صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

مفاهيم من دعاء يوم دحو الارض (ح 2) (المنتجب، الميثاق، يوم التلاق)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من دعاء يوم دحو الارض (أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ الْمُنْتَجَبِ فِي الْميثاقِ الْقَريبِ يَوْمَ التَّلاقِ). جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم‌ السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: الصلاة على النبي صلی الله عليه وآله وسلم من العبادات التي قرّرتها الآية القرآنية في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" (الاحزاب 56)، ولها عدّة صيغ حددتها الأخبار والروايات، منها: (اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد) و(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وبعضهم يُضيف (وَسَلّم)، ولكن كثيراً من المسلمين اليوم يقتصر على صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم، وهذه الصيغة منهيٌ عنها بروايات الفريقين. كما أنّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقال في تشهد الصلاة عند الشيعة، وتقال الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير في الصلاة عند أغلب مذاهب أهل السنة. ورد الحثّ على الصلاة على النبي صلی الله عليه وآله وسلم في الآية 56 من سورة الأحزاب (آية الصلوات)، كما أكدت روايات كثيرة على استحبابها. محمد بن عبد الله بن عبد المُطّلِب بن هاشم، (عام الفيل - 11 هـ) نبي الإسلام، وخاتم النبيين، وأحد الأنبياء أولي العزم، ويُعدّ القرآن الكريم معجزته التي تحدّى بها الأمم والشعوب، مُركّزاً دعوته على التوحيد ومكارم الأخلاق وتنظيم حياة الإنسان، ويذكر التاريخ بأنه صلى الله عليه وآله وسلم ظهر كحاكم مقنّن ومُصلح اجتماعي وقائد عسكريّ في الوقت نفسه. كانت ولادته في مجتمعٍ اتّسم بـالشرك وعبادة الأصنام، ولكنه لم يعبد صنماً قط، ولم يشرك بـالله شيئا، وقد بعثه الله وهو في الأربعين من عمره. واجه مع أصحابه أقسى أنواع التعذيب والتنكيل والتهجير والنهب.

من معاني الانتجاب: انتجبه: اختاره واصطفاه. قال الله تعالى "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ" ﴿آل عمران 33﴾، و "اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ" ﴿الحج 75﴾، و "وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" ﴿البقرة 130﴾، و "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ" (النمل 59). جاء في المعاجم: إِستَنجَب: إستنجب - استنجابا 1- إستنجب: طلب (النجيب)، أي الفاضل النفيس. 2- إستنجب: إختار النجيب. نَجِيبٌ جمع: أَنْجَابٌ، نُجَبَاءُ، نَجِيبَاتٌ، نَجَائِبُ. (صِيغَةُ فَعِيل). رَجُلٌ نَجِيبٌ: نَبِيلٌ، فَاضِلٌ، كَرِيمٌ، مَنْ صَمَدَ فِي نَظَرِهِ أَوْ قَوْلِهِ أَوْ فِعْلِهِ. استنجب فلان شخصا/ استنجب المعلّم الطّالب وجده نجِيبًا. وَانْتَجَبْتُهُ اسْتَخْلَصْتُهُ.

وعن الميثاق قال الله تبارك وتعالى "وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ" ﴿آل عمران 81﴾، و "وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" ﴿الأحزاب 7﴾، و "وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿الحديد 8﴾. جاء في المعاجم: ميثاق: (اسم) الجمع: مواثيق، و مَياثيقُ، و مياثِق. المِيثَاقُ: مَوْثِق؛ عَهْد. المِيثَاقُ: (القانون) ما يتعاهد أو يتحالف عليه رسميًّا شخصان أو أكثر، رابطة تتألّف من أجل عمل مشترك. مِيثَاقُ الشَّرَفِ: العَهْدُ.الرعد آية 20 "الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ" (الرعد 20) (قرآن). مِيثَاق: كلمة أصلها الاسم (مِيثَاقٌ) في صورة مفرد مذكر وجذرها (وثق) وجذعها (ميثاق).

قال الله عز من قائل عن يوم التلاق "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ" ﴿غافر 15﴾ جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم‌ السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام: يومُ التَّلاق، من أسماء يوم القيامة، وقد ورد في القرآن في الآية 15 من سورة غافر. وذكرت عدّة معان ليوم التلاق، وهي: التقاء أهل الأرض والسماء، أو التقاء الخالق والمخلوق، أو التقاء الأمم من الأوّلين والآخرين، أو التقاء الإنسان بعمله، أو التقاء الأرواح بالأجساد.. ذكرت عدة معان للتلاق في الآية: بحسب رواية عن الإمام الصادق عليه السلام (يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض). ذهب الشيخ مفيد إلى أنّ يوم التلاق هو يوم الحشر حيث تلتقي الأرواح بالأجساد. وقد ذكر الشيخ البهائي عدّة معان أخرى ليوم التلاق: تتلاقى جميع الأمم من الأولين والآخرين (كما ورد في القرآن ﴿إِنَّ الأَوَّلينَ وَ الآخِرينَ لَمَجمُوعُونَ إِلى‏ ميقاتِ يَومٍ مَعلُوم" (الواقعة 49)). يتلاقى الخالق والمخلوق (كما ورد في القرآن: ﴿إِنَّكَ كادِحٌ إِلى‏ رَبِّكَ كَدحاً فَمُلاقيه" (الانشقاق 6)). يتلاقى الإنسان وعمله (كما ورد في القرآن ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا" (ال عمران 30)).

من مفردات دحو الأرض حسب تسلسل الآيات في سورة النازعات دوران الأرض حول نفسها وحصول الليل والنهار كما قال الله رب السماوات والأرض "وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا" (النازعات 29). جاء في كتاب الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني للمؤلف عدي جواد علي الحجار: قوله تعالى: "وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا" (الانعام 92). إذ فسرت بمكة بالإفادة مما روي عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (دحيت الأرض من مكة ولذلك سميت أم القرى) وهذا الحديث نسبه الطوسي (ت 460 هـ) إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دون إسناد ورواه الطبرسي (ت 548 هـ) وابن الجوزي (ت 597 هـ) موقوفاً على ابن عباس. فهذا الحديث مع ضعفه في الإسناد يمكن أن يستشفَّ منه وجهاً من الوجوه التفسيرية على ضوء بيانه التاريخي من ابتداء دحو الأرض من مكة المكرمة ليقال بأنها سميت أم القرى لذلك.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "والأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاها" (النازعات 30) "دحاها": من (الدحو) بمعنى الإنبساط، وفسّرها بعضهم: "والأرض بعد ذلك دحاها". وللمعنيين أصل واحد، لوجود التلازم بينهما. ويقصد بدحو الأرض، إنّها كانت في البداية مغطاة بمياه الأمطار الغزيرة التي انهمرت عليها من مدّة طويلة، ثمّ استقرت تلك المياه تدريجياً في منخفضات الأرض، فشكلت البحار والمحيطات، فيما علت اليابسة على أطرافها، وتوسعت تدريجياً، حتى وصلت لما هي عليه الآن من شكل، (وحدث ذلك بعد خلق السماء والأرض). وبعد دحو الأرض، وإتمام صلاحيتها لسكنى وحياة الإنسان، يأتي الحديث في الآية التالية عن الماء والنبات معاً: "أخرج منها ماءها ومرعاها".


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/24



كتابة تعليق لموضوع : مفاهيم من دعاء يوم دحو الارض (ح 2) (المنتجب، الميثاق، يوم التلاق)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net