صفحة الكاتب : علي سالم

جريمة الابتزاز الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي: تحديات الإثبات وآليات المواجهة
علي سالم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الابتزاز الإلكتروني اصبح من أكثر الجرائم انتشاراً في عصر الثورة الرقمية، لا سيما مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، وتكمن خطورة هذه الجريمة في كونها بعيدة المنال في كثير من الأحيان، واستهدافها للضحية في أضعف حالاتها، إذ يستغل الجاني المعلومات أو الصور أو المحادثات الخاصة التي يحصل عليها عبر الوسائل التكنولوجية، ويهدد بنشرها ما لم تُلبَّ مطالبه، سواءً كانت مالية أو معنوية أو غيرها.
يندرج الابتزاز الإلكتروني ضمن الجرائم الإلكترونية، وهو سلوك يُعاقَب عليه القانون؛ إلا أن مواجهته تُمثل صعوبات عملية وقانونية كبيرة، لا سيما في إثبات الجريمة وتحديد هوية الجاني، فكثيراً ما يستخدم مرتكبو هذا النوع من الجرائم حسابات وهمية، أو يخترقون حسابات الآخرين، أو يعتمدون على برامج تشفير تُصعِّب تتبُّعهم.
ويتمثل التحدي الأول في هذا النوع من الجرائم في الأدلة الرقمية، إذ تختلف الأدلة الرقمية عن الأدلة التقليدية في إمكانية تعديلها أو إخفائها أو محوها؛ كما يتطلب إجراءات خاصة لجمعها وتحليلها من قبل جهات فنية متخصصة، تحت إشراف قضائي يضمن سلامة الأدلة ويحترم خصوصية الأفراد.
التحدي الثاني هو ضعف الإطار القانوني في بعض التشريعات، فبعض القوانين الجزائية لم تُعدّل بعد لتشمل الأشكال الحديثة للابتزاز، أو لا توجد آليات واضحة للتعاون الدولي في مقاضاة الجناة، خاصة إذا كان الجاني خارج حدود الدولة.
أما التدابير المضادة، فهناك مستويان رئيسيان:
الأول قانوني، ويشمل تطوير القوانين الجنائية لتشمل جميع أشكال الابتزاز الرقمي، ومنح سلطات أوسع لسلطات التحقيق لمقاضاة الجناة، وتوسيع التعاون الدولي، وتسهيل تبادل المعلومات بين الدول.

الثاني توعوي وتقني، ويتضمن نشر الثقافة الرقمية وتوعية المستخدمين، وخاصة الشباب، بمخاطر مشاركة المعلومات الشخصية عبر الإنترنت، وتعزيز تدابير الحماية الذاتية، مثل استخدام كلمات مرور قوية وتفعيل المصادقة الثنائية.
بدأت بعض الدول، ومنها العراق، باتخاذ خطوات قانونية جادة لمعالجة هذه الظاهرة، من خلال سنّ قانون للجرائم الإلكترونية وتخصيص فرق تحقيق رقمية داخل أقسام الشرطة؛ ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى دعم البنية التحتية الرقمية للأجهزة الأمنية، وتدريب القضاة والمحامين على تقنيات التعامل مع الأدلة الرقمية.
وفي الختام، تُمثل جريمة الابتزاز الإلكتروني أحد أبرز التحديات التي تواجه أنظمة العدالة الجنائية المعاصرة، وتتطلب استجابة قانونية وفنية وتوعوية شاملة لضمان حماية فعّالة للمجتمع، وخاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر من هذا النوع من الجرائم، كالنساء والأطفال والمراهقين.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي سالم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/25



كتابة تعليق لموضوع : جريمة الابتزاز الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي: تحديات الإثبات وآليات المواجهة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net