قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
"وما أبرئ نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي"
– [سورة يوسف، الآية 53]
النفس البشرية بطبيعتها تتبع هواها في كثير من الأحيان، ولهذا لا بدّ لكل إنسانٍ مؤمنٍ وواعٍ، أن يراجع ذاته كل ليلة، فيخضعها للمساءلة، ويسترجع خطواته، ويستغفر عمّا بدر منه، فبهذا الطريق نتصالح مع أنفسنا، ونقودها نحو الأفضل.
إنّ محاسبة النفس ضرورة، خاصةً في هذا الزمن المليء بالمغريات والتحديات، حيث تزداد الفتن وتتنوع مع تطور الحياة. والإنسان في كثير من الأحيان قد يقع أسيرًا لشهوات الدنيا، فينشأ صراع داخلي بين الحق والباطل، بين الصواب والخطأ.
ولا ننسَ أن إبليس – لعنه الله – لا يتركنا، بل يتربص بنا، يترقّب لحظات الضعف ليوقعنا في الزلل. وهنا تتجلّى أهمية اللجوء إلى الله تعالى، فهو الملجأ والمغيث. لكن، علينا أن نتوسّل إليه بوسيلة، لأننا أصحاب ذنوب وخطايا، وكل عمل مسجّل في صحائفنا.
فما هي هذه الوسيلة؟
أولها الاستغفار، وثانيها التوسل بمحمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) تقرّبًا إلى الله تعالى، فهم وسيلتنا وشفعاؤنا. ومن أهم ما يُعين على الرجوع إلى الحق: محاسبة النفس، ومنحها حقّها من التقويم والتزكية.
وقد ذكر الإمام زين العابدين (عليه السلام) في رسالة الحقوق ما ينير لنا هذا الطريق، حيث قال في حق النفس:
"وأما حق نفسك عليك، فأن تستوفيها في طاعة الله، فتؤدي إلى لسانك حقه، وإلى سمعك حقه، وإلى بصرك حقه، وإلى يدك حقها، وإلى رجلك حقها، وإلى بطنك حقه، وإلى فرجك حقه، وتستعين بالله على ذلك."
– رسالة الحقوق، صفحة 71
لكل عضوٍ من أعضائنا حق يجب أداؤه:
اللسان: صونه عن الكذب والغيبة.
السمع: الابتعاد عن سماع الفُحش والنميمة والأغاني المحرّمة.
اليد: ألا تمتد إلى الحرام.
الرجل: ألا تسير إلى المحرمات.
البطن: ألا يُدخل ما حرّم الله.
الفرج: حفظه عن الحرام، فهو من أعظم أبواب الفتنة.
إنّ من أعظم مراتب الجهاد، جهاد النفس. فارحم نفسك وجاهدها، وسِر بها على طريق الحق، وابتعد عن كل ما يُغضب الله. وراقبها كل يومٍ وليلة، واستعن بالله، فإنه نعم المولى ونعم النصير.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat