صفحة الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي

مجلس حسيني ـــ الامام الجواد ودوره في الامامة
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بَغدادُ تبكي و(المدينةُ) تنحَبُ     ***      فظُلامةُ السِـبطِ التقيِّ تَـغَـرُّبُ

نزلَ المُصابُ بآلِ بيتِ محمدٍ     ***         فَجوادُ طـه ظامئٌ ومُـعذَّبُ

من غَيلَةِ السُـمِّ الزُّعافِ وجَمرِهِ     ***   يغلي حميمـاً والحَشا يتلَّهبُ

فاضَتْ بــهِ رُوحُ الإمامِ وعُينُهُ     ***       تَرنُو الى ربٍّ جلـيلٍ يرقُبُ

صلَّى على السبطِ الشهيدِ وَريثُـهُ     ** هادي الخَلِـيقةِ والامامُ الطـيِّبُ

يومَ الشُّجونِ بجنبِ دجلةَ مأتمٌ     ***يَنعى الجـوادَ وعالِـماً يُستطلَبُ

هو كاظمٌ للغيظِ شأنَ جُدُودهِ     ***       من آلِ بيتٍ طاهرٍ لا يُحجَبُ

ـــ يمحمد ابهذا الموت تنشال ///وايد السمتك ياريت تنشال //

هاي اجروحنه الهيهات تنشال///لمن مايظهر المهدي الشفيه

ـــ الزهره اليوم حزنانه شجاها! /// وبفكد الابن زايد شجاها

كالوا جبدته بالسم شجاها ///  ويموت الجواَد ابهل مسيه

 

الخلافة العباسية والإمام الجواد (ع) يمثلان حقبة تاريخية سيئة في تاريخ الإسلام ،لان الخلفاء العباسيين لم يكونوا بمستوى الخلافة والحكم , وخير دليل, ان هذا البيت العباسي بيت مغمور , راجع التاريخ بأنصاف وتصفح حياة المشاهير من العباسين , فهم مغمورين ليس فيهم شخص واحد له سابقة في الاسلام رغم ان العباس جدهم الاكبر عاصر فترة نزول الوحي  ولكنه كان يهتم بالتجارة اكثر من الايمان بالله والاخرة .كما ان تاريخ اجداد بني العباس القابهم تبين انهم سيئون بكل معنى الكلمة مثلا ابو العباس السفاح , حكم فترة قصيرة نسبياً، حوالي خمس سنوات، ترك خلالها بصمة في التاريخ الإسلامي. ان لقب"السفاح" بسبب حبه للقتل والدم فكان يستخدم إجراءات قاسية  ضد خصومه السياسيين يعتبرهم أعداء الدولة العباسية، بعد ان ملآ الارض بالدماء توفي بعد سنتين من وصوله للحكم , توفي في سنة 136 هـ / 754 م، ودفن في مدينة الأنبار في العراق. مات بسبب الجدري. كان عمره حوالي 32 عامًا.

.اما الثاني هو ابو جعفر المنصور ويسمى { الدوانيقي} معنى الدوانيقي هو الذي يبخل بالدرهم ويكون كثير التدقيق والتحقيق في عطاءه ولا كرم في حياته. ولكن اطلقت عليه القاب كثيرة لا يستحقها ليس الا لتلميع صورته في التاريخ . والسبب لان ابو جعفر المنصور هو من اسس المذاهب الاسلامية السنية. والا في زمن الراشدين والسلطة الاموية لم يكن هناك مذهب غير اهل البيت{ع} وكانوا قبل ان يسمونهم { جعفرية} كانوا يطلقون عليهم اسم {شيعة علي} ..

كيف تأسست المذاهب الاسلامية  السنية.؟ الحوادث الكبرى الشرعية والسياسية التي طرأت على الأمّة قبل تدوين تاريخها ، ابتداءً من السقيفة وإلى نهاية القرن الثاني من الهجرة كان لها أكبر الأثر في رسم صورة الإسلام المذهبي ، وهو الذي أشار أليه رسول الله {ص} " تنقسم أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة " وطبيعي كل فرقة تدعّي إنها الفرقة الناجية ، وتأكيد النبي {ص} على الفرق إنهم في النار دليل على إنهم منحرفون بعيدون عن التشريع الحق .

التاريخ يذكر إن السبب كان له مقدمات بدأت من بيعة الغدير حين تم تأسيس حزب قريش الذي قرر أبعاد أهل البيت{ع} عن الحياة السياسية والشرعية ... ثم جاءت الممارسات التنفيذية في العهدين الأموي والعباسي بتوجيه حوادث التاريخ الإسلامي بما يخدم سياستها ويعزّز وجودها .... المرحلة الأولى.: ابتدأت ممارسات التنفيذ أولا بعقوبات جماعية لأتباع آل البيت{ع} وإقصائهم عن الحياة السياسية والشرعية ،

والثانية اخطر من الأولى , لان الناس صاروا يرون جهات شرعية غير أهل البيت يفتون بكتاب الله وسنة نبيه {ص} هذا في زمن الراشدين " كمثال على ذلك " حين كتب أمير المؤمنين القران أثناء جلوسه في بيته ، يقول: اليت أن لا اخرج من داري حتى اكتب كتاب الله تعالى" فحملته إليهم ولكنهم رفضوه ..!!! قالوا: لسنا بحاجة لكتابك..!! ثم جاءت المرحلة التركيزية في الإقصاء حين تم توظيف(كعب الأحبار) في منصب مفتي الدولة الإسلامية وهو رجل يهودي اسلم في زمن عمر بن الخطاب ثم عينًّهُ عمر في منصب الإفتاء.!! في وقت كان علي بن أبي طالب مدينة علم رسول الله{ص} يشتغل فلاحا.. وهذه الخسارة العلمية أثرت كثيرا على مستوى الفكر الإسلامي العام

ثم غمدت الخلافة الراشدية لجم الأفواه عن قول الحق ومنعت كتابة الحديث  نقل لنا التاريخ حديثا عن عبد الله بن عمر انه أوصل ذلك الأمر إلى النبي {ص} عن منع كتابة الحديث في حياته{ص}، فقال : اكتبوا والله لا يخرج من هنا إلا الحق وأشار لفمه... إذن كيف كان الأمر بعد وفاته..؟

ثم حاولت السلطة الراشدية أيجاد بدائل لتفسير القران وجمعه وسخّرت جملة ممّن يوالون ذلك الخط أن يضعوا لهم تفسيراً يتلاءم مع رغبة الخليفة وتبريراً يستر فضائحهم علي حساب المفاهيم الإسلامية سواء كان ذلك على مستوى رواية الحديث في تمجيد من يشاء الحاكم أو ذمّ من يريد، فأطلقوا تسميات على شخصيات إجرامية وبرروا أفعالهم بنوع من المقبولية عند الله. مثل قتل مالك بن نويرة واعتبار قاتله سيف الله المسلول أو على مستوى صياغة الحدث سياسيا وروايته بما يناسب توجه السلطة ، الأمر الذي أدّى إلى وقوف السلطة إلى جانب الفكر المساعد لها في تسيير الحركة الفكرية بالبدائل فظهر في تاريخ أمّتنا السياسي والثقافي انحراف كثير وخطاْ وصواب ، وعلقت بمسيرته خرافات وأساطير ، وشوائب كثيرة  وألوان دخيلة حتى وصل ألينا تاريخا مشوها بعيدا عن أصل التشريع, هناك حقائق كثيرة عند الشيعة والسنة لم تطلها يد التحريف والتزوير ، ولكن نشم رائحة التقديس واضحة في صفحات التاريخ لشخصيات لم يستحقوا تلك الهالة. مثلا بعض القصص عن شخصيات تتصف بالشجاعة والقوة والثبات .. وحين تبحث عن تاريخه الحقيقي تجده يهرب اثناء المعارك ولم يقتل رجلا طيلة حياته ....ولكن الهالة القدسية تحيطه بحيث يعتبر كشف حقيقته نوعا من الخروج من الاسلام .

هذه المقدمات جاءت من الدولة الأموية التي رسخ مفاهيمها معاوية حين كتب كتابا ان يكتبوا في فضائل الصحابة " لان ذلك اقرح لقلوب أصحاب أبي تراب, فطرأت في تاريخ امّتنا افكار هجينة كان أثرها على المجتمع قويا مثلا: يقول البعض إن الأكل من ذبيحة اليهودي أفضل من أكل ذبيحة الطائفة الفلانية ، ووجهت أليهم عشرات التهم بعقيدتهم ، زيارة القبور ، التوسل السجود على التراب.. الخ  ....

ثم جاءت مرحلة تأثير كلام الفقهاء  في نشأة المذاهب المرحلة الثانية في وقت كان خلفاء السلطة الاموية تعبث بالتاريخ الاسلامي. هكذا تم ابعاد ال محمد{ص} من الحياة الشرعية, رغم هذا بعض الأحكام  التي تتعلق بالحدود او تفسير نص قراني يستشيرون  باب العلم الإمام عليّ {ع}  .وبعد استشهاد امير المؤمنين{ع} ظهرت اراء فلسفية تاثر بها الشارع الاسلامي من خلال وجود قوميات وجماعات من اليهود والنصارى دخلوا الاسلام فظهرت اراء ما كانت معروفة بالإسلام من أمثلته؛ القول بالجبر والتفويض هذا الرأي ظهر في نظام الغَلَبة حين تسلط معاوية على الأمة. .ثم ظهر رأي مناقض له يسمى التفويض والتفويض راي ظهر عند  التفويض عند الأشاعرة  ويعني الاعتقاد بصفات الله وفق الآيات يصفون الله كما يُؤمنون بها دون الخوض في تفاصيل معناها أو كيفية حدوثها. فهم لا ينفون الصفات، بل يثبتونها لله، ولكنهم يمتنعون عن توجيهها بطريقة تُشبه صفات المخلوق. ، وهذا برر الأخطاء للخلفاء وجعل الأمة ميتة لا دخل لها في الحوادث  تقول النظرية إنّ مرتكب الكبيرة ، لا هو مؤمن ولا   كافر إنّما هو في منزلة بين المنزلتين .هذه المقولة كانت سبباً في ولادة فرقة جديدة عُرفت بـ : المعتزلة : وأوّل من قال بهذه المقولة  واصل بن عطاء ، ثمّ تابعه عمرو بن عبيد ، كانا في مجلس الحسن البصري ، فكلّماه في قولهما هذا ، فأمرهما باعتزال حلقة درسه فاعتزلا عند اُسطوانة في المسجد و انضمّ إليهما جماعة فسمُّوا المعتزلة هذه نواة فرقة « المعتزلة ».. وتطور نقاش علما الكلام إلى قضية « العدل الإلهي » و أكثروا الكلام فيه حتّى لُقِّبوا بـ « العدلية ».. هذا الصراع الكلامي مصدره صراع السياسي) الدائر ذلك الوقت. حين يتحدث أبناء الفرقة يدافعون عنها ويفسرونها بأنّها اعتزال الباطل وأهله ، .

اما الأشاعرة: بعد أن ضعف دور المعتزلة قوي دور أصحاب الحديث وأبرزهم في مدرسة البصرة أبو الحسن الأشعري بمذهب يعارض فيه المعتزلة و ينتصر لأصحاب الحديث. والأشعري كان أوّل أمره معتزلياّ ، ، ثم أعلن توبته عن رأي المعتزلة ثم تبنّى قول أحمد بن حنبل بأتباع الظاهر بدون تأويل ..لكنّه تراجع بعد ذلك إلى التأويل ، إلا الاعتقاد برؤية اللّه تعالى في الآخرة. هذا يبين بوضوح  أنّ السنّة النبويّة لم تكن قادرة على أن تفرض أحكامها على الواقع ،بل كان الواقع هو الذي يُخضع السنّة النبوية ورأي القران لإرادته ويوجّهها في خدمته ، وإن تطلّب ذلك قلب المعاني ووضع الحديث والكذب على الله ورسوله كما فعل معاوية ضد علي بن ابي طالب{ع} كمثال على ذلك لما رفع عمر بن عبد العزيز شتم أبي تراب جاء وفد من إيران " ومن قم بالذات الى الشام يطلبون من الخليفة ان يعفيهم من هذا القرار كي يستمروا في شتم علي{ع} حتى لو فرض ضريبة عليهم.!!!

الخلافة وأثرها في نشأة المذاهب والفرق:....لا يختلف اثنان أنّ الواقع الذي أفرز مبدأ « سنّة الشيخين » مرجعاً تشريعياً بعد الكتاب والسنّة ، ذلك المبدأ الذي وضِعَتْ بذرته الأولى يوم أثبت الشيخان قدرتهما في السقيفة وساقا الناس إلى البيعة ،بقول حسبنا كتاب الله .حتى أصبح قرار الحاكم أقوى من قرار النبي{ص}،كما منع الخليفة كتابة احاديث النبي {ص} والإفتاء بسنّته عمر والمنع من تدوينها ، وقرر تعطيلها   حتّى اصبح قرار التعطيل هو السنّة وتصبح سنة النبي هي البدعة .

 حين جاء علي {ع} إلى السلطة رفع بدعة صلاة التراويح ، فخرج بعض الناس ينادون السنة السنة , وا عمراه .. فقال الإمام لابنه الحسن{ع} دعهم يصلون !! هذا في تفاصيل الصلاة ، وأخرى في مناسك الحجّ ، وفي أحكام الأحوال الشخصية ، وفي الحقوق المالية وغير ذلك ونجح قرار الخليفة إلى اليوم في صناعة احكام  جديدة ، تختلف عن مذهب اهل البيت{ع} الا في التوجه للقبلة  فقط . وحل دين سنة الشيخين..!!

ظهر لنا اسما بلفظ « الجماعة » كلمة الجماعة ابتدأت أول خلافة معاوية ثم استمرت الإحكام الشرعية تصدر من قصر الخلافة ويطبق الناس آراء معاوية فيسمونهم « الجماعة » وبين الآخرين الذين يؤمنون بقداسة الدين والنص ولا يتبعون أحكام بني أمية هؤلاء أهل البدع..!!! .أما « أهل السنّة » فإنّما يراد بهم أهل الطاعة. .وجاء طاغية جديد هو المتوكل العباسي الذي سمّي « ناصر السنّة » لان المتوكّل هو الذي نكل بالمعتزلة كونهم يقولون بخلق القرآن ، فنَصر الإمام أحمد بن حنبل وأفرج عنه من السجن وأعطى اسما لأحمد بن حنبل فكان اسم أحمد « إمام السنة » فقالوا في المتوكّل : انه أظهر السنّة بعد ان دعم رأي الإمام احمد بن حنبل .أول من حذف اسم علي{ع}هو معاوية حين يخطب يذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثمّ يتحدّث عن نفسه وسياسته .وفي آخر خطبته يشتم امير المؤمنين ويلعنه

شهد القاصي والداني ، أنَّ الإمام الصادق (ع}هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه أحد . نكتفي من تلك الكلمات بإشارات :يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقهَ مِن جعفر بن محمَّد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، إنَّ الناس قد افتُتِنُوا بجعفر ، فهيِّئ له من المسائل الشِداد . فهيَّأتُ له أربعين مسألة ، فلمَّا أبصرتُ به دخلَتْني من الهيبة لجعفر (الصادق) ما لم يدخلني من المنصور فجعلتُ أُلقي عليه فيُجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربَّما تابعناهم ، وربَّما خالفنا جميعاً ) . حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال:( ألَسْنا رَوينا أنَّ أعلم الناس ، أعلمُهم باختلاف الناس) ؟ . واعترف أبو جعفر المنصور باعلميته لذلك قرر ان يسند ابا حنيفة ويعينه في القضاء فلم يوافق اولا فتم سجنه .هناك مصادر تقول انه في السجن تلقى تعليما من شخص قيل إنه زميله في السجن ومؤسس اليهودية القرائية ، عنان بن داود ، تلقى نصيحة منقذة للحياة من أبو حنيفة. [نيموي، ليون. (١٩٥٢). مختارات قرائية: مقتطفات من الأدب المبكر. نيو هافن، كونتيك مطبعة ييل. ص ٤-٥. ISBN ] .

 في هذه الاجواء تم اعتقال الامام موسى بن جعفر{ع} من قبل حفيدهم هارون العباسي . وبقي في السجن ببغداد ثم قتلوه مسموما. وتبدلت بعد اغتيال الامام الكاظم اشكال التنكيل باللائمة فتم استدراج الامام الرضا {ع} الى خراسان واصبح سجينا في قصر المأمون , ثم الت النوبة على الامام محمد الجواد{ع} كان وجود الإمام الجواد(ع) يمثل خطراً فكريا على النظام الحاكم لان له دور فاعل وقيادي للأمة، لذلك قررت السلطة أن تتخلّص منه خاصة مع كثرة الثورات الشيعية , فلم تستبعد السلطة العباسية وجود علاقة بين الإمام والحركات النهضوية في الأمة.

روى المؤرخون عن قاضي المعتصم قوله: (رجع ابن أبي دُوَاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتمّ فقلت له في ذلك، فقال وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة، قلت له: ولم ذاك ؟ قال: لما كان من هذا الأسود محمد بن علي بن الرضا اليوم بين يدي أمير المؤمنين، قال: قلت له: وكيف كان ذلك ؟ قال: إن سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد الجواد  فسألناه عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال: فقلت: من الكرسوع. قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع والكفّ إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ )  واتفق معي ذلك قوم. وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك ؟ قالوا: لأن الله لمّا قال:( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) في الغسل دلّ ذلك على أن حدّ اليد هو المرفق.قال: فالتفت إلى محمد بن علي (ع) فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال:(قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين) ، قال: دعني ممّا تكلموا به ! أي شيء عندك ؟ قال:(اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين) ، قال: أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه. فقال:(أمّا إذا أقسمت عليّ بالله إني أقول أنهم اخطئوا في السنّة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكفّ) ، قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال:(قول رسول الله: السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ)  يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) وما كان لله لم يقطع) .قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ.قال ابن أبي دواد: قامت قيامتي وتمنّيت أني لم أك حيّاً. قال زرقان: قال ابن أبي دؤاد: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة وأنا أكلّمه بما أعلم أني أدخل به النار، قال: وما هو ؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، وسمع الناس انه ترك اقاويل  اصحاب المذاهب   كلهم فان قول هذا الرجل شطر الأمة بإمامته، ويدّعون أنّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ فتغير لونه وانتبه لما نبّهته له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً. قال: فأمر اليوم الرابع فلاناً من وزرائه بأن يدعوه (أي الجواد(عليه السلام) ) إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال(عليه السلام) :(قد علمت أني لا أحضر مجالسكم) ، فقال: إني إنما ادعوك إلى الطعام وأحب أن تطأ ثيابي، وتدخل منزلي فأتبرّك بذلك، فلمّا طعم منه أحس السمّ فدعا بدابّته فسأله رب المنزل أن يقيم. قال(ع) :(خروجي من دارك خير لك) ، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفة حتى قبض (ع) لقد كان الإمام الجواد(عليه السلام) يتوقع استشهاده بعد هذا الاستدعاء فقد روي عن إسماعيل بن مهران قوله: (لمّا أُخرج أبو جعفر(عليه السلام) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجتيه قلت له عند خروجه: جُعلت فداك، إني أخاف عليك من هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك ؟ قال: فكرّ بوجهه إليَّ فقال:(عند هذه يُخاف عليّ، الأمرُ من بعدي إلى ابني علي)  .لقد درس المعتصم أكثر السبل التي يستطيع بها أن يصفي الإمام  ويقتله فلم يجد أفضل من أم الفضل بنت أخيه المأمون للقيام بهذه المهمّة فهي التي تستطيع أن تقتله بصورة أكيدة دون أن تثير ضجة في الأمة، مستغلاً نقطتين في شخصيتها، هما:كونها تنتمي للخط الحاكم انتماءً حقيقياً، فهي بنت المأمون وعمّها المعتصم، وليست بالمستوى الإيماني الذي يجعلها تنفك عن انتمائها النسبي هذا، والاخرى غيرتها وحقدها على الإمام بسبب زواجه من نساء أخريات خصوصاً وأنها لم تلد للإمام وإنما رزق الإمام من غيرها ولده الهادي(ع) .

ظل ثلت تيام مرمي ولا // قرابة الحضر عنده // ايغسله اوجسمه يشيله//                 وبيده ايواريه ابلحده //بالشمس مطروح جسمه// مثل ابو السجاد جده..

مات الجواد اليوم مسموم // عقب الهظيمة او كل الهموم

والهادي يبجي ابقلب مالوم // وايصيح بويه اهنا يمحروم

شنهو السبب سمتك هالقوم// والشيعة تبكي دمه ابهليوم

              لجل الجواد الراح مظلوم

ـــ روحي لحزن أبو الهادي بهيداي //أظل ألطم على امصابه بهيداي

يا شيَّال النعش إمشي بهيداي // سره ابجسمه العطش والسم سويّه

ــ جرحي ما يطيب إو عيب يِنْشال //عسى جسمي على المسموم يِنْشال

شلون إبن الرضا هاليوم يِنْشال// نِوَدْعَه اليوم وإنواسي الزجيه


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الحافظ البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/28



كتابة تعليق لموضوع : مجلس حسيني ـــ الامام الجواد ودوره في الامامة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net