صفحة الكاتب : فريدة الحسني

الإنسانية… القيمة الحقيقية للإنسان
فريدة الحسني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في عالم تزداد فيه الصراعات ويتسابق فيه كثيرون وراء المال والمناصب والشهرة، تضيع أحيانا البوصلة التي تحدد المعنى الحقيقي للإنسان. فما الذي يبقى بعد أن تخفت الأضواء وينطفئ بريق السلطة والجاه؟ إنها الإنسانية، ذلك الشعور العميق الذي يجعل الإنسان إنسانا بحق، ويمنحه قيمة تتجاوز حدود الزمن والمكان

الإنسانية ليست رفاهية ولا شعارا يرفع، بل هي ممارسة يومية تختبر في تفاصيل التعامل مع الآخرين، في كلمة طيبة، أو يد ممدودة للعون، أو قلب يتسع للرحمة، حين نفقد إنسانيتنا نفقد أهم ما يميزنا عن بقية الكائنات وحين نحافظ عليها نرتقي فوق كل اعتبار آخر.

المناصب تزول والمال يفنى… وتبقى الإنسانية

الإنسانية هي المعنى الجامع الذي يختصر الأخلاق، والرحمة، والعدل، والتسامح. فهي التي تجعل العالم أكثر قابلية للحياة، وتجعل قلوب البشر متصلة ببعضها رغم اختلافاتهم في الدين أو اللون أو اللغة

كثيرا ما نرى أشخاصا اعتلوا المناصب وتكدست في أيديهم الأموال لكنهم لم يتركوا أثرا طيباً لأنهم لم يعرفوا طريق الإنسانية. وعلى الجانب الآخر، نرى أناسا بسطاء ربما لم يمتلكوا إلا القليل لكنهم تركوا أثرا خالدا في نفوس من حولهم بطيبتهم وصدقهم وتعاطفهم، هذا التباين يثبت أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تقاس بالرصيد البنكي ولا بالكرسي الذي يجلس عليه، بل تقاس بمدى إنسانيته.

 

الانسانية والعلم

العلم والمعرفة لهما قيمتهما العظيمة، لكن العلم من دون إنسانية قد يتحول إلى أداة دمار بدل أن يكون وسيلة بناء. المال قد يسد احتياجات الجسد، لكن الإنسانية وحدها هي التي تشبع الروح. وحتى الشكل أو المظهر الخارجي قد يمنح الإنسان حضورا لحظيا، لكنه يذوب أمام كلمة صادقة أو موقف رحيم يترك بصمة لا تمحى

إن إنسانيتنا هي التي تجعلنا نتشارك آلام الآخرين وأفراحهم، وهي التي تدفعنا لمساعدة المحتاج، والتسامح مع المخطئ، والتضامن مع المظلوم. إنها جوهر يعلو على المصالح الضيقة وميزان عادل يساوي بين البشر جميعا، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين صاحب منصب وعامل بسيط، أمام حقيقة الإنسانية

 

قيمة لا تشترى

لا يمكن شراء الإنسانية ولا توريثها فهي لا تكتسب إلا عبر التربية والوعي والضمير الحي. قد يمنحك المجتمع لقبا أو صفة اجتماعية، لكن إنسانيتك هي وحدها ما يمنحك القيمة الحقيقية في عيون الآخرين

إن إنسانيتنا هي التي تجعلنا نتشارك آلام الآخرين وأفراحهم، وهي التي تدفعنا لمساعدة المحتاج، والتسامح مع المخطئ، والتضامن مع المظلوم. إنها جوهر يعلو على المصالح الضيقة، وميزان عادل يساوي بين البشر جميعا، فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين صاحب منصب وعامل بسيط، أمام حقيقة الإنسانية

 

حين يغيب كل شيء، تظل الإنسانية هي البصمة الخالدة

في نهاية المطاف، تبقى الإنسانية هي الرصيد الحقيقي للإنسان، فهي التي تحفظ له مكانته في قلوب الناس، حتى بعد أن يرحل عن الدنيا. أما المناصب والأموال والشهرة، فهي عابرة لا تترك سوى صدى قصير العمر. لنجعل إنسانيتنا هي البصمة التي نتركها للأجيال، فهي القيمـة التي لا تبلى، والرسالة التي تمنح للحياة معناها الأعمق. قد نفقد كل شيء في هذه الحياة، لكن إنسانيتنا هي الشيء الوحيد الذي لا يجب أن نفرط فيه أبدا لأنها الكنز الذي يخلدنا

 قد يخسر الإنسان كل شيء إلا إنسانيته فهي رأس المال الذي لا يفنى، والميزان الذي يعلو على كل المقاييس الأخرى. فليكن تعاملنا قائما على إنسانيتنا قبل أي اعتبار آخر، لأن ما يبقى بعدنا ليس ما جمعناه من أموال أو ألقاب، بل ما تركناه من أثر إنساني في حياة من حولنا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فريدة الحسني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/09/18



كتابة تعليق لموضوع : الإنسانية… القيمة الحقيقية للإنسان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net