المهدي وعلماء الجمهور
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

يشكل موضوع المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ثقلا روحيا يحمل معنى الانتماء كهوية إنسانية رسالية ترتبط بمنهج الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم, حتى تعامل معه بعض المؤرخين تعاملا سياسيا أكثر مما هو موضوع تاريخي واقعي عقائدي وله قدسية عالية كونه من دعوات النبوة ومن نتاج الإمامة، وبدل ذلك اعتبروا أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي موضوعة وصار نكرانها من المميزات المعرفية التي تستحق أن تنشر في منهجيات المسعى الأكاديمي والأستاذ(أحمد أمين) له كتاب بعنوان (ضحى الإسلام) يزعم أنه تبني علماء الجمهور لفكرة المهدي مأخوذة من عقائد الشيعة ولم يرد في البخاري و مسلم شيءٌ منها في صحاحه من أحاديث عن المهدي.
بينما يروي الكثير من علماء العامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لو لم يبقَ من الدهر إلا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جَورا».
أخطر ما في القضية المهدوية أنها لا تنتمي إلى الماضي وإنما لها استباقية في التاريخ المفتوح، ومثل هذا التاريخ يقبل القراءة والتأويل ويكشف عن بئر الواقع وخفاياه لهذا يعتبر (أحمد أمين) أن لها أسباب سياسية واجتماعية، بهذا يعدها من اختراع الشيعة.
بعد أن خرجت الخلافة من أيديهم، ويعود بعد مده ليزور النجف ويبرر غفلته بأنه اعتمد على مصادر الجمهور، ولم يقرأ مصادر الشيعة.
والحقيقة أنه تجاوز حتى على المصادر السنية التي تؤمن بالمهدي المنتظر وتقر بحديث النبي صلى الله عليه آله وسلم عن الغيبة والظهور، وهذا يدل على عدم امتلاك هؤلاء أي احترام للتاريخ الرسالي، وأي تقدير لتاريخهم، أساؤوا إلى تاريخهم الإسلامي حين عدوه من مظاهر الصراع السياسي الطائفي، وهناك من يزعم أن المهدوية دخلت في الإسلام من الوثنية والمسيحية، فهم نكروا حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجهزوا المستشرقون بمادة مهمة من موارد الطعن في الدين الاسلامي، بينما كان الأجدر بهؤلاء العلماء دراسة الفكر المعصوم عبر النبوءة المحمدية، وفتح أفق جديد للقراءة والاستنتاج بل هم عمدوا إلى إنكار أي حدث تاريخي لا يخدم سياستهم، المستشرقون لم يقصروا في الأمر واعتبروا أن قضية المهدي هي تعبير عن إخفاق الإسلام في توطيد أركان العدل، والإشكالية الحقيقية لا تكمن في معارضه علماء العوام للشيعة، بل في تضادهم لإرثهم الحضاري ونكران إيمان علمائهم الكبار.
مثلا جاء في كتاب (مناقب الشافعي) تأكيد على أن الأخبار تواترت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يؤكد بها أن المهدي عليه السلام من أهل البيت، ويملك سبع سنين ويملأ الأرض عدلا وأن عيسى عليه السلام يصلي خلفه، وكذلك القرطبي في كتاب الجامع لأحكام القران، وابن القيم الجوزية، وابن حجر، والسيوطي، وعشرات العلماء والمؤرخين، ومصادر كثيرة.
فلذلك نجد أن إنكار حدث إسلامي بهذه الفاعلية يعرض الدين الإسلامي إلى وجهات نظر وآراء وأمزجة، وليس قضية نص ورسالة وقضية المهدي عجل الله تعالى فرجه من الروايات الغنية بالتفاصيل والإيمان بخروج المهدي عجل الله فرجه واجب مقرر عند أهل العلم ومدون من عقائد السنة والجماعة، ويعد المهدي عليه السلام أحد أمور أهم ركائز الإيمان عند الكثير من علماء الجمهور
المشكلة أن جميع من أنكر الحديث يقرون أن العلماء الذين أيدوا الحديث النبوي هم كبار علمائهم وآمنوا بوجود المهدي، فماذا نحكم على مذهب ينكر جهود علمائه مثل الإمام الثوري والعقيلي وابن المنادي وأبو حاتم السبتي وابن حجر وابن حياء وابن حبان والإمام الخطابي و البهيقي والسهيلي وعشرات أئمة الحديث، ومنهم من استثمر الحديث رغم إيمانه بجعل الأمر سياسيا ومنهم من أنكره بإيمان، وألطف ما يكون أنهم كلما يحاولون تقليل شأن العقيدة المهدوية تزداد متانة، وأما غاياتهم من هذه الكتابات هي زرع الريبة في واقعيتها وتهميشها وتحويلها إلى الوهم والخيال، وما يسمى عندهم بالوضع والابتكار، وللتأمل في قضية المهدي عليه سلام الله سنجد هناك ارتباطات كونية ومعجزات تحسب للدين وليس لمذهب واحد معين, وليس كل لباقة علم
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat