صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

(قراءة في خطبة الجمعة / لسماحة السيد أحمد الصافي دام ظله)  28ـــ رجب 1440ـــ هـ / 5ـــ4 ـــ2019م
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من أولويات خطبة الجمعة امتلاكها لمعالم التصور العقيدي، وقراءة المضامين الرسالية بدلالتها ومعانيها، والسعي لاحتواء ملامح تجلي المعنى الدلالي لشخصية النبي المرسل صلى الله عليه وآله وسلم، وعنوان وجوده الحضاري والإنساني وفاعلية المعرفة الجادة لشخصيته العظيمة، والتعرف على معنى العصمة التي استحقت التقديس لجميع الأنبياء، وطابع الشمول سيعزز العمق الولائي لنبينا خاتم الأنبياء والمرسلين، وسبل الإدراك لمعنى الاهتمام بشخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومسؤولية هذا الانتماء كونه شكل ظاهرة كونية، أعدت قبل الزمان والمكان وأشرقت بمنطلقات المقدرة الإلهية، عبر السلطة الروحية والمكانة الدلالية والانفتاح الإعجازي الذي تجاوز حدود المدرك الواقعي عبر قضية الإسراء والمعراج، وعلاقته بالأنبياء عليهم السلام. 
يقول صلى الله عليه وآله وسلم (أنا دعوة أبي إبراهيم عليه السلام) 
قدم سماحة السيد الصافي، المعنى الأسمى لهذه الدعوة، عبر موجز تعريفي عن شيخ الأنبياء إبراهيم عليه السلام، لم يكتف أن يدعو لنفسه وإنما أشرك ذريته دائما في الدعاء لعلمه بأن هذه الذرية ستنتهي إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستقرار مرتكز النبوة في هذه البقعة المباركة (البيت العتيق) ومن ثم تمتد هذه الذرية إلى النبي محمد صل الله عليه وآله، جهة مشرقة من حياة تمثلت بجوهر الرسالة، لم تكن مقبولة من قبل المجتمعات القبلية التي رسخت عبوديتها قاعدة للوفاق، فتحمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكثير من المعاناة من بني قومه، ولتجسيد المعاني الدلالية القادرة على منحنا فهم الجهد الذي بذله النبي المصطفى وهو يدعو إلى الله تبارك وتعالى، ومن ضمن هذه الحروب النفسية التي جابهته هي قضية اللعب في  المغزى الدلالي للمفردة، وتأويلها قسرا على ما يخدم الرؤى القسرية، وأصحاب تلك الرؤى مستغلين تشعب معنى المفردة، وتوظيفها لغايات تقلل من شان الرسالة المحمدية مثل معنى (النبي الأمي) لتحرف الاصطلاح إلى غير المعنى الحقيقي اصطلاح (أمي) فسروه إلى أمية القراءة، أي لا يحسن القراءة والكتابة، واستساغوا هذا المفهوم وتوارثوه في مدارسهم، إن النبي لا يحسن القراءة والكتابة، وهذه فرية كبيرة لا تقل خطورة عن فرية  الساحر أو فرية المجنون، ولقراءة الدلالة بمعناها الصحيح، كيف لنبي أمي تختم نبوءته مسار الأنبياء ورسالة لا تقف عند الحدود الزمكانية (زمان ــ مكان)؟ 
 ولنتأمل مفردات السورة المباركة نفسها، فهذا النبي الأمي تقع عليه مسؤولية (يتلو ــ يزكي ــ يعلم) والمعاني الملحقة دون اللفظ يهدي ــ يرشد، معنى مفتوحا لجميع دلالات العلم والمعرفة، أرشدنا سماحة السيد الصافي بخطبته إلى المعنى الحقيقي لمصطلح (الأميون) في الاستعمالات القرآنية، تعني المجتمعات التي لم ينزل فيها نبي معنى الآية ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ﴾ يعني لم يكونوا أهل كتاب ولم ينزل فيهم رسول من الله فيسمونهم أميين 
 وأبصرتنا الخطبة لكثير من الحقائق الوجدانية لمجتمع ما قبل الرسالة المحمدية، مجتمع قبلي كان قبل البعثة النبوية لا يمتلك العلم ولا الفهم، ولا أي شيء، لذلك عبر القران عنهم ﴿لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾، يعني لا حكمة ولا كتاب يعلمهم ويزكيهم، فهل يمكن أن يكون المعلم المربي الحكيم لا يعرف القراءة ولا الكتابة؟ 
 نبي بنى صرحا فكريا ينفتح على الأزمنة فكرا ووجدانا ومعتقدا يرشدهم إلى العلم والثقافة ليتصدر الأمم باليقين المعرفي، عرض لنا الإمام علي عليه السلام النبي محمد بمعانٍ تضيء وتتحول إلى أفكار وتواصل ذهني مع الدور الرسالي لخاتم الأنبياء، تؤازر المعنى المدرك للنبي ويبعد عنه معنى الجهل والأمية فهو يصور لنا العلاقة الإلهية ابتعثه بالنور المضيء، الله بعث محمدا بالنور دلالة على حيوية المعنى المعرفي، لهذا يتصل بالبرهان الجلي ويكشف عن المهمة الرسالية (الرحمة) وهذا المعنى هو الدلالة الواضحة. 
 إن كل ما اتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو في مكنون الرحمة حتى شخصية النبي نفسه لتكوينه الرسالي/ معنى وجوده/ هو رحمة تستحق الشكر 
من المصطلح التضادي لمحور الأمية هي (العلمية) ومؤسس الحضارة الإسلامية بعمقها الجوهري الإنساني، بأي معنى يحسب إلى الجهل والأمية، وأمير المؤمنين عليه السلام يقول علمني رسول الله صل الله عليه وآله ألف باب من العلم، وكل باب يفتح له منها ألف باب، (علم غزير) هذه الشهادة وحدها يمكن أن تكشف ملابسات المصطلح (الأمي).
أما شواهد القران الكريم على قيمته العلمية، يقول الله سبحانه وتعالى ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ وقوف النبي الكريم عند سدرة المنتهى، القلب الذي كان منطويا على المعرفة والعلم سواء رأى أم لم ير، فهذا القلب مملوء بالإيمان، السمو المعرفي الذي وصل إلى ما لم يصله العلم الإنساني، لا يمكن أن توصف مثل هذه الشخصية بالأمية والجهل على

أساس تعزيز قدرة المقام الرسالي كأعجاز رباني 
بينما معنى النبوة هو تجسيد للفكر والعبادة والدعاء، لتتجلى فيه النبوة رحمة وهدى


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/05/02



كتابة تعليق لموضوع : (قراءة في خطبة الجمعة / لسماحة السيد أحمد الصافي دام ظله)  28ـــ رجب 1440ـــ هـ / 5ـــ4 ـــ2019م
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net