لقراءة نص ثقافي فكري لا بد من فهم مضامينه والرؤى الفكرية لوجوده الاجتماعي والإنساني،
بحث سماحة السيد أحمد الصافي في الأدعية المباركة للصحيفة السجادية والتي هي مدرسة روحية وفكرية واجتماعية ونفسية لما تملك من سبل الارتباط بالله سبحانه، ونستطيع أن نلخص القيمة المعرفية والرؤية التي استند عليها المضمون في جعل الدنيا طريقا لنيل الأخرة، بما أطلق عليها (الحصة الزمنية) العمر الحياتي المخصص للإنسان، ومؤثرات وجوده التي لا تحدها حدود لفهم مواقيت رحيله، نجد أن هذا المفهوم يعد من أهم مضامين الهوية الثقافية والفكرية والإيمانية، التي تحثنا على الالتزام، وأن نعد العدة للرحيل، ملخص التفاصيل الحياتية لا بد أن تسخر لما بعد هذه الرحلة، النص يعبر عن رؤية امتلاك يقين يبعدها عن إشكالية الندم لا قدرة ولا مقدرة تعين الإنسان على تدارك العاقبة.
السؤال الذي يشدني إلى الذات وموقعها من المعرفة، المعنى الذي ذهب إليه أهل العلم وفلاسفة القرون الماضية، هي التنوير المعرفي للذات، بينما سماحة السيد أحمد الصافي ذهب في قراءة الذات عبر منهج الإمام السجاد "عليه السلام".
إن العلم وحده لا قيمة له ما نفع أن يتيقن الإنسان بما جاء في القران الكريم والسنة المطهرة، دون التزام، ودون أن يكون لهذه المعرفة عنوان يقظ، ونصح قويم، الإمام السجاد "عليه السلام" خبير اجتماعي يمتلك قدرة التشخيص التي تعيننا على فهم الآخرة، التوافق الفكري والاطمئنان النفسي والقران الكريم يبين لنا المعنى الإدراكي لعلم المعصوم "عليه السلام"، والقيم المعرفية التي تنفعنا.
البحث في حقائق الذات الإنسانية يقودنا إلى عدة أمور، منها أن لا أحد في العالم يدرك عمره أو يحدد موعد وفاته، ليعد لذاته زمن التوبة، والأمر الثاني ليس هناك قدرة على العودة إلى الحياة، لتدارك التوبة والعمل للإصلاح من أجل النجاة.
تشخيص مهم لسماحه السيد أحمد الصافي، إن أدعية الصحيفة السجادية وحدت الفكر الإنساني عبر عدة جهات، وحدت الرؤى والأفكار، الدنيا في مفهوم الدعاء هي المساحة التي فرضها الله سبحانه وتعالى، وعدم معرفة الإنسان للآجال يعرفنا هوية الدعاء، باب معرفي كبير فيه الكثير من العلوم والمعارف والإرشادات الثقافية، مثلا باب التوبة مفتوح لكن الأدعية لا ترغب بالذنب، لان التوبة غير محرزة، محطات كثيرة توصلنا إلى مكان واحد، ومغزى واحد، ومفهوم واحد، هو قيمة الانتصار على الشيطان وكيفية الإصابة من الوجود الدنيوي، كيفية الانتصار على الشهوات.
الدعاء يستقطب اهتمام المتلقي على مختلف المستويات والصيغ المعروضة، وهذه الشمولية هي مزيج من بنية سطحية وبنية عميقة، يستثمر سماحة السيد أحمد الصافي كل قاعدة تفسيرية لمتطلبات الوعظ وتوعية الناس، يسميها حالة الانسجام حين يأمر الإنسان بالمعروف، لا بد أن يكون يبعث أمره بطريقة لينة لا بطريقة غير مستساغة، طريقه الأداء مهمة بالنسبة لأي مشروع إنساني، وكل ما يدفعه الله عن الإنسان هو بر.
الإمام "عليه السلام" يطلب (وادرأ عني بلطفك)
لم يذكر متعلقات هذا الدرء، لم يقل (ادرأ الفقر بلطفك) أو (ادرأ عني العدو بلطفك) ترك الأمر مفتوحا، يصلح لا كثر من تقدير، كل ما يدخل في مضمون الهداية.
لابد من مرتكزات فكرية تنطلق لقراءة المضامين التي ركز عليها النص، معنى التفسير والتأويل وتوضيح المطلب القصدي.
(المرتكز الأول)
(الغذاء)
منه الغذاء المادي والغذاء الروحي (وغذني بنعمتك) عند الإمام عليه السلام يتوسع مفهوم نعمة الغذاء
(المرتكز الثاني)
(العقل)
يدرك الإنسان من خلاله حقائق الأمور.
العقل من النعم الروحية وتعلقنا بأهل البيت "عليهم السلام" هو نعمة تحتاج إلى شكر، نحتاج أن نقول الحمد لله على الإيمان، الحمد لله على القران، الحمد لله على الصلاة، هذا الزاد الروحي
(المرتكز الثالث)
(ليعبدون)
(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)
وجدت في بعض التفاسير معنى لكي يعرفوا ويعلموا وهي من مصاديق العلم.
(المرتكز الرابع)
(الكرم)
الشيء الذي يمنح بلا مقابل، ليس أجرا، الأجر مقابل العمل، الكرم إعطاء شيء بلا مقابل، من صفاته سبحانه وتعالى أن يكون كريما، وهناك مقاربة فكرية لا بد من التأمل في معناها، والتنعم في ظلالها، على معنى من المعاني الدالة على عمق البحث، وعمق التأمل، حتى في مسألة الصلاة، عندما يقول خلقتك لتصلي، الصلاة ليست ردا لتلك النعمة، ليست مقابل شيء، الله سبحانه لا يحتاج إلى مقابل، وإنما نحن من نحتاج إلى هذا المقابل، الفارق بين العبد والخالق، الله سبحانه وتعالى لا ينتفع بعمل العبد.
البحث في البنى العميقة لتحويلها إلى بنى ظاهرية، مقروءة، مفهومة، شمولية، أثر التأويل الدلالي شأن من شؤون القراءات الفاعلة في نصوص المعصومين عليهم السلام.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat