حوارية (١٤٤) ما الضابطة التي أعتمدها كي لا أتجاوز الحد في اعتقادي بمرجعي أو بأي عالم للدين وأصل حد المغالاة؟
زاهر حسين العبدالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زاهر حسين العبدالله

☝️ السائل:
ما الضابطة التي أعتمدها كي لا أتجاوز الحد في اعتقادي بمرجعي أو بأي عالم للدين وأصل حد المغالاة؟ بحيث لو صدر منّي أي تصرف أطبقه على الضابطة فإن صدقت أكون تجاوزت الحد، وإن لم تصدق أكون في المنطقة الخضراء الآمنة؟
✋الجواب بسمه تعالى
أخي العزيز هناك أمر مهم وهو حد فاصل يفصل بين المراجع والعلماء أو طلاب العلم عامة وبين أهل البيت عليهم السلام هو العصمة التي لا تجوز على أحد إلا من عصمه الله سبحانه وتعالى وهم الأربعة عشر معصوماً أولهم النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وآخرهم مولانا الحجة عليه السلام وبقية الأنبياء والمرسلين قبلهم ثم الذين يلونهم ممن كسبوا العصمة من الأولياء الخاصين كالخضر وزينب الكبرى وأبي الفضل عليهم السلام وغيرهم وإن لم ينص الدليل بعصمتهم بشكل صريح . أما بقية الخلق فأقوالهم وأفعالهم وتقريراتهم قابلة للاشتباه والخطأ والنسيان والسهو وغيرها من العوارض هذه قاعدة عامة مهمة ومسلمة لابد من الالتزام بها. كما أن هذه القاعدة يُقرها المراجع والعلماء والعقلاء من داخل المدرسة الإمامية.
☝️السائل:
ما هو الحد الوسط الذي نتعامل به مع مراجع الدين خاصة وبقية العلماء وطلاب العلم عامة؟
✋الجواب:
ألا تتجاوز الحد وهو العصمة والكمال والرشاد والحتم والجزم في أحد من خلق الله سبحانه وتستثني من ذلك المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام.
فتجاوز الحد في غير المعصومين عليهم السلام من المراجع أو علماء الدين أو المؤمنين هو أن تعطي من تعتقد فيه وتحبه فوق ما أعطاه الله سبحانه وتعالى مع كامل الاحترام والتقدير لمراجعنا العظام وعلمائنا الكرام فإنهم بشر يعتريهم ما يعتري البشر لأنهم غير معصومين ولكن الواجب الأخلاقي حسن الظن بهم ووضعهم في منازلهم وأن نحترم وصية أهل البيت عليهم السلام فيهم كما روي عن أهل البيت عليهم السلام.
فعن مولانا الإمام الهادي (عليه السلام): لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا (عليه السلام) من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله. ميزان الحكمة لمحمد الريشهري ج ٣ ص ٢٠٨٧.
فنقول بلغة وسط: أن المراجع المؤتمنين المشهورين في الوسط الحوزوي بعلمهم وورعهم وتقواهم ومن يقتدون بهم من تلاميذهم من العلماء يحاولون جاهدين أن ينهجوا مسلك أهل البيت عليهم السلام في الاعتقاد والأخلاق والالتزام بما أمر الله به والنهي عما نهى عنه منطلقين من هذه الآية المباركة {...ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا واتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)} الحشر.
☝️السائل:
هل يجوز لي أن أنقد تصرفاتهم أو أقوالهم أو أن أقيم أفعالهم؟
✋الجواب:
احترام التخصص في كل مجال أمر عقلائي يُقره العقلاء فليس من المقبول أن يُقيّم السباك الطيار مثلاً أو الخباز الأستاذ في المدرسة في تخصصه وهكذا في مختلف التخصصات ولذا المُقيم والناقد للمراجع أو العلماء في أقوالهم وأفعالهم ينبغي أن يكون من رحم تخصصهم نفسه يملك أدواتهم نفسها ودرس مناهجهم وعرف علومهم. فمتعلق التقييم هو خبرتك في تخصصاتهم أو الاعتماد على قول من هم في تخصصاتهم نفسها المؤتمنين الورعين الذين يخافون الله سبحانه في تقيمهم ونقدهم لزملائهم في التخصص وليس كل ناطق لبس لباسهم وتكلم بكلامهم نأخذ بكلامه.
☝️السائل:
ألم تقل إنهم بشر عاديون؟ أليس هناك أمور عادية يمكنني أن أسجل ملاحظة عليها من أي باب كان فالمهم ألا أكون متجرئا ولا حاسدا ولا ناقما عليهم؟
✋الجواب:
أما بقية أفعالهم العادية فإنه إذا كانت أفعالهم تخالف أمرا بديهياً أو يخالف نصاً شرعياً من آية وقرآن كريم بشكل صريح غير قابل للمناقشة كأن يشرب المسكر فإن المكلف يستطيع أن يقول إنه هذا العالم يخالف الحكم الشرعي الصحيح في تحريم الخمر مثلاً أو أن يزكي أحدا من الناس كان صالحاً حينما كان عنده وحين ذهب لمجتمعه ضعف وظهرت منه مخالفات شرعية وثبت بالدليل عند مجتمعه أنه غير أمين وغيرها من شؤون الحياة العادية وعليه سأضع جملة من النقاط ستشكل لك ضابطة تحكم عقلك ومشاعرك تجاه الرمز الذي تحبه ولا تتجاوز الحد فيه
١-إذا كنت تتبع العالم دون المراجع المؤتمنين في كل صغيرة وكبيرة دون نظر أو تمحيص أو سؤال عن الدليل، فقد تكون بالغت في الثقة به وتجاوزت الحد بخلاف المراجع العظام الذين عندهم الرسائل العملية التي لهم بحوث معمقة استدلالية في أحكام الحلال و الحرام مما يعسر على المكلف أن يميز كل ذلك فمطلوب منه أن يقلده في كل صغيرة وكبيرة في الحلال والحرام لأنه غير متخصص والعقلاء يقرون رجوع غير المختص لقول المختص كالطبيب حينما يشخص لك نوعاً من الدواء فهل تسأله لماذا انتخبت لي هذا ولم تنتخب ذاك وأنت من غير المختصين .
٢-إذا اعتقدت في رأي العالم ولا نقصد المراجع أنه الصحيح المطلق لا يجوز مخالفته خصوصاً في الأمور التي لا تستند للدليل الشرعي الذي لا يجوز مخالفته، فهذا تجاوز للحد.
٣- أن تفقد قدرتك على النقد البناء في أقوال وأفعال العالم أو لا تقبل احتمال الخطأ فيها بسبب اتباعك له فقد تجاوزت الحد. وهذا متعلق بمقدار علمه وإحاطته بالمسألة.
٤-إذا تحول ولاؤك للعالم أو المرجع إلى تعصب أعمى، بحيث أصبحت تدافع عن كل ما يصدر منه حتى لو خالف الشرع فهنا تجاوزت الحد.
٥-المدح الزائد بكثرة الألقاب من غير المختصين من العلماء الذين يخبرون حاله وخصوصاً التي ليس لها واقع علمي في الواقع وتنزلها عليه قبل اسمه الذي يوحي بالتفضيل المطلق على جميع العلماء أو وصفه بأوصاف غير لائقة مثل أعظم العلماء فخر العلماء محي الدين ملاذ الفقهاء والمجتهدين و و .. خصوصاً إذا خرج المدح من غير المتخصصين وإنما خرج من عواطف المحبين فإنه يكون تجاوز الحد.
٦-إذا وصل تقديرك للعالم إلى درجة التبرك به بشكل مبالغ فيه أو الاعتقاد بأنه يملك قدرات خارقة أو نتيجة منامات، فهذا تجاوز للحد.
إذا وجدت في نفسك واحدة من هذه العلامات، فاحرص على المراجعة والتوازن تذكر أن العلماء ورثة الأنبياء، لكنهم ليسوا أنبياء، ولا معصومين ولهم فضلهم واحترامهم دون مبالغة. بل إنهم خدمة للدين وبما يحملونه من أمانة التبليغ للمؤمنين والمؤمنات.
☝️السائل:
أحسنتم يكفيني ما قلت فقد وصلت الرسالة.
✋الجواب:
الشكر لله وحده سبحانه وتعالى والحمد لله رب العالمين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat