ابادة صدام لطلبة اعدادية الكاظمية (انما يتذكر أولو الألباب) (ح 7)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

عن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرف: البعثُ يَغتالُ أحلامَ طُلابِ صَفٍّ دراسيٍّ للباحث عبدالله خريبط رهيف: عام 1983م يضافُ إلى أعوامِ الإجرامِ، والاستبدادِ، والقمعِ في سُلطةِ البعثِ، إذ أدت عِبارةٌ كُتبت على سَبُّورةٍ إلى إعدام طُلابِ صفٍ كامل في إعداديَّةِ الكاظِمِيَّةِ للبنينَ، شَبابٌ في مقتبل العمر لم يعرفوا لمعنى الاستبدادِ وإجرام السلطة شيئًا، ولم يعرفوا أنَّ نظام السلطةِ الإجراميِّ يمكن أنْ يَقتُلَ أحلامَهم وأمانِيهم المُستقبليَّةِ، ويحرمَهُم من حقِّ الحياةِ. شاءت الأقدارُ أْن يَجتمعَ مجموعةٌ من الطُّلابِ بشعبة (دال) في الصَّفِ الرَّابعِ الإعداديِّ، في أيلولَ من عام 1981 م، فبَعدَ أنْ حضر الطلاب صباحاً في ساحة المدرسة وبعد حلول موعد دخولهم الصف تفاجؤوا بوجود عبارة (يسقط صدام حسين) على السَّبورةِ، فسادَ الارتباك في الصف كلِّهِ، ولم يعرفوا ماذا يفعلون حينها، فأبلغوا إدارةَ المدرسة بذلك الَّتي لم تتكتَّم على الأمر وأبلغت السلطاتِ الأمنيةَ؛ فحضرت من دونِ تأخيرٍ، وقامت بِجمعِ جميعِ من شَهِد الحادثةَ من طُلابِ الصَّفِ واعتقلتهم ثمَّ أخذَتهُم بسياراتِ الأمنِ متجهةً بهم إلى مديريةِ أمنِ الكاظِميَّةِ، ومِنْ ثمَّ الى أمن بغداد من دون علم أهالِيهم، وفي ذلك المكان المرعب عُذّب الطلاب لمحاولة انتزاع اسم الشخص الذي كتبَ العبارةَ، لكن محاولاتَهم بائت بالفشل لمعرفة من فعل تلك الفعلةِ، ويبدو أنَّ العبارة كانت موجودة مسبقاً، ولعلها كتبت في اليوم السابق للحادثة، وبعد التسلسل الإجرامي للأحداث وعدم معرفة السلطة من قام بذلك صدر القرار بإعدام جميع من كانوا في الصف شنقاً حتى الموت. ونُفِّذَ ذلك الحُكمُ بأوقات مختلفة بدأً من حزيران وتموز من عام1983م بمجموعةٍ منَ الشَّبابِ الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم سبعة عشر عاماً، وأشار بعض من الطلاب والمدرسين ممّن شَهد حادثة الاعتقال إلى أنَّ عددهم الإجمالي كانَ سبعةً وثلاثينَ طالباً أُفرج عن اثنين منهم. وقد نشرت الجمعية العراقية لحقوق الانسان أسماء بعضٍ منهم، وهم: الطالب ستار شكر محمود الطائي. الطالب علي فؤاد الحسيني. الطالب ستار عبد اللطيف السلامي. الطالب فاهم قاسم الجبوري. الطالب يوسف مهدي. الطالب حسين محمد علي السلامي. الطالب محمد جواد محسن. الطالب عادل عبد الوهاب حسن. الطالب جاسم علي السعدي. عبد الكريم مهدي الاخباري. الطالب حازم عبد محمد العبيدي. الطالب فرحان عبد الأمير. الطالب رزاق كاظم. ووصل الخبُر إلى عوائلهم الّتي فُجِعت بالأمر، فقد كانوا يتوقعون أنَّها قضية تحقيقٍ تنتهي في بضعة أيام ويخرجون، إلّا أنّ ذلك لم يحصل، بل حتى لم يعثروا حتى على جثثهم أمَّا مَنْ يُشَكُ في أمرهم من باقي طلبة المدرسة فقد ظلوا مراقبينَ لمدَّةٍ طويلة من قبل عناصر الأمن، والبعض منهم قد اعتُقلوا وعُذبوا في زنازين البعث، بل وصل الحال إلى اعتقال اخوة المشتبه بهم في تلك الحادثة. يذكرُ والدُ الطّالبِ أمير عبد الحسين الذي كان من ضمن الأوائل المتخرجين من تلك المدرسة ويتطلع لمواصلة الدراسة الأكاديمية، في الرابع من أيلول 1983م جاء خمسة من رجال الأمنِ إلى المنزل، واعتقلوا أميرَ واخاهُ حيدرَ حينها لم تفهم الأُسرة المفجوعة سبب اعتقاله مع أخيه أمير اللذين نُفِّذَ فيهما حكمُ الإعدامِ بهما في اليوم نفسهِ بحسب ما حصلت عليه الأسرةُ من وثائقَ بعد سقوط الصنم، إذ كانوا يتأملون لأكثر من عشرينَ عاماً خروج ولديهما إلَا أنَّ إجرامَ سلطة البعث المجرمة حالت من دون ذلك. وهذا ما يعلم ويجب أن يسطره التاريخ من أنَّ حكمَ سلطة البعث تميّز بشَعبينِ: شعب مظلوم مغلوب على أمره، وشعب دُفن تحت أديم أرض الرافدين.
عن كتاب تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قوله تعالى عن الذكرى "أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" ﴿الرعد 19﴾ أخبر الله تعالى ان من يؤمن بالله ويعلم ان ما أنزل اليك يا محمد من ربك الحق، لا يكون مثل من يشهد ذلك وعمي عنه، فاخرج الكلام مخرج الاستفهام والمراد به الانكار، أي لا يكون هذان مستويين، وبين ان الفرق بينهما بمنزلة الفرق بين الاعمى والبصير. وقوله "إنما يتذكر أولوا الألباب" معناه إنما يتذكر في ذلك ويفكر فيه ويستدل به ذوو العقول والمعرفة. والالباب هي العقول، واحدها لب. ولبّ الشيء أجل ما فيه واخلصه واجوده، فلب الانسان عقله لانه أجل ما فيه، ولب النخلة قلبها، ولب الطلعة ثمرتها التي فيها، وانما شبه العلم بالبصر، والجهل بالعمى، لان العلم يهتدى به الى طريق الرشد من الغي كما يهتدى بالبصر الى طريق النجاة من طريق الهلاك، وعكس ذلك حال الجهل والغي. قال الرماني: وجه الاحتجاج بالآية انه إذا كانت حال الجاهل كحال الاعمى، وحال العالم كحال البصير وأمكن هذا الأعمى ان يستفيد بصراً، فما الذي يبعده عن طلب العلم الذي يخرجه عن حال الاعمى بالجهل؟. وهذا إلزام طلب العلم، لانه خروج عن حال الأعمى بالجهل الى البصير بالعلم. وقوله "إنما يتذكر أولوا الألباب" معناه إنما ينتفع بالذكر من كان له لب، كقولك: إنما يترك السرف والبغي من له عقل وعلم بالعواقب، وان كان كثير ممن له عقل لا يترك ذلك ولا يفكر في العواقب.
جاء في موقع انفوبلس عن شعار على سبورة مجزرة الكاظمية 1981 تروي قصة دولة تأكل أبناءها وتدفن الحقيقة بالصمت: هدف سياسي وطائفي تحمل الكاظمية، المدينة ذات الرمزية الدينية الكبيرة، أهمية استثنائية في حسابات النظام السابق، الذي سعى دائماً للهيمنة على المناطق ذات الأغلبية الشيعية عبر القمع و"سياسات الترويع الجماعي". وتكشف شهادات الناجين وذوي الضحايا، بأن المذبحة لم تكن رد فعل على شعار، بل جزء من مشروع ممنهج لترهيب المكوّن الشيعي، وإسكات أي نزعة معارضة عبر تصدير الفوضى والدم إلى الحواضر الدينية والاجتماعية الحساسة. ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على الجريمة، ما زالت المجزرة خارج المناهج الدراسية، ولم تُوثّق رسمياً إلا من خلال مبادرات فردية أو وثائقيات محدودة. وتُعد دعوة رئيس جهاز الأمن الوطني بإدراج تفاصيل المذبحة ضمن المناهج التعليمية خطوة في الاتجاه الصحيح، فالمجتمعات لا تضمن منع تكرار الجرائم إلا حين تُدرَّس وتُناقش ويُعرّف بها الأجيال، لا حين تُهمّش وتُستبدل بالصمت. منذ عام 2003 وحتى اليوم، طُرحت عشرات الملفات التي توثق جرائم النظام السابق، لكن المذبحة التي طالت 676 ضحية مباشرة، وامتدت لعوائلهم، لم تنل حقها من التحقيق الجنائي أو السياسي. السؤال الذي طرحه والد أحد الضحايا: "إذا أعدموا ولدي بتهمة كتابة شعار، لماذا لم يُعدم من قتل عشرات الأبرياء؟"، ليس مجرد تعبير عن حزن شخصي، بل إدانة واضحة لخلل بنيوي في منظومة العدالة الانتقالية التي لم تُنجز مهامها حتى اليوم. مجزرة الكاظمية ليست مجرد جريمة تاريخية بل درس مستمر. إنها تقول بوضوح: عندما تغيب المساءلة، وتتحول أجهزة الدولة إلى أدوات قتل، يصبح المستقبل كله رهينة للماضي. وبين سبورة كتب عليها شعار، ومقبرة جماعية طُمست فيها الأجساد، يبرز الفرق بين دولة تحمي أبناءها، ودولة تفترسهم. وعلى العراق أن يقرر في أي صف يقف الآن: مع الذاكرة أم مع النسيان، مع العدالة أم مع الإفلات منها.
عن تفسير الميسر: قوله تعالى عن الذكرى "أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ" ﴿الرعد 19﴾ يتذكر فعل، هل الذي يعلم أن ما جاءك أيها الرسول من عند الله هو الحق فيؤمن به، كالأعمى عن الحق الذي لم يؤمن؟ إنما يتعظ أصحاب العقول السليمة الذين يوفون بعهد الله الذي أمرهم به، ولا ينكثون العهد المؤكد الذي عاهدوا الله عليه.
جاء في موقع السومرية نيوز عن وقفة استذكارية لشهداء اعدادية الكاظمية أعدموا بسبب عبارة على "سبورة" (صور وفيديوهات): خرج العشرات من أهالي مدينة الكاظمية وعوائل شهداء اعدادية الكاظمية الذين أعدمهم النظام السابق، اليوم الثلاثاء بوقفة استذكارية. وقال مراسل السومرية، إن العشرات من اهالي مدينة الكاظمية وعائلات شهداء اعدادية الكاظمية الذين أعدمهم النظام السابق أقاموا وقفة استذكارية. وفي 14 أيار عام 1981 قام النظام السابق بإعدام 632 شخصاً بسب عبارة (يسقط صدام) كانت مكتوبة على لوحة الكتابة في القاعة الدراسية.
![]() جريمة الابتزاز الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي: تحديات الإثبات وآليات المواجهة |
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat