المُقدمات، والمفردات، والحروف، جميعها تُدون للخطابات البشرية، ولكن لك أنت يجب أن نبدأ بوضع الروح جانبًا، وننتزع الجسد من بهرجة الدنيا، بين يديك تترك اليدين دورها لتتعلَّق الروح، تركض الكلمات في رصٍّ واحد ثُمَّ تهتز لتنال شرف المُقدمة،
كُل شيء هُنا يا الله، متهالك، أصبحت الدُّنيا بثغرها الواسع تبتلعنا دون حتى محاولات للمضغ، أركض بجسد خاوٍ وعيني ابيضتا من الحزن، حاولت ألَّا أترك هذا المكان إلَّا وقد التحفت الكثير من الأعمال الصالحة، ولكن الأيَّام هُنا مصبوغة بلون رماديّ، البنيان مبلَّلة في نهر من الغفلة، الغيوم كثيرة ولكنها لا تمطر، النباتات عقيمة لا تلد، الثياب ممُزَّقة، كُل شيء هُنا مُحاط بالصدى، حاولت كثيرًا يا إلهي، أن أخلع هذا الجسم الفضفاض ولكنهُ يمتلك كُل شيء سوى مخرج يسمح لي بالهرب!
لا يوجد هُنا أصوات، وكأنَّ الحناجر مُعاقة، حِجاب الليل طويل يسيطر على المكان في كلِّ لحظة، الذي أعرفه بأنَّ المكان بدونك يصبح جحيمًا هالكًا، وأعرف أيضًا بأن محاولتي في القرب منكَ تُصنع على عينكَ؛ لذلك أقف كلَّما تجرَّحت قدماي من الحبو، أقف لأنَّ الطريق الذي لا يذكر فيه اسمك سراب بعيدٌ عن بوصلة الحقّ، أقف وأنا أنظر إليكَ وأهرول متمسكًا بأضلعي حتى أستنير بحبِّكَ المشرق داخلي، دائمًا أتحدث وأتذكر "أن تعبد الله كأنَّك تراه" لذلك أرتب بدلة مفرداتي حتى تليق بجلالكَ، وما أن أقف بين يديكَ تتلاشى هيئة الترتيب وأعود أنا كما أنا؛ لأنِّي أعلم أنَّكَ تعرفني أكثر منِّي حتَّى!
أعلم أنَّكَ لن تتركني أذهب إلى الهاوية، إن أردت، فأنتَ تهدي مَن تشاء، ولأنِّي أثق بكَ، أمشي هذا الدرب الطويل بقلب ضعيف يستظلُّ بقوَّتكَ.
ولسان حالي يقول:
"بئس العبدِ أنا ونعم الربّ ربّي!"
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat