يبدو أن ضحكتي كانت مجلجلة بعض الشيء، بحيث جذبت اهتمام جميع الحاضرين، سؤال كرره الجميع لماذا تضحك؟
ـ أضحكني عنوان الكتاب (كون من لا شيء) لورنس كراوس
ـ ما الذي يضحكك منه؟
- عنوان غبي بامتياز، كونه عامل الفراغ بالعدم، وأنا أرى أن الفراغ لا يمكن أن يكون عدما، إذا لم يوجد معه شيء كيف تميزه فراغا، أن يكون محيطه وجود، قال أحدهم
- نريد أن نفهم القضية، قلت:
- الكائنات ممكنة الوجود معتمدة في وجودها على غيرها، فلو اعتمدت على كائن أخرى للزم التسلسل كله، موجود يحتاج إلى من أوجده، موجود يبحث موجود إلى ما لا بداية، لزم أن يكون هناك موجود وأجب يقطع التسلسل، تكون الموجودات مفتقرة في وجودها إليه، وهو غير مفتقر في وجوده إلى غيره، اعترض أحدهم سائلا:
- فما دليل أن يكون قاطع التسلسل يمتلك القدرة المطلقة والعلم الكلي والخير وإبداع التصميم فضلا عن القول بأنه يسمع الدعوات ويغفر الذنوب ويعلم أفكارنا، أجبته هذا استنساخ عن تحليل دوكنز وكان يسميه (الترف الاستدلالي) المشكلة عندك وعنده أن هذا الجواب هروب عن محل البحث، والحديث كان عن وجود واجب الوجوب وليس لإثبات صفات هذا الوجود، وهذا قفز واضح على الموضوع.
تحدث شاب يبدو لي أنه حفظ بعض فقرات من كتاب الوهم ثم أنهى خطبته بأن كتاب وهم الإله أعجز العلماء المؤمنين بالإله عن الرد عليه، أجبته هذا عندكم، أما عندنا ليس في الكتاب أي شيء جاذب وحقيقي سوى شهرته التي لا مبرر معقول لها، وهذه الشهرة تضخمت بسبب الترويج الإعلامي على الشبكة العنكبوتية.
الفيلسوف بلانتينغا نقد الكتاب بهدوء فهو يرى أن الكتاب فلسفي ودوكينز رجل بعيد عن الفلسفة، فهو بيولوجي لذلك كانت فلسفته في الكتاب ضحلة وفيها عجرفة، وإذا أردنا أن نذهب إلى نقد فيلسوف منهم، فيلسوف ملحد وليس مؤمن بالله هو (توماس نايل) هذا الرجل يعمل بروفيسور في جامعة نيويورك يقول في الكتاب فلسفة هواة، قصص رعب تاريخية، حجج علمية كونية يريد أن يثني المؤمنين بالله ويجرئ الملاحدة، فأين هذا الذي يقول أعجز المؤمنين عن الرد؟
قال مايكل روس عن كاتب الكتاب (وقح في جهله بالفلسفة وعلم اللاهوت، وجاهل في تاريخ العلم) ويقول أن طريقة التعامل مع وجهات النظر الدينية مثير للشفقة لدرجة هائلة، ولنذهب إلى فيلسوف آخر وهو أيضا ملحد (آلن آور) يقول أن دوكينز في كتاب الوهم الإلهي يعاني من مشكلات متعددة لديه نتائج محسومة سلفا، وهو مصمم على الوصول إليها بحجج ضعيفة لا تصل به إلى شيء، صارت الصدفة نمطية لا جاذب فيها كيف حدث هذا الكون بالصدفة؟
كيف ابتدأت الحياة بالصدفة؟
كيف انضبطت هذه القوانين والسنن بالصدفة؟
مثلا حين يتحدث عن مبدأ الحياة والوعي والإدراك يجعل ذلك كله من قبيل ضربة حظ واحدة وقعت بالصدفة يسميها معجزة إيمان، عجيب بقدرات الصدفة إيمان، دوكينز عميق بقدرات الصدفة في الفعل والعمل، فمثلا مسالة الوعي والإدراك وكيف تشكل في ضوء النظريات المادية قضية محيرة فعلا كيف ينتج الدماغ بعناصره المادية مثل هذا النشاط؟
حالة وعي الذات، إدراك هوية العالم قضية ظهور الوعي ثم يقول وقعت المعجزة، أي معجزة بربك تصنع هذا القدر من الدقة؟
يضحكون على عقولكم، كانوا جميعا ينظرون إلي ثم يطرقون رؤوسهم خجلا من النتيجة، حتى الذي كان يجادل احتار بقضية ظاهرة الوعي البشري والنظرة الدينية.
قلت لهم لو لم أكن متْعبا لحدثتكم عن فلسفة الوهم والمصيبة التي تبرز عقليات لعلماء يمتلكون تفاهة لا ثقافة فيها.
أصر واحد من الشباب أن أكمل معهم الحوار، يبدو أن قضية الوهم جذبته، ترى (سوزان لاكمور) أن فكرة أنا موجود وهم، وأنا في داخلي الإنساني وهم، ولا وجود إلا للدماغ، فالذات عندها وهم، وهي أساسا ليس هناك ذات عندها، ليس هناك شخص يموت، القضية الوهم عندهم محورية حتى دوكينز، يرفض أن يكون شعورنا مجرد وهم، قضية الواهمون بالإلحاد هم يميلون إلى أشياء مهمة في دواخلهم ولا يقرون بها، أولا هم يعرفون أنهم مرضى وربما يفلسفون هذا المرض بالتميز عن الناس وأفكارهم، ومع هذا في دواخلهم لا ينسون وجود الله سبحانه وتعالى، شاكلة تحب أن تناقش وتحاور لتظهر بمظهر المفكر، لكنهم مع أعمارهم الشبابية قليلو الخبرة في مناقشة الفلسفة الوجودية لأنها هي أساسا تافهة.
كل ما يتعمقون في نفي الله سبحانه وتعالى، يتقربون إلى الإيمان لذلك في آخر المطاف يؤمنون بالله سبحانه، مثل (سير انتوني فلو ) أكبر ملحد عاد اليوم إلى الله سبحانه، والفيلسوف جنري لانج أستاذ رياضيات في جامعة أمريكية، آمن بالله ودخل الإسلام، والفيلسوف مصطفى محمود صاحب أشهر رحلة إيمانية، وكثير منهم، وقبل أن أقوم أو أنهي الجلسة، قلت لهم دعوني أنصحكم أن الرؤية الإلحادية للوجود مليئة بالثغرات والثقوب وهذه الثغرات كبيرة فهم لا يعتبرون الله سبحانه وتعالى وحده وهما، بل عندهم القيم كلها وهم، الأخلاق كلها وهم، الإرادة البشرية الحرة عندهم وهم، الوعي
وهم. > علي الخباز: يقول ديل بروفين بروفيسور تاريخ علم الأحياء في جامعة كورنيل، بشكل صريح، لا إله، لا حياة بعد الموت، لا قاعدة حقيقية للأخلاق، لا معنى نهائي للحياة، والإرادة الحرة للإنسان، أنت هنا اليوم وسترحل في الغد، وهذا كل ما في الأمر، تفنى بشكل نهائي حين تموت، قلت هذا هو الجنون، هذا هو الجنون... أودعاكم مع السلامة
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat