حرف ومهارات اندثرت
عبد الملك كمال الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الملك كمال الدين

في ثلاثينيات القرن الماضي وما بعده حتى الخمسينات كانت انذاك حرف وصناع مهرة يجوبون القرى والارياف البعض منهم (دراويش) يمتهنون حرفا شائعة انذاك ومنهم (خياط فرفوري) وهذا يضع على كتفيه حقيبة ادوات مثل الاقواس والمزارف الناعمة القوية وأكياس من مسحوق (النورة) وعمله يتمثل في وضع المثقب بين أوتار القوس يجيء به يمينا ويسارا، وعندما تثقب قطعة الفرفوري (صحن أواسه أو مزهرية أو قوري) تثقب عدة ثقوب متقاربة في كلا القطعتين المكسورة والاصل وبعد أن يطابقهما بعمل كلاب ذي رأسين من سلك حديدي، يفرز طرف هنا وطرف مقابله، وهكذا بقية الثقوب بعد ذلك يعمل عجينة من مسحوق النورة وبياض البيض مع قليل من السكر ويطلي منطقة الخياط. وبعد فترة قصيرة يتصلب ويتماسك الخليط وتعود الانية المكسورة قوية صالحة للاستعمال يلاحظ ان هذا الحرفي الماهر يستعين بالماء أثناء التثقيب فوق (البرينة) الثاقبة حتى لا تحدث حرارة عالية عند الثقب مخافة حدوث كسر آخر معروف أن الفرفوري القديم كان من أرقى النوعيات مثل (السكسون، والبوهيمي، والجيرالد الهولندي، والانكليزي، والصيني، والقيصري، وغالبيته عمل يدوي.
اما الحرفي الاخر فهو (النقار) وهذا يعمل على (تنكير) طاقي (الرحى) المستعملة في طحن الحبوب من الحنطة والشعير حيث ان كثرة الطحن تجعل من وجهي الطاقين المتلامسين ناعمين ولابد من (تخشينهما) وهذه من عمل (النكار) حيث ينزع الطاق الاعلى (وينقره) لاعطائه شيئا من (الخشونة) كذلك الطاق السفلي يعمل على نفس الوتيرة وهنا تعاد (الرحى) صالحة للطحن وكذلك حرفي آخر لـ(حد) السكاكين والقامات والسيوف والفؤوس وسكاكين (التكريب) المستعملة في قص سعف النخيل و(عثوگ) الرطب وكذلك فؤوس تكسير (كلات القند) السكر وكذلك تدبيب البسامير الحديدية الطويلة ذات النهايات العريضة والتي تستعمل لربط الأبواب الخشبية الواسعة للبساتين وبعض الخانات ويذكر أن بعض الأبواب كانت من مسطح جذوع النخل، كان هذا الحرفي يتميز بجعل دولاب (عجلة) كبيرة ترتبط (بحجر كوسره) بواسطة (قايش، نطاق) وهو ينادي حداد سكاكين، سيوف، فؤوس فينتفع كل صاحب حاجة منه بأجر زهيد وهكذا كانت الدنيا سهله بسيطة متواضعة رخيصة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat