صفحة الكاتب : فريدة الحسني

نزاهة القضاء ... ضمان تطبيق العدالة
فريدة الحسني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

نزاهة القضاء … حصن العدالة وركيزة الدولة رغم التحديات

فريدة الحسني

لا يمكن لأي دولة أن تزهو بسيادة القانون أو تحلم بالاستقرار دون قضاء نزيه يشكل صمام الأمان للمجتمع وضمانة الحقوق والحريات. فالقضاء المستقل والعادل هو ركيزة الدولة الحديثة وأحد أهم دعائم بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات بلده. وبرغم ما يحيط عمل القضاء من تحديات وضغوط تبقى نزاهته هي البوصلة التي تحافظ على هيبته ودوره الحيوي فهو يمثل حجر الزاوية في بناء أي دولة قائمة على سيادة القانون والعدالة. وفي العراق الذي شهد خلال العقود الماضية أزمات متلاحقة وحروبا وصراعات داخلية، تبدو نزاهة القضاء أكثر إلحاحا وأهمية من أي وقت مضى. فرغم الصعوبات والتحديات الجسيمة التي تعيق عمل القضاء، يبقى القضاء العادل النزيه هو الأمل في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

 

القضاء النزيه… أساس العدالة.. القضاء العراقي ودوره المحوري

 

تتمثل أهمية نزاهة القضاء في كونها الضمان الأول لتحقيق العدالة بين الناس. فحين يشعر المواطن أن القاضي لا يخضع إلا للقانون وضميره المهني، ينمو شعور الطمأنينة في النفوس. يصبح القضاء ملاذاً آمناً لكل مظلوم، ووسيلة حضارية لحل النزاعات بعيدا عن شريعة الغاب أو أساليب الانتقام ولا تقتصر أهمية النزاهة القضائية على المواطن وحده بل تشمل استقرار الدولة بأكملها. فالدولة التي يثق شعبها في قضاء عادل قادرة على تجاوز الأزمات وحماية وحدة صفها مهما اشتدت الصراعات أو تعقدت القضايا.

القضاء العراقي يعد صمام الأمان لحماية الحقوق وصون الحريات. وفي بلد مثل العراق، تتعدد فيه المكونات وتتشابك المصالح، يصبح وجود قضاء نزيه ومستقل ضرورة لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي. فالقاضي النزيه في العراق لا يصدر أحكامه إلا وفق ما يمليه القانون والضمير، بعيدا عن أية ضغوط أو انتماءات. وقد شهد القضاء العراقي، وخاصة بعد عام 2003، جهودا كبيرة لاعادة بنائه وتطويره ليكون قادرا على مواجهة التحديات المتجددة، خصوصا في ظل تصاعد التوترات السياسية وانتشار الفساد وضعف بعض المؤسسات.

 

تحديات تواجه نزاهة القضاء وتعترض طريق العدالة

 

رغم هذه المكانة السامية يواجه القضاء في كثير من البلدان تحديات تهدد نزاهته واستقلاله تعترض طريق العدالة ، من أبرزها التدخلات السياسية أو الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي قد تمارس على القضاة ، كما تسهم بعض مظاهر الفساد الاداري والمالي أحياناً في تشويه صورة العدالة ما يضعف ثقة الناس في منظومة القضاء. إلى جانب ذلك، يعاني بعض القضاة من نقص في الموارد والدعم الفني ما يعرقل أداءهم ويثقل كاهل المحاكم بقضايا متراكمة تستغرق وقتا طويلا للفصل فيها. ولا ننسى التهديدات التي قد يتعرض لها القضاة في قضايا حساسة والتي تمثل محاولة خطيرة للنيل من استقلاليتهم

اشير هنا إلى التحديات الجسيمة التي تقف في طريق نزاهته واستقلاله ولعل أبرز هذه التحديات

                        -التدخلات السياسية: ما زالت بعض القوى السياسية تسعى إلى التأثير على قرارات القضاء، سواء في القضايا الكبرى أو حتى في بعض الملفات اليومية، ما يضعف ثقة الناس في حياد القضاء

                        -الفساد الإداري والمالي: ينتشر الفساد في بعض مفاصل الدولة ولا يسلم منه الجهاز القضائي وهو ما يلقي بظلاله على صورة العدالة أمام المواطن.

                        -التهديدات والضغوط: يتعرض بعض القضاة خصوصا عند نظرهم في قضايا الإرهاب أو الفساد الكبرى إلى تهديدات مباشرة ما يضعهم في مواقف بالغة الخطورة.

                        -ضعف البنية التحتية والدعم اللوجستي: تعاني بعض المحاكم من قلة الإمكانات وضعف الكوادر المساندة وطول الاجراءات ما يؤدي إلى تراكم القضايا وتأخير البت فيها

 

نزاهة القضاء… الأمل المتجدد ... رغم العواصف… النزاهة هي الأبقى

 

ورغم هذه التحديات والمخاوف يبقى القضاء النزيه هو الأبقى لأنه الركن الذي لا غنى عنه في بناء الدولة وحماية المجتمع. القضاء النزيه هو الذي يحفظ القانون فوق الجميع، ويرسخ مبدأ المساواة ويعزز التنمية ويجذب الاستثمار لأنه يوفر بيئة قانونية عادلة ومستقرة

إن نزاهة القضاء ليست مسؤولية القضاة وحدهم بل مسؤولية مشتركة بين الدولة بكل مؤسساتها والمجتمع بأسره. ويجب دعم استقلال القضاء وتحصينه من التدخلات ، وتوفير التدريب المستمر للقضاة ، وتعزيز الشفافية ، بما يضمن استمرار أداء رسالته السامية

أخيراً

في عراق ما بعد الازمات لا بقاء الا للقضاء العادل لانه ركيزة الدولة المدنية القوية قد تمر العدالة بمنعطفات صعبة لكن لا بقاء الا للقضاء النزيه فهو ميزان الحق ومرآة حضارة الشعوب وسياج الدولة القوية العادلة. ومن هنا، يصبح الدفاع عن نزاهة القضاء واجبا وطنيا لا يقل أهمية عن الدفاع عن حدود الوطن نفسه اذا ما اريد للعراق أن ينهض حقا ، فالبداية تكون من قاعة المحكمة حيث يقف القاضي ليقول كلمة الحق دون خوف أو انحياز.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فريدة الحسني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/25


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • خور عبد الله.. حين تُباع السيادة قطرةً قطرة، والنفط يُحتكر بإذن الجار  (المقالات)

    • ظاهرة مشاهيرالسوقية والابتذال..غزو ناعم يشوّه الهوية ويهدد الذوق العام العراقي.  (المقالات)

    • ثقافة الربح بلا رقابه.. حقيقة جارحه يعيشها كل عراقي  (المقالات)

    • ظاهرة خطيرة تهدد الأمن المجتمعي تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل في العراق  (المقالات)

    • سوريا في مهب التصعيد.. مأزق داخلي وتحديات إقليمية في مواجهة مشروع التفتيت  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : نزاهة القضاء ... ضمان تطبيق العدالة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net