(من مذكرات أقدم مدرس تأريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم)(مرقد بن فهد الحلي )
اسعد عبد الرزاق هاني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبد الرزاق هاني

يحمل المكان سمات دلالية مكونة للهوية الفكرية والأجتماعية والثقافية ، ومرقد أبن فهد الحلي يمنحنا الكثير من معالم الهوية ،كان المرحوم الاستاذ عبد الرزاق الحكيم يفاجئني أحيانا بسعة معلوماته ، حتى تلك التي هي خارج اختصاصاته التاريخية ، سألته يوما عن المرقد وتأريخه وعن موقعه المهم بالنسبة لكربلاء ، قال وهو كعادته يبتسم ، هل تعرف ان الحوزة العلمية الدينية في كربلاء تأسست قبل حوزة النجف الأشرف ، كانت المعلومة جديدة بالنسبة لي ، فقال أسس حوزة كربلاء المقدسة الفقية المحدث حميد بن زياد النينوي سنة 310 هـ ، سألته ومن هو الفقية النينوي ، اجابني هو من مشايخ الكليني وفرات الكوفي ، أما حوزة النجف أسسها الشيخ الطوسي بعد 75 سنة ، انا كنت أبحث عن المكان ، عن مرقد ابن فهد الحلي ،واكتشفت الان علاقته بمرجعية كربلاء ، ، يبدو ان الاستاذ ابو ثامر اكتشف فضولي وعرف ما يدور في رأسي، فقال / عليك ان تعرف من هو العلامة أبن الفهد الحلي ، ،والبعض يمزج بين عالمين بنفس الأسم شهاب الدين أحمد فهد الاحسائي ، وهو عالم معاصر لأبن فهد الحلي ،له كتاب خلاصة التنقيح ) أما العلامة الحلي هو الشيخ جمال الدين ابو العباس أحمد بن فهد الحلي قدس سره ، قلت هذا يعني انه من أهل الحلة ؟ قال ولد في الحلة التي كانت من أهم مدن العراق المزدحمة بالعلماء والمدارس الدينية ، والمعاهد العلمية للطائفة الشيعية ، هاجر الى كربلاء انتقلت معه المرجعية الدينية الى حوزة كربلاء العلمية ، وازدهرت بروادها من طلبة العلم والفقهاء من الاقاليم الإسلامية ايران ، الهند،دول اسيا الصغرى ، داغستان ، اذربيجان ، طاشقند ، قلت له وكأني استحثه للحديث عن المرقد ، لكوني بحاجة الى معلومات عن المرقد عن بناية المرقد ، فقال لي اشار ابن بطوطة في رحلته الى كربلاء عن وجود مدرسة علمية كبيرة الى جانب المرقد الحسيني المقدس ، أولا عليك ان تعرف ان جبل عامل كان لها دور مرجعي كبير تراجع دورها بعد رحيل الشهيد الاول ، ولابد ان تعرف ايضا ان مناقشة كبيرة جرت بين علماء المذاهب جرت عن الإمامة والولاية بحضور أمير العراق الأمير ( اسبان بن قرا يوسف ) اعلن الأمير تشيعه ، ، وجعل خطبة الجمعة تفتح باسم أمير المؤمنين وأولاده المعصومين ، المطهرين عليهم السلام ، وضرب السكة باسم الائمة الاثنى عشر عليهم السلام ، ، كانت هذه المناقشة التي غيرت هوية البلاد عام 836 هـ بعد سقوط الدولة الجلائرية ، أصبحت كربلاء أكثر أمآنا ، والأمن والاستقرار يوفران الجو المناسب لأزدهار العلوم ، قلت أسأله هل هذا شكل المرقد منذ نشأته ؟ أجابني اراك متعجل لمعرفة المرقد ، هناك امور جذرية اهم من الانشاء نفسه ، لقد وقف ابن الفهد داره على ان تكون قبرا له ومزارا والبستان المحيطة بداره وقبره بستان ابن فهد الحلي ايضا أوقفه ، لزوار الحسين عليه السلام ، القبر شيد عليه قبة قديمة وحول قبره دار تحوطه اسطوانات وغرف خاصة مأوى لزائرين أبي الشهداء الحسين عليه السلام ، المقام الجديد شيد في بداية السبعينيات للقرن العشرين الميلادي شيدوا عليه قبة ضخمة مكسوة بالقاشاني ، والمرقد يقع في النصف الشمالي من صحن الدار المكشوف، وأما النصف الجنوبي مسجدا ، الطابق الاسفل مأوى للزائرين والطابق الأعلى فقد شيد مدرسة لطلاب العلوم الدينية مدرسة الشيخ أحمد بن فهد الحلي ، الذي اعرفه ان في السبعينيات كان هناك اهمال حكومي لمراقد علماء الشيعة ، سعت لطمس معالمهم ، فمن اين كان التمويل الذي صرف لإنشاء عمارة المرقد والمسجد والمدرسة، اجابني الاسماء موجودة ومنقوشة بالقاشاني على واجهة الباب في الشارع العام ، اسماء المتبرعين سماحة آية الله السيد الحكيم والسيد عبد الحسين البهبهاني والحاج صاحب الهر والحاج على الكهربائي ، هذا يعني ان المرقد الشريف كان واسع مشيد الأركان ، وقبة محراب يتكون من بلاطتين مستطيلتين من القاشاني ، ويحيط بالمحراب زخارف ونقوش نباتية وكتابية بارزة على يمين الداخل ، صرت افكر مع نفسي الذي اتذكره الان ان المرقد يزيد على نصف مترأعلى من مستوى الرصيف تحيط به اطارات من الكتابة بخط النسخ البارز ، وهي ايآت من الذكر الحكيم ، ، ويشكل الجدار بالأعمدة تصل بين واحدة وأخرى نافذة حديدية مزججة، وعدد من النوافذ الخمسة.والذي اتذكره ايضا ان المرقد فيه ضريح مستطيل من النحاس بطول (1،5) متر وعرض متر واحد وارتفاع (7) متر عن سطح الأرض والضريح مكون من صندوق خاتم خشبي مُغطى بشال أخضر ويتصل بالمرقد طارمة مسقفة بطول (6) متر وعرض (3،5) متر، وقد اتخذت هذه المساحة البالغة (51) متر مربع كمصلى.، لهذا قررت ان اخرج من ذاكرتي لقرأ سورة الفاتحة لروح العلامة ابن فهد الحلي واستاذي عبد الرزاق الحكيم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat