الخدمة في العتبات: رحيقها وردٌ
يقين محمد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يقين محمد

أستظل برحيقٍ من حقائق ورغائب وعطايا ومواهب... في تلك الدائرة المقدّسة: حب الحسين.
أسئلة تتجدد وتتكرر، مع كل دمعة زائرة، مع كل ذرّة من تراب الحرم الشريف، ومع كل تلك الأمور العظيمة التي لا تُحكى، فما خفي كان أعظم.
أخدم في مكانٍ مأسور بحبك، يا أبا عبد الله. هواء العتبة مشبع بذكرك، وسجادها كأنّه يسجد لك حبًا لا طاعةً فقط. كل زاوية هنا تنطق باسمك، وكل خطوة تُلهب القلب شوقًا إليك.
في هذا المكان، رأيتُ معنى العطاء بعيني، لا في الكتب ولا على المنابر. رأيت الخادمات يقدّمن من أعمارهن وصحتهن ودموعهن، وكأنهنّ يفنين في محبتك.
واحدة تلفّ مسبحة من تربة الحسين بين يديها، وأخرى تقرأ زيارة عاشوراء من قلبها لا من لسانها، وثالثة تصلّي بخشوعٍ يجعلني أرى في وجهها جمال الحياة متجسّدًا، وكأنها ولية من أولياء الله على هذه الأرض.
كل يوم، أقول: إلى أين أُوجه وجهي؟ لمن أنصت؟ كل هذه الوجوه وجهك، وكل هذه القلوب متوجهة إليك، فأين المفر؟ وكيف يُمكن النسيان؟
وأنا بينهن، خادمة، أشعر أحيانًا بالعجز عن التعبير. العطاء هنا ليس كلمات، بل دموع وتعب وحنين ولهفة.
لا أعلم هل هو نابع من الروح أم متجسد في الجسد، لكنه في النهاية عطاءٌ صادق.
هل يتقمص هؤلاء الخادمون صورة العطاء، أم أنهم هم العطاء ذاته؟ لا أدري.
لكنني أعلم شيئًا واحدًا: كلما خدمت أكثر، شعرتُ بأنك تمنحني أكثر.
وكلما أديتُ واجبي تجاهك، أحسست أنك أيضًا تؤدي واجبك تجاهي: نحو عقلي، وقلبي، وروحي... بل لنقل: نحو عقيدتي، لأنها كل شيء.
وكلما نظرتُ في عيون الزائرات، قرأتُ فيهن قصة كربلاء من جديد.
يا سيدي، أنت مختلف... فيك سرٌّ عميق لا يُفهم، وأمان لا يُوصف، وملاذ لا يُغادر.
دائمًا أنت...
مستحوذ على الأرواح
ملهم القلوب
معطش المحبين
وبين وجداني، كأنك تسقي قلبي بربيع ولائك، وتحيي روحي بفدائك وحياء أصحابك.
هذه ليست مجرّد خدمة... إنها حياة. إنها كربلاء تتكرر كل يوم، وأنا فيها مجرّد ذرّة، لكنني فخورة أن أكون منها، ومنك.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat