l(قراءة في خطبة الجمعة لسماحة السيد أحمد الصافي) 12/ جمادي الثاني / 1441هـ، 7/2/2020هـ
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

تتطلب خطب الجمعة أن ترتقي إلى مستوى المنبر الرسالي وأن يكون الخطاب ثريا، يحمل مضامين إنسانية مؤثرة، وأن تستحضر أفكارها من صميم الأثر القرآني، ويتم انتقاء المضمون الثقافي كون الخطاب رسالة منبر الجمعة إلى الناس، وهي أداة توصيل بين الواقع التاريخي والواقع المعاصر والمستقبلي، ويساهم في توضيح الرؤى القرآنية أو أثرها في خلق التمكن الفكري للمجتمع، والذي سيساهم في تماثلها وحضورها كمقوم سلوكي للمجتمع.
سماحة السيد الصافي استحضر لنا قول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾
يقرأ لنا الاستشهاد القرآني ليقدم الرؤية النافعة للناس، وهذه من أساسيات خطبة الجمعة، البحث في المعنى الدلالي لهذه الآية التي ارتكزت عليها الخطبة إبراز مضمونها، وقد تمحور حول العلاقة بالهداية وإنزال الذكر من الله تبارك وتعالى ومفردة باخع يرى بعض المفسرين أنها تعني الحزن وتعني الجزع أو الأسف المهلك، ومن خلال المسيرة التأريخية بعث الله سبحانه أنبياء يعرفوا الناس بالحق، وتتم عليهم الحجة ومن مميزات هؤلاء الأنبياء عليهم سلام الله أن لديهم إمارات وعلامات وحقائق تعرفنا بالحياة الأبدية وتمنحنا ما يعيننا من أمورنا، لولا وجودهم لما عرفناها، والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الأنبياء، كان يتمتع بصفات كبيرة، في العلم وفي القدرة على معرفة الأشياء، ولا بد لمثل هذا الخطاب أن يقف متأملا في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعرفة النبع الرسالي الذي يمنح الأمة الوعي، ولتكون سيرته المباركة هي المرجع الثقافي والروحي للأمة ومنها يستوحي دلالات النجاة ولا يمكن أن يكون هناك تمسك أو تماسك دون معرفة هذا المرجع الإنساني المبارك الذي اختاره الله سبحانه لنا، لقد زودنا القرآن الكريم بدلائل التكوين أو الحضور الوجداني الذي يعرج إلى السماء، ويذهب إلى بيت المقدس في ثلث من الليل، وصل إلى مقامات عالية لم يصل إليها نبي قط.
الغاية من ذكر هذه المعجزات هي أن يبين لنا سماحة السيد أحمد الصافي البحث عن الفائدة والمعرفة هذه القدرات لصالح المعنى الدلالي للتفاعل معها واستيعاب مضامينها، ويقدم لنا نسيجا من تلك الدلالات.
سبحانه تعالى له صفات كثيرة وأسماء كثيرة، لكنه ابتدأ القرآن (بسم الله الرحمن الرحيم) في جميع السور ما خلا سورة البراءة، وهذه الدلالة كما يرى سماحة السيد الصافي ترصد لنا خصوصية الرحمة حتى عند النبي سليمان عليه السلام، أرسل كتابا إلى بلقيس يبدأ (بسم الله الرحمن الرحيم) وهذه المفردة لها دور بارز في تشكيل وعي الإنسان في مستويات القيمية والفكرية والرحمة هي الشعاع الذي يضيء عوالم المعرفة، لأن الرحمة شيء في غاية الأهمية، للتواصل الفكري مع سمات الرحمة لبناء جذر الانتماء الرسالي، الله سبحانه تعالى يعلمنا مهمة النبي وماهية الرسالة وجدانيا
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ بعض الفلاسفة يروون أن ثقافة الفرد من صناعة المجتمع، أي بمعنى أن التمثيل الفكري للمجتمع ينعكس على مقومات الفرد الذهنية، إلا في تجربة النبي محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، حيث وجدوا أن ثقافته رؤاه وما أتى به من الله سبحانه هي التي حققت المجتمعات.
الله سبحانه تعالى يشفق على النبي ألا تذهب نفسه حسرات، ولا يريد له الأذى.
سماحة السيد الصافي يبحث في أسباب هذا الأذى النفسي من أجل المجتمع، هذه القضية تدل على رهافة الحس الإنساني عند النبي صلى الله عليه وآله، على الرحمة الإنسانية، يريد للناس النجاة من التهلكة، والقضية الأهم، إن الله سبحانه تعالى كرم من ينتمي لهذا النبي إذ جعل في قلبه رحمة.
سعت خطبة الجمعة إلى تبني عنوان الرحمة، والاشتغال عليها كتوجيه معرفي يرسخ مفهوم الرحمة عند الناس، والبحث في عمق الموضوع من أجل الوصول إلى جميع حيثياته.
النبي يتألم لهداية الناس، وهو لا ينقصه شيء، النبي هو نبي سوى اهتدى الناس أم لم يهتدوا، القضية تكمن في محورها التربوي، تحذر من الإنسان الذي ينشأ مقولب الفكر والمشاعر، لا يرى إلا ما ترى عصبيته أن كانت جاهلية أو قبلية الأسرية والعصبية المنالطقية، فيرى سيئات قومه حسنات، لنصل إلى روح النص الخطابي دعوة الإنسان تحتاج إلى توفيق من الله تعالى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat