صفحة الكاتب : د . عزيز جبر الساعدي

عدالة الإمام علي (عليه السلام).. دروس خالدة في زمن المتغيرات
د . عزيز جبر الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يُعد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنموذجًا فريدًا للعدالة الإنسانية في أبهى صورها، ليس فقط في الإسلام، بل في تاريخ الفكر الإنساني كله. عدالته لم تكن مجرد شعار سياسي أو ديني، بل سلوكًا يوميًا مارسه في الحكم والإدارة، وفي تعامله مع القريب والبعيد، الصديق والخصم.

في زمن تعصف فيه المصالح، وتتداخل فيه الأهواء مع مواقع القرار، يقف الإمام عليّ كمرجعية أخلاقية وإنسانية تستحق الاقتداء. رفض التمييز بكل أشكاله، وقال قولته الشهيرة حين طلب منه أخوه عقيل مالًا من بيت المال: "أتحرقني بنارٍ أعددتها لغيري؟!". لم يجامل، ولم يهادن على حساب المبادئ.

الاقتداء بعدالة الإمام علي يعني بناء دولة تنصف الفقير، وتحاسب الفاسد، وتحكم بالحق، لا بالعلاقات والمصالح. يعني أن لا نغش في البيع، ولا نظلم في الوظيفة، ولا نكيل بمكيالين في التعامل مع الناس.

علينا أن نترجم عدالته إلى سلوك في البيت، في العمل، في القضاء، في الإعلام، وفي أبسط المواقف اليومية. فالإمام علي (ع) لم يكن مجرد خطيب أو فقيه، بل كان مدرسة في النزاهة والعدل والرحمة.

وفي زمن تتآكل فيه القيم، يبقى عليٌّ (عليه السلام) قبسًا من نورٍ لا يخبو.: عدالة الإمام علي (عليه السلام).. ضوء لا ينطفئ

حين نبحث عن مفهوم العدالة الحقيقي، فإننا لا نستطيع أن نتجاوز سيرة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي جسّد العدل قولاً وفعلاً، حتى صار مضرب المثل في الحكم بين الناس دون محاباة أو مجاملة.

من شواهد عدالته:

1. قصته مع درعه والقاضي المسيحي:
رُفع له نزاع مع رجل نصراني حول درع، فوقف الإمام أمام القاضي كأي خصم عادي، ولم يمنح لنفسه أي امتياز رغم كونه أمير المؤمنين، وعندما طلب القاضي شاهداً، لم يقبل بشهادة ابنه الحسن، فحكم بالدرع للنصراني، فابتسم الإمام وقال: "هذا هو العدل". وبهذا الموقف أسلم الرجل النصراني تأثراً بعدالة الإمام.

2. موقفه من أخيه عقيل:
حين طلب عقيل مالاً من بيت المال، وهو محتاج، رفض الإمام ذلك قائلاً: "واللهِ لَأَنْ أَبِيتَ على حسك السَّعدانِ مُسَهَّداً، أو أُجَرَّ في الأغلالِ مُصفَّداً، أحبُّ إليَّ من أن ألقى اللهَ ورسولَه يوم القيامةِ ظالماً لأحدٍ من عبادِه."

3. تعامله مع ولاته:
كان شديداً في محاسبة عمّاله، وعزل واليه على البصرة عثمان بن حنيف لأنه لبّى دعوة خاصة لطعام دون مراعاة العدالة الاجتماعية، وقال له: "أترضى أن تدخل إلى طعام الأغنياء، ويُترك الفقراء؟"

كيف نقتدي بعدالته اليوم؟
- بقول الحق ولو على أنفسنا.
- بعدم المجاملة في الوظيفة أو القضاء أو توزيع الثروات.
- باعتبار السلطة مسؤولية لا امتيازاً.- بتربية الأبناء على قيم الإنصاف.

إن عدالة عليّ (ع) لا تنتمي إلى الماضي فقط، بل هي مشروع مستقبلي لأي دولة تريد أن تنهض. كانت كلماته دستورًا، ومواقفه قنديلًا للمؤمنين، ويكفيه قوله: "العدل حياة الأحكام."


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عزيز جبر الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/06/13



كتابة تعليق لموضوع : عدالة الإمام علي (عليه السلام).. دروس خالدة في زمن المتغيرات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net