قال تعالى في محكم كتابه (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ): يوسف الآية - 2 - قد لا تموت اللغة لكنها تمرض وتشيخ وتتغير كثيرا من ملامحها، لكنها لن تموت.
اللغة جزاءً كبيرا من قوة الدولة بشكل عام وليس المهم ما شكل اللغة قد تكون لغة الشارع، لغة المثقف، لغة المتعلم، لغة الاعلام وهي الأسوأ، لكن اللغة لغة، أي لغة؟ لغة الدولة التي بقية الدول بحاجة لها شريطة ان تكون اللغة الجديدة او المولدة تعطي نفس القوة كما في الملاوية التي تحولت الى الإنكليزية في ماليزيا وهذه مسالة خطيرة في ان تتبدل اللغة او تضعف ومن ثم تندثر وهذه القضية اسبابها كثيرة أهمها في الوقت الحاضر الدراسة اون لاين او عبر الأجهزة اللوحية بكل اشكالها ومنها وسائل التواصل الاجتماعي.
لنرى لغتنا العربية الجميلة ، كنت في دراستي الاكاديمية قد خصصت عنوان رسالتي في جزء منه او ما يسمى بالمتغير الثاني عن المهارات الكتابية، والكتابة هي الجزء الثاني من تعلم اللغة، ففي محكم كتابه يقول عز من قائل:
(اقرأ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) سورة: العلق
سبحانه وتعالى بدأ بالقراءة في حين نحن نبدأ بالعكس نبدأ بالكتابة ،في تعليمنا للمبتدئ في الصف الأول الابتدائي وهذا ما تعلمناه قد يختلف معي بعضا منهم الا انه مجرد رأي، المهم في ذلك عندما عدت الى فصول الدراسة عائدا الى مهمتي الإنسانية، وجدت نفسي امام مهمة صعبة للغاية وكأني في أولى أيام تعيني الأولى في التعليم منها عدم استطاعتي قراءة ما مكتوب رغم المرحلة التي ادرسها، كان يجب على الطلبة في مرحلة الإعدادية من المفروض قد تجاوزوا تلك الأخطاء لا بل ابسطها، الصعوبة تكمن في ما يكتبون إملاءً او خطا وفي ابسط الكلمات او المفردات لا بل الحروف أيضا وكأنهم لم يروها ، فهم يقرؤون قراءة سطحية غير ذهنية ظنا منهم انهم يقرؤون بجد ، الا ان الحقيقة غير ذلك لابل وصل عند بعض الطلبة في القراءة الشفوية ،يُغير بُنية الكلمة لفظا ومعنى على سبيل المثال كِندة بكسر الكاف ، وهي قبلة عربية قديمة في بلاد الجزيرة العربية وتحديدا في نجد، يقرأها الطالب كندا وهي بلد في اقصى بلاد الغرب وهي بلاد باردة قاسية يعيش فيها سكان أصليون منذ الوف السنين منهم سكان الاسكيمو .
مما زاد الصعوبة في فهم هؤلاء الطلبة فهم يستثقلون كل شيء في العلم، والمعرفة، والثقافة وان كانت للتسلية ، فدرس اللغة العربية ليس للقواعد النحوية فقط، بل هو درس للثقافة والادب والشعر والقصص الجميلة التي يضمنها أستاذ اللغة العربية ومع هذا اصبح درس اللغة العربية درسا ثقيلا ،عليه ان ينجح فيه وان كان نجاحا غير حقيقيا، الامتحان الشفوي والانشاء او التعبير التحريري هي المنقذ الأول والأخير في حصول الطالب على ثلاثين درجة على اقل تقدير ، دون عناء يذكر ،فدرس اللغة العربية ثقيلا ليس بسبب الطالب او المدرس فقط بل المنهج المعقد فهو يدرس مادة صرفية في مرحلة المتوسطة الثاني والثالث فكثير من موضوعات المنهج مادة صرفية والذى زاد هذه الصعوبة اننا اصبحا امة لا تقرا بسبب المنافسة مع الأجهزة الالكترونية التي تلقف كل كلمة فهي لا تسمع نطقا بل تسمع صوتا لحرف او كتابة خائطة معللة ذلك في التصحيح او التدقيق الالكتروني بخط احمر يظهر تحت الكلمة اذا كانت خطأ ومع هذا أحيانا لا يستطيع الحاسوب او أي جهاز اخر ان يصحح كل الكلمات حيث هناك مفردات يجب اضافتها من قبل الكاتب او مدخل البيانات، لا اريد الخوض بالأسباب اعود لها لاحقا ، احد اهم أسباب معرفة حضارات الأمم هي لغتها ورغم العربية من اللغات السامية ذات الجذور الموغلة في القدم الا انها تعاني، ما تعاني اليوم رغم عدد المتحدثين بها فهي يتحدثها 422 مليون ، منها 300 يتحدثونها كلغة أم اصلية ، ومع هذا العدد لم تحصل على مرتبة أولية مع الأسف ترتيبها السادس حسب مجلة فوربس العالمية ،ماذا يدل ذلك يدل:
أولا: عدم اهتمام الدول وحكامها، واناسها بلغتهم لا يعتزون بها ولولا القران لما وجد هذا العدد من المتحدثين بها.
ثانيا: الوضع الاقتصادي بائس لهذه الدول المتحدثة بالعربية، لا يوجد صناعة حقيقة يكون العالم بحاجة ماسة لها بحيث يبحث عنها الاخرون لكي يتحدثون لغتنا بل نحن بحاجة للغتهم لكي نتعامل معهم وان كانوا بحاجة لنا نحن من نترجم لهم.
ثالثا: وضعنا الاجتماعي يتقبل الاخذ من غيره بكل سهولة ويرضى بذلك، وأحيانا يجد الطرف الاخر التحدث بها لكن لن يفعلها ويتحدث بلغته، اعتزازا بلغته الام. (أسماء المطاعم والمحال في مدن ذات طابع ديني تحديدا)
رابعا: لا توجد مراكز بحثية حقيقة او رصد أموال لإنشاء مراكز البحوث تهتم باللغة العربية الا اللمم الذي لم يؤثر حقيقة لكن جهود مشكورة.
نعود للأسباب، أجد ان أحد اهم أسباب عدم معرفة الحضارة العربية لدى الاخرين عدم الحفاظ على اللغة كيف تقول ذلك؟؟؟ وبعثات التنقيب اما إيطاليا او المانية او أمريكية نعم صحيح خصصت أموال طائلة للمعرفة ووجهت بشكل صحيح فلا يوجد لدينا دليل حقيقي لأثارنا لا توجد حماية كافية للحفاظ عليها من السراق وهذا موثق في تقارير تلفزيونية منذ احتلال العراق ولحد الان.
فكل دولة من دول العالم حريصة على اثارها ولغتها حكومة وشعبا الا العرب والعراق خاصة فالعرب يفكرون بألسنتهم، حتى انهم تفاخروا بلغتهم على الرسل والانبياء لكن كان هذا منذ زمن بعيد اليوم شيء اخر فكل دولة حريصة على لغتها الا العرب فعهم لا ينفقون على لغتهم كما على محافلهم وولائمهم تحت مسمى الكرم والعطاء وبدلا من ان نصدر ثقافتا واقصد حديثا يعني على اقل تقدير منذ قرن نراهم يستوردون من غيره بدا هذا منذ عهد الدولة العباسية ، التي اهتمت بالكاتب والكتابة واسست دار الحكمة فترجمت كتب غيرهم وكان اول المترجمين ابن المقفع الذي ترجم كتاب كليلة ودمنة هذا ليس عيبا لكن كان هنالك التأثير الاقوى من قبل الدخيل على الأصيل، فاللغة العربية ليس بحاجة الى تطوير بقدر الحاجة الى المحافظة فقلة الكتابة يعنى ضياع اللغة، فاللغة التي لا تكتب لا يمكن حفظها و أتذكر جيدا معلمي في الصف الرابع الابتدائي كان من جمهورية مصر العربية كان هذا في الثمانينات بسبب الحاجة الى معلمين لان شبابنا قد ذهب الى ارض المعركة هذا المعلم كان قاسيا معنا حيث نحن صغار فهو لا يفهم لهجتنا العراقية العامية ولا نحن نفهم ما يعني بلهجته العربية المصرية وان كنا نقول نعم ؟ حين يسال يلهجته طبعا ( فهمتوا الدرس يولاد ) ونحن نهز بروسنا ونقول نعم كذبا؟؟؟ في مرحلة الإعدادية درسنا أستاذ عراقي قد تزوج من امرأة جزائرية كان مرحا لطيفا في تدريس علم الاحياء عندما سألناه عن سبب زواجه كان قد اخبرنا انه عمل مدرس في الجزائر في سبعينات القرن الماضي والسبب كان هو تعريب الدول التي حكمها الاحتلال الفرنسي مما سلبها لغتها رغم ان بلا المغرب لحد هذه اللحظة تعاني من اثار الاحتلال وخاصة اللغة مثال على ذلك الجزائر وتونس كل هذا ولم تجد الحكومات حلولا بل حلو ل مؤقتة لا تغني ولا تشبع قال تعالى في محكم كتابه ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ سورة الأنبياء: 92
أتمنى ان تكون لغتنا واحدة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat