بين النزوح والإذلال... ؛ وعلى أنقاض كل هذا الجحيم، يخرج الجولاني ليرقص على حطام دولة، مروجًا لما سماه بـ"الهوية السورية البصرية" المستوحاة من شعار شركة مشروبات كحولية أوروبية! هل هناك جنون أكبر من هذا؟!
الهدف القادم: العراق ولبنان
التحليلات الأمنية تشير إلى وجود ما لا يقل عن 65 ألف مقاتل أجنبي في المعسكرات التركية والسورية المحاذية للعراق، تم تدريبهم تدريباً عنيفاً، وتم تسليحهم بالدبابات والطائرات المسيّرة وبحماية جوية من الطيران الحربي التركي مرتقبة في حال اندلاع الحرب المقررة في كواليس الاعداء ... ؛ و التنسيق جارٍ مع بعض شخصيات أربيل، في مخطط واضح لشن هجمات على المناطق الغربية والشمالية من العراق، وعلى الجنوب اللبناني، وربما لاحقاً على الأردن... .
ليس الأمر مسألة "توقعات"، بل مؤشرات مؤكدة وخطط تُرسم بدقة ... ؛ وقد كشف الرئيس المصري هذه المخططات وقدمها الى الحكومة العراقية والى ايران ايضا ... ؛ وإذا لم تبادر دول الجوار – خصوصاً العراق ولبنان والأردن وايران – إلى تنفيذ ضربة استباقية واسعة، فإنهم سيدفعون ثمناً دموياً باهظاً... ؛ إن انتظار اللحظة التي تتوحد فيها هذه الفلول للدخول بـ"كامل عدتهم وعددهم" سيكون بمثابة انتحار سياسي وأمني.
الخاتمة: لا حياد في مواجهة الذبح
الصمت في مواجهة هذا الزحف الإرهابي خيانة... ؛ والحياد وهمٌ قاتل... ؛ فإما أن تبادر دولنا إلى حماية وجودها، أو أن تستعد لمجزرة جديدة... ؛ ولكن هذه المرة، ستكون الأبواب مشرعة والحدود مخترقة، والدبابات تركية، والمسيّرات صهيونية، والمقاتلون من كل فجٍ عميق...؛ ولن تكون هناك قوة حينها قادرة على صدّ سيل الدم القادم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat