حكم العراق في القرن الماضي: التمييز في القرآن الكريم (ح 3)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

تكملة للحلقة السابقة جاء في موقع شفق نيوز عن القراءة العلمية للمشكلة العراقية: مدخل الحل للدكتور علي المؤمن: وأرى من المفيد في مقاربات الحل، اعتماد قاعدتين أساسيتين: القاعدة الأولى: قبول الجميع بالحقائق الثابتة التي كشف عنها سقوط السلطة التاريخية التقليدية العراقية في العام 2003، واستحقاقاتها وتبعاتها، لأن العبور عليها يعني الإصرار على إبقاء العراق مشتعلاً وسط نيران الأزمات، وهو مايجب أن يلتفت إليه الزعماء السياسيين والدينيين والاجتماعيين للمكونات الدينية والمذهبية والقومية في العراق، وأهم هذه الحقائق: 1- إن العودة إلى عراق ما قبل العام 2003، بأيديولوجيته وثقافته وسلوكياته الطائفية العنصرية بات مستحيلاً، وإن حزب البعث وأمثاله من الجماعات الشوفينية الطائفية، أصبح جزءاً من هذا الماضي المؤلم الذي لاعودة إليه إطلاقاً، وإن اجتثاث هذا الفكر العنصري الطائفي ورموزه هو العلاج الطبيعي الفاعل، حاله حال النازية والشوفينية والفاشية والفرانكوية. 2- إن العراق يتألف من ثلاثة مكونات رئيسة: الشيعة (65% من عدد سكان العراق)، السنة العرب (16% من عدد السكان) والسنة الكرد (15% من عدد السكان)، وهي النسب المحسوبة بأدوات علمية، وما يترشح عن عنها من استحقاقات طبيعية، يفرضها الواقع والقانون، على قاعدة العدالة، وليس قاعدة المساواة. 3- إن النخبة السنية العربية لم يعد باستطاعتها أبداً، احتكار السلطة وقرار الدولة، ولم يعد السنة العرب هو المكون المميز الأثير النبيل، وأبناؤه هم عراقيوا الدرجة الأولى من حاملي الجنسية العثمانية، وأن من حقهم حصراً أن يكونوا خلفاء وسلاطين وولاة وملوك ورؤساء جمهورية وقادة، كما لم يعد الشيعة هم المعارضة التقليدية للسلطة العراقية الطائفية منذ منتصف القرن الهجري الأول، ولم يعودوا عجماً وفرساً ومجوساً وهنوداً وغجراً وعملاء وجواسيس، كما كانت تصفهم أدبيات الدولة العراقية، منذ 1921 وحتى 2003، كما لم يعد الكرد متمردين وجيوب ومحطات للسخرية، كما كانت تصفهم الدولة العنصرية السابقة، ولم يعد الشيعة الفيليين والكرد والتركمان والشبك، مواطنين من الدرجة الثالثة، بل بات جميع أبناء الشعب العراقي مواطنون أصلاء، متساوون في الحقوق والواجبات، ولاوجود لمواطن درجة أولى أو ثانية أو ثالثة، وباتت مكونات الشعب العراقي، بأكملها، مشاركِة مشاركةً واقعية في إدارة الدولة والحكومة والسلطة، مع الأخذ بالاعتبار استحقاق كل مكون بصورة عادلة في قرار الدولة والحكومة، وفي حجم تشكيله لهوية العراق، وفق نسبته العددية. 4- إن عقيدة الجيش العراقي، لم تعد عقيدة طائفية عنصرية، هدفها حماية السلطة، وضرب مكونات الشعب العراقي، وتنفيذ رغبات السلطة في الاعتداء على دول الجوار، بل باتت عقيدة وطنية، وأن مهمة الجيش باتت حماية الوطن وحدوده، والدولة وسيادتها، وليست سيادة الدكتاتور وأسرته وحزبه. 5- إن المناهج التعليمية، ولاسيما مناهج التاريخ والجغرافيا والتربية الدينية والوطنية، لم تعد تكتب وفق البنية الطائفية العنصرية للسلطة العراقية السابقة، بل وفق آلية التوازن بين التنوعات المذهبية والقومية للسكان، وهو ما ينطبق أيضاً على وسائل إعلام الدولة والحكومة، وعلى المؤسسات الدينية والإفتائية والوقفية التابعة للدولة والحكومة.
جاء في المعاجم: مازَ: (فعل) مازَ يَمِيز، مِزْ، مَيْزًا ومِيزَةً ومَيزةً، فهو مائِز، والمفعول مَمِيز. ماز الشَّيءَ: عزله وفرزه عن غيره. ماز الشَّيءَ:فضَّل بعضَه على بعض، فضَّله على سواه. مازَ الأَّذى عن الطريق: نَحَّاهُ وأَزالَه. مَازَ فلأنًا عليه: فضَّله عليه. أَمازَ: (فعل) أمازَ يُميز، أَمِزْ، إمازةً، فهو مُمِيز، والمفعول مُماز. أَمَازَ الشىءَ: مازه. تَمَيَّزَ اللَّوْنُ الأخْضَرُ عَنِ الأزْرَقِ: اِنْفَصَلَ، اِنْعَزَلَ. مَيَّزَ الحُكْمَ: رَفَعَهُ إِلى مَحْكَمَةٍ عُلْيَا لِيُنْظَرَ فيهِ نَقْضاً أَوإِبْراماً. الْمَيْزُ بَيْنَ النَّاسِ: التَّفْضِيلُ، التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمْ، محاباةٌ أو معاملةٌ خاصّة. الميز العنصريّ: نزعة التَّفرقة بين النَّاس في حقوقهم وواجباتهم لاختلاف أجناسهم وألوانهم. تَمايَزَتِ الجَماعَةُ: تَفَرَّقَتْ، تَخاصَمَتْ. التَّمْيِيزُ العُنْصُرِيُّ: نِظَامٌ تَنْهَجُهُ بَعْضُ الأنْظِمَةِ العُنْصُرِيَّةِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حُقُوقِهِمْ وَوَاجِبَاتِهِمْ لاِخْتِلاَفِ أجْنَاسِهِمْ لِكُلِّ إنْسَانٍ حَقُّ التَّمَتُّعِ بِكَافَّةِ الحُقُوقِ وَالحُرِّيَّاتِ دُونَ أيِّ تَمْيِيزٍ، كَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ العُنْصُرِ أَوِ اللوْنِ أو الجِنْسِ أَوِ الدِّينِ أوِ الرَّأيِ السِّيَاسِيِّ أَوْ أَيِّ رَأيٍ آخَرَ. مُمَيِّزٌ بَيْنَ النَّاسِ: مَنْ يُحْدِثُ تَمْيِيزاً بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ اللَّوْنِ أو الدِّينِ. َمَايَزَ القومُ: تحزَّبُوا. تمايز الشَّيئان: اختلفا على وجه التغاير. مَمِيز: اسم المفعول من مازَ. عزله وفرزه عن غيره. فضَّل بعضَه على بعض، فضَّله على سواه: ماز فلأنًا على فلأن. تميَّز الشَّخصُ من الغيظ: تقطَّع، تمزَّق منه "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ" (الملك 8).
قال الله تعالى عن تمييز ومشتقاتها "تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ" ﴿الملك 8﴾ تميز فعل، تميزُ: تتقطَّع و تنفصل، أو تتفرَّق و تنشَقَّ، تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ: تتقطع من شدة الغضب، تكاد تميز: وقرئ تتميز على الأصل تتقطع، تكاد جهنم تتمزق مِن شدة غضبها على الكفار، كلما طُرح فيها جماعة من الناس سألهم الموكلون بأمرها على سبيل التوبيخ: ألم يأتكم في الدنيا رسول يحذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه؟، و "مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ" ﴿آل عمران 179﴾ يميز فعل، يَميزَ: يميز و يفرق و يبين، حتى يَمِيز: بالتخفيف والتشديد يفصل، ما كان الله ليَدَعَكم أيها المصدقون بالله ورسوله العاملون بشرعه على ما أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق حتى يَمِيزَ الخبيث من الطيب، فيُعرف المنافق من المؤمن الصادق.، و "لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" ﴿الأنفال 37﴾ لِيَمِيزَ: لِ لام التعليل، يَمِيزَ فعل، ليميزَ: متعلق بتكون بالتخفيف والشديد أي يفصل، يحشر الله ويخزي هؤلاء الذين كفروا بربهم، وأنفقوا أموالهم لمنع الناس عن الإيمان بالله والصد عن سبيله، ليميز الله تعالى الخبيث من الطيب، ويجعل الله المال الحرام الذي أُنفق للصدِّ عن دين الله بعضه فوق بعض متراكمًا متراكبًا، فيجعله في نار جهنم.، و "وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ" ﴿يس 59﴾ وَامْتَازُوا: وَ حرف عطف، امْتَازُ فعل، وا ضمير، امتازوا اليوم أيها المجرمون: أي انفردوا عن المؤمنين عند اختلاطهم بهم، ويقال للكفار في ذلك اليوم: تميَّزوا عن المؤمنين، وانفصلوا عنهم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat