(الكلمة الموجهة والقدرة على التأثير) (الكلمة التوجيهية لسماحة السيد أحمد الصافي في حفل تخرج طلبة جامعات العراق)
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

تعد الكلمة الموجهة من الفنون الماتعة التي تعمل على التأثير في نفسيه المتلقي، ومن خلالها يستطيع الموجه إثارة الحالة الشعورية وتجسيد المهام النفسية، ومع أن الحديث مباشر إلا أن هناك دلالات مباشرة وغير مباشرة تدخل المعنى الإيحائي الذي تثيره الكلمة في ذهنية متلقيها، وللكلمة التوجيهية علاقات جوهرية ترتبط بالمناسبة، لذلك تكون مهمتها الإنسانية بلورة قيم الاحتفاء وارتباطها بالمكون الحياتي العام وإظهار مكونها المستقبلي وبث الروح المعنوية.
في الحفل المركزي لتخرج طلبه الجامعات العراقية في العتبة العباسية المقدسة كانت كلمه السيد أحمد الصافي التوجيهية والتي بدورها أدت وظائف متعددة للمتلقي المباشر والمستقبلي، فهي تخص مرحلة من أهم مراحل العمر، وإبراز الشاحنات العاطفية المجسدة في الموقف، ولما في الكلمة من تسامي وجداني التركيز على المرحلة الانتقالية من مقاعد الدراسة إلى الحياة العملية والتوجيه إلى مفردات الحياة العملية المستقبلية وأهم أمور الامتياز التي تحرك له ملكات التأثير.
وكلمه السيد أحمد الصافي سعت لتوجيه هذه الطاقات إلى بعض الأمور المهمة كالوعي بدوره الحياتي والتفاعل الجاد والمدرك بمهام العمل وخدمة الوطن.
الموجه يمثل لسان الأمة بما يملك من أمال، ولأن الشباب يمثلون عمود البلاد فهو ينظر بعين خبيرة أثر موقعه الاجتماعي ويحرص على إرساء قاعدة قادرة على التغيير الإيجابي في المجتمع، يتجسد في امتلاكها للوعي والعنفوان الذهني
وهذه دلالة على أن قوة الإنسان الذهنية أشد تماسكا من الطاقة العضلية، والحراك الشبابي يعمل للتوجيه على معايشة الحالة الفكرية والدالة على المسائل مساعي الأفهام.
التوجيه عملية فهم المتلقي والتركيز على طاقة الاستيعاب، فعدم الفهم يقلل من عملية التفاعل، لأن الوعي من مقومات التواصل بين الموجه والمتلقي، يرتكز التوجيه على تقديم معلومات تفتح ذهنية المتلقي وتثير فيه تصورات ربما لم تكن واضحة عنده بهذه الدقة مثل الفارق بين مساحة التعلم وحالة العطاء، ساحة العمل تفرز أمور أكثر إثارة في حياة الإنسان وهذه الإثارة قد تكون حالة إيجابية لوجود وعي وتربية بيت وأخلاق تؤازر عملية المقاومة، مقاومة الذات لكل المغريات، وقد تجابه بشكل سلبي يسيء للإنسان (للفرد والمجتمع)
بمعنى أن التوجيه يبحث في هذه المساحة الفكرية وما يسميه سماحه السيد الصافي بالضمان الذي يقي الإنسان من شرور الانزلاق والوقوع في الفخاخ، سواء أن تكون فكرية مالية سياسية هنا تبرز قيمة الضامن وهو الوعي، وعي الإنسان وقدرته على التميز.
تأخذ التوجيهات عده مناحي فنية ومعنوية مثل علاقتها بالواقع وعلاقتها بالفكرة وعلاقتها بتقدير التفاعلات الإنسانية وبتنوع أسلوب يبين الشرح المكثف الذي يصل أحيانا إلى الومض وإلى فاعلية النواهي (لا تسمع نصيحة من فاشل) (لا تأخذ أي فكرة دون أن تطلب النصيحة)
ينفتح النص التوجيهي على الحكمة ليكون منعطفا فكريا عند المتلقي، يضيف إليه الكثير من مشاعر الاعتزاز بالمستقبل وقراءة ذهنية للمتلقي المباشر للجمهور، وهم من شرائح اجتماعية مختلفة لكن هناك تقارب في الأعمار، تقارب في الإدراك، تقارب في الوعي، التميز الشعور باللذة، النجاح الذي قد يقود بعض الشباب إلى الشعور بالاكتفاء العلمي فتغيب عنه الكثير من الأمور، ربما يشعر بحرج السؤال، أو تجرحه النصيحة بينما سماحة السيد يريد أن يعّرف المتلقي، بأن العلاقة العامرة مع روح التعلم، والمعلم والمربي والأستاذ لا بد أن تبقى عامرة وعلامة مضيئة في حياة الخريج
أن لا ينهي صلته بمواصلة المعرفة والفكر، وربما فكرة طارئة في لحظة غفلة تنسف كل ما بناه الإنسان، فلا بد من الاستعانة بالفكر النير، لأن القضية ليست قضية شخصية بل قضية اجتماعية وطنية إنسانية، البلاد تواجه مشاكل متنوعة وهجمات فكرية وآفات اجتماعية تصدر لنا بأغلفة إعلامية مبهرجة، من أهم معدات الدفاع عن الأمة هو الوعي.
التشخيص له واقعية، وهذا هو مكمن الإبداع الحقيقي تجسيد المشكلة بالوعي، المصير أما إلى فرقة وضياع البلاد وأما إلى يقظة تحمي بها الأمة، ومن منطلق هذا الوعي أعاد لنا ذاكرة الحرب ليؤكد دور الشباب في التضحية والقتال من أجل الدين الوطن.
النص يوحي إلى مقاربة ذهنية لان معظم مقاتلي الحشد كانوا في أعمار متقاربة مع الشباب المحتفى بهم ومنهم من كان على مقاعد الدرس عندما استشعر الخطر داهم البلاد، نسوا كل شيء نسوا مستقبلهم ليحافظوا على مستقبل العراق والمصلحة العامة.
الطالب الجامعي جسد لنا بوعيه الروح الوطنية وتحدى الخوف وامتلك قدرة الصبر والتصابر والتحدي والإيمان رغم قساوة الفارق ما بين الجامعة وميدان الحرب إلا أنه نجح في دوره الإنساني، وهذا سببه الوعي وتمام الحرص على وحده البلاد وحرية الشعب.
نجح النص التوجيهي في جذب أعماق المتلقي وسلط الضوء على تضحيات الشباب الذين
اندفعوا بكل طاقاتهم وكانوا بالصف الأول في السواتر، هذه دلالة مهمة من دلالات الإيحاء، بأن بناء الجيل الواعي يكون مؤمنا مطيعا مدفوعا بقلبه وعقله للدين، وللاستجابة الروحية إلى المرجعية الدينية بما يمتلك من قناعة بوجوده الديني المبارك، فكانت الاستجابة التي أذهلت العالم محافظة على البلاد فلولا الفتوى ولولا الاستجابة، لكان العراق في خبر كان.
لقراءة أسلوب الكلمة التوجيهية، ولا شخصية الموجه تلعب دورا كبيرا في عمليه التوصيل، ويرى بعض النقاد أن قوة الرسالة هي الأسلوب، كل كلمة توجيهية لها أسلوبها التبليغي، وحمل المقاصد إلى الجمهور لهذا كانت الرؤية واضحة والاستجابة الذهنية من الشباب المحتفى بهم يعكس مديات التأثير الإيجابي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat