صفحة الكاتب : محاسن غني النداف

ثقافة الانتماء
محاسن غني النداف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  ثقافة الانتماء هي ليست ثقافية تميزية بقدر ما هي ثقافة تلاحمية تربط الوجود الانتمائي بما هو أسمى، والانتماء الديني يمثل معناه الشعور بالانتماء (الوطني – الإنساني)، واستشعار ما للوطن من افضال يحرص الدين على مد جسور المحبة والمودة مع أبناء الوطن لإيجاد سبل التألق والتآزر.
 البعض يساهم عالمياً في تشكيل فضاءات ثقافية في دول شتى، لكن يبقى ذلك جزءً من الثقافة الوطنية، والبعض الآخر صار يكتب بلغة الدول التي يهاجر إليها: (فرنسي، إنكليزي، هولندي، اسباني)، فبماذا نحدد الانتماء الثقافي.
 لاحظ البعض أن هذا الانتماء تنوع كناتج عن الهوية الثقافية داخل ما يسمى بالتنوع الثقافي على المستوى الفكري، وصرنا نعتقد أن ثقافة الانتماء الوطني تحت مظلة الانفتاح الإنساني، وهناك من يشعر أن الوعي بالانتماء الوطني يظل ضعيفاً أو أقرب الى الإحساس الغريزي أن تنهض به ثقافة التأريخ نفسه، ليوقظ فينا حسّ التأريخ الذي يشدنا الى تراث امتنا.
 وثقافة الانتماء الوطني، تنبثق من الاسرة؛ لكونها الركيزة الأولى في التنشئة الاجتماعية، ارتباط المواطن بوطنه، فأول درس من دروس الانتماء الوطني هو زرع ثقافة التعايش السلمي، بعيداً عن التعصب والتطرف سنجد فيها الانتماء الوطني، أي الانتساب الحقيقي للدين والوطن فكراً ووجداناً ومشاعر، واعتزاز الفرد بالانتماء الى دينه وأمته، وتفاعله مع احتياجات وطنه.
 البعض يحاول اليوم أن يربطها بالمكان او لنقل بمقدار منفعي يحققه لصالح المواطنة، فتارة يسميها الحوار بين أفراده وإبراز ثقافة أدب الحوار، والحقيقة ان روح المواطنة تعزز من العائلة، ولذلك هي اكبر من ظروف أي واقع معاش، وكأننا بدأنا نشترط على الوطن انتماءاتنا.
 نريد من الوطن أن يحافظ على الامن؛ لكي ننتمي اليه، فضياع الحقوق في بلد لا يبعد عنه ابناءه، بل لابد ان يكونوا له اقرب في وقت الشدائد، يبدو أن الحديث في الصحف والمجلات والكتب سهلة الطبع هي من اجل زعزعة هذا الانتماء، كيف تغرس الوطنية عند الطالب، والمعلم هو أول من ضيّع وطنيته، وارتضى أن يعيش على هامش الحياة، وانقطع تماماً عن شؤون المجتمع.
 العالم اليوم يبحث عن روح الانتماء الذي تؤثر في انتاجه الفكري بشكل جذري، تعتبر السلوكية مثلاً في أساس معظم الأعمال في ميدان علم النفس، بالبحث عن الانتماء الثقافي وطبيعته الاجتماعية وارتباطاته المهمة، وأما أن يترك بلده ويتأثر كليا بمعطيات ذلك البلد، يعني هناك خلل في ارتباطاته العائلية السلوكية، ومن الممكن وجود تشوهات عرقية.
 صحيح أن الثقافات أفكار مجردة يبديها الفكر، لكن على الثقافة أن تخدم الانتماء الوطني، لا أن يكون علة عليها، لباقة المنظرين تأخذنا أحياناً المتاهات المرسومة قصديا، فهم يريدون خلق فوارق كبيرة بين الانتماء بمبدأ الهوية، ونحن نسعى الى تقليص المسافة بين الهوية والانتماء.
 وللثقافة الإسلامية هي أيضاً ثقافة متحركة تعمل على رفع المستوى الفكري والثقافي للمسلم تؤهله للمنجز، وما يشاع بلباقة المنظرين الغربيين أو المتأثرين بهم ان سبب تأخر المسلمين هو تمسكهم بدينهم، بينما الصحيح هو سبب التأخر ضعف الانتماء، فالانتماء الحقيقي هو محصن وقادر على التوجيه، فمن أبرز قيم الانتماء هي النظر الى الوحدة الإسلامية بجميع مذهبياتها، ومنهجية المفارقة، فكانت المقارنة بتيارات الفكر الغربي وتيارات العصر، فيكون دعائم الانتماء هو الايمان بعالم الغيب، وأساس الإسلام هو من منكرات الثقافة المادية بما فيها وجود الله (عز وجل) والقضاء والقدر، واعتبار الدنيا مرحلة انتقال الى الآخرة.
 أما الثقافات المادية لا اعتبار لديها إلا للحياة الدنيا، ويعتبر الانتماء الإسلامي ان الوحي مصدر المعرفة، والتضامن هو أساس التعايش السلمي، وثقافة الإسلام ثقافة انتماء تعمل على ترسيخ المبدأ الإنساني لصيانة الهوية وعدم خيانة الأمة، باعتبار ان العلم لا وطن له ولا امة، بل نحن وهج العلم والحضارة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محاسن غني النداف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/21



كتابة تعليق لموضوع : ثقافة الانتماء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net