بعد أنْ جعل الله خلفية في الأرض و خلقَ العباد أراد أنْ يخرجهم من الظلماتِ إلى النورِ، فأوكلَ الله للرسل مهمة إبلاغ التشريع السماوي للناسِ، وليس هذا وحسب،
بل كان لإرسال الإنبياء والرسل أهداف وغايات أُخر، منها:
التبليغ الديني(الأوامر والنواهي) للناس لمعرفة أصول دينهم وتعاليمه ومعرفة وظيفتهم التكليفية من صلاةٍ وصومٍ وحجٍ وغيره، وتوجيه الناس لما فيه الخير والصلاح لهم في الدارين.
وكذلك تأمين التوازن بين الدنيا والآخرة فلا إفراط ولا تفريط.
وإقامة للحجة وسد باب المعذرة
قال تعالى" رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة" (١)
وقوله"لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع اياتك"(٢)
وإتمامًا لإقامة الحجة عليهم ولبسط العدل الإلهي في الأرض أيّد الرسل والأنبياء بالأوصياء لكي لا تخلو الأرض من حجةٍ، فلو خُليت لساخت بأهلها، وأجلى مصداق وأعظم شاهد هو وجود مولانا خاتم الأوصياء الذي إليه أنتهت مواريث الانبياء والرسل والأوصياء، الذي يملأها قسطًا وعدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا
فقد ورد عن جابر بن عبد الله الأنصاري حين سأل الرسول صلى الله عليه وآله: هل ينتفع الشيعة بالقائم في غيبته؟
فقال صلى الله عليه و آله:«أي والذي بعثني بالنبوةِ، أنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب»(٣)
المتدبر في هذا المروي سيخلص بنتيجة هو إنتقاع الناس به سلام الله عليه،
لا كما يتبادر إلى الذهن إنه حليس داره أو قابع في سرداب غيبته! ينتظر أمر الله في الأذن له بالظهور، فهو يسير في أسواقنا ويطأ بسطنا ويطلع على أمورنا، وإنما المعني من غيبته عدم معرفة الناس به، وإلا هو غير غائب عن الساحة وعن مجريات ما يحدث من فتن وتشتت في الأهواء والآراء،
إذن وجوده المبارك ضروري لديمومة الحياة فبيمنه يُرزق الورى وبه تدفع اللأواء،
فجهاز تدبير الإمام لا ينحصر بالنواب والسفراء كي يتوهم متوهم أنه بانقطاع السفارة والنيابة الخاصة يتعطل تدبير الإمام ونشاطه وإنما الأمر أوسع من ذلك.
فإن من الأمر الظاهر الذي لا يتوقف على ظهور الإمام هناك جهاز عام وهم النواب بالنيابة العامة والفقهاء والإمام يرعاهم ويتابعهم ويشرف على عملهم وإن لم يكن الفقهاء يرون الإمام كما أن هناك جهازاً خفياً من الملائكة وغيرها قال تعالى: ( وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ )(٤)فإن ذلك أمرٌ منه تعالى للجميع دون استثناء.
وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه و آله(إن في كل خلف من أمتي عدلاً من بيت أهلي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)(٥)
ما نلاحظه الآن في واقعنا من فتن عمياء كقطع الليل الأظلم لا تبقي ولاتذر إلا من أتبع النهج القويم والصرط المستقيم،
و من تلك الفتن العمياء هي توالي المدعين للنيابة الخاصة (الوساطة) والسفارة في الغيبة الكبرى بأساليب وأشكال مختلفة وتسميات متعددة يموهون بها على مختلف أصناف الناس.
فتارة تحت غطاء التشرف والفوز بلقاء الحجة, وأخرى التظاهر بالتقى والورع والوصول إلى مقام الأبدال والأوتاد, وثالثة الرؤيا في المنام, ورابعة السحر والشعبذة وإظهاره كمعجزة وكرامة, وخامسة المكاتبة وهُلم جراً،
فعلى يديه تعود تعاليم الدين السمحة ويجري العدل على البسيطة وينسف كل أراجيف الباطل ومدعيّ المهدوية والنيابة وغيرهم، وينشر الحب والسلام والوئام والعدل في ربوع المعمورة .
____
١_سورة الاسراء، آية 16
٢_سورة طه، آية 134
٣_بحار الأنوار
٤_سورة البقرة، آية 34
٥_بحار الأنوار
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat