لقاء مع الشاهد الذي رأى
فاطمة السعيدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاطمة السعيدي

على سلم الخيال تسلقت جدار الزمن وألقيت بنفسي في رحاب مكة لألتقي يزيد بن قعنب وأسأله عن روايته...
ياابن قعنب أحكي لي عمّا رأيت ذلك اليوم؟
_ رأيتُ إمرأة مهيبة الطلعة قوية الشخصية ،تمشي بخطوات غلبت عليها السكينة والوقار مستورة لم يبن منها سوى وجهها الذي استدار حتى صار كهالة القمر، بين برهة وأخرى تضع يدها على خاصرتها يبدو أنها أجاءها المخاض إلى بيت الله ، وقفت إزاء الكعبة رمت بطرفها إلى السماء تمتمت رافعة يدها داعية خالقها ، خالق السماء ،لم تفعل كما يفعل الجهلاء ، يتوسلون بالأصنام خاضعين لها أذلاء . أخذت تطوف حتى اقتربت الساعة وانشق الجدار ، في الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل .
كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب عندما أتت فاطمة بنت أسد وطافت حول الكعبة في حالة انقطاع لرب السماء تدل على الإيمان بعقيدة راسخة. ثم رأينا جدار الكعبة انشق ودخلت في جوفها وغابت عن أبصارنا، ثمّ عاد والتزق الجدار وكأنه لم ينشق ابدا ، رمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا، لم ينفتح الباب، في تلك الليلة أشرقت السماء بضيائها، وتضاعف نور نجومها ،
وأهل مكة يتحدثون عن تلك الحادثة في أفواه السكك، وتتحدث المخدرات في خدورهنّ. و بعد ثلاثة أيّام انفتح الجدار من الموضع الذي كانت دخلت فيه، وخرجت فاطمة وعلي على يديها. وصل الخبر لأبو طالب استقبله وقد مسه الشوق إليه ، سرّ به وقرت عيناه ، فقد أتاه ولد ،عظيم التلد ، له شأن و نبأ ،لم يلد مولود في الكعبة غيره قط.
_ يا بن قعنب هل تعلم هناك من موهوا على الموضع الذي ولد فيه أمير المؤمنين و صاروا يصلحون أثر الشق في جدار الكعبة لئلا يطلع عليه أحد، بل أكثر من ذلك عينوا مسجداً في مكة وكتبوا عليه مسجد مولد علي ، كما كبر على بعض من يحسب نفسه على المؤرخين أن يمر بهذه المكرمة العظمى لأمير المؤمنين عليه السّلام ولا يلقي في بحرها المواج بالنور والبركة شيئاً من الحطام الذي لا يكشف الا عن حقد شديد للصادقين إنه الزبير بن بكار والذي زعم خلافاً لجموع المؤرخين و المصنفين من علماء الإسلام من الفريقين المجمعين بانفراد أمير المؤمنين ، بشرف الولادة في الكعبة.
حاول الزبير بن بكار حسداً لمنزلة الإمام علي عليه السلام في ولادته في جوف الكعبة إيجاد منقبة لأحد الصحابة توازي منزلة الإمام علي (عليه السلام) تلك على خطى معاوية بن أبي سفيان ، للانتقام من وصي المصطفى فانتخب عدواً لبني هاشم ألا وهو حكيم بن حزام الطليق ابن عمه .وانفرد بتلك الرواية المزيفة مع عمه مصعب بن عبدالله وهما من أبناء عبد الله بن الزبير بن العوام المعادين لأهل البيت. بهذه المنقبة المزيفة أراد الزبيريون رفع شأن قبيلتهم .
ومن البعيد أن يجمع الله تعالى هذه الفضيلة لأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام )وعدوه الطليق حكيم بن حزام المحارب لله ورسوله المستمر على النفاق ، فكيف يجمع بينه وبين من اجتمعت فيه صفات الكمال صاحب الفطرة النقية والنفس المرضية ،الذي أسلم على يدي الرسول قبل أن تمس قلبه عقيدة سابقة، أو يخالط عقله شوب من شرك ، و لازمه فتى يافعاً في غدوه و رواحه وسلمه و حربه حتى تخلق بأخلاقه واتسم بصفاته، وفقه عنه الدين و تفقه بما نزل به الروح الأمين وهو من قال(اني ولدتُ على الفطرة و سبقتُ إلى الإيمان والهجرة)...لا عجب يابن قعنب فقد زوروا كثير من الحقائق...
غادرت عالم الخيال عائدة إلى الواقع و بدأتُ بتحضيرات (المولد)فيوم ولادة امير المؤمنين عليه السلام من أعظم أيام الله تعالى التي يجب أن نذكر فيها ما لأمير المؤمنين من الفضيلة و ما يجب أن يذاع على كل الأسماع بياناً لمكارمه و اظهاراً لمفاخره إذ أنه عنوان الإسلام الذي يعرف به.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat