صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

ميل الأجل وميل العمل
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في المناجاة الشعبانية : " وإِنْ كانَ قَدْ دَنا أَجَلِي ولَمْ يُدْنِنِي مِنْكَ عَمَلِي فَقَدْ جَعَلْتُ الاِقْرارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي " .

حياة الإنسان في هذه الدنيا مثل الساعة التي فيها ميلان ، الأوّل هو ميل الأجل ، يحسب عمر الإنسان الزمني ( سنوات وساعات .. ) ، والثاني ميل العمل ، يحسب عمره العبادي أو الرسالي أو التكليفي ما شئت فعبّر ( حسنات وسيئات .. ) ، قال تعالى ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء ٣٥

ميل الأجل ينبض وهو في تقدّم مستمر وساعته الأخيرة التي تحمل رقم 12 هو الموت ، ولسان حال هذا الميل يقول : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) الجمعة 8

وميل العمل والتكليف كذلك ينبض ولكنه يترنّح ، يتقدم إلى الأمام بالحسنة ويرجع الى الوراء بالسيئة ، وأمّا ساعته الواقعة على رأس يومه ، اي الساعة 12 فهي رضوان الله تعالى واستحقاق الجنة .. ولسان حال هذا الميل يقول : ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ) الانشقاق ٦

فقد يصل ميل العمل الى مبتغاه قبل أن يصل ميل العمر الى نهايته .. ويكون عندها الإنسان قد فاز في هذا السباق وحاز على الجائزة المرجوّة ، وإلّا فإنه سُيدخل نفسه في حسابات أخرى تحمل في طيّاتها فرصاً قد يدركه الفوز من خلالها ، كالشفاعة ، أو يفشل نستجير بالله .. قال تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) ال عمران 185

بعض دقّات ميل العمل التي تتقدم إلى الأمام فيها ميزة إبطاء ميل الأجل وتؤخّر من وصوله الى ساعته الأخيرة ، كصلة الرحم ، يقول الإمام علي ( عليه السلام ) - لنوف - ( يا نوف صل رحمك يزيد الله في عمرك ) . في حين بعض نبضاته المتقهقرة تقصف العمر وتعجّل الفناء والعياذ بالله مثل : قطيعة الرحم ، و اليمين الفاجرة ..

نحن أمام هكذا مضمار وهكذا ساعة ، قد صممت لنا على هذه الشاكلة وهذه الدِّقة والقوانين .. ولهذا ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله كما في بحار الأنوار :

الدُّنْيَا سَاعَةٌ فَاجْعَلْهَا طَاعَةً وبَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ مُلاَزَمَةُ اَلْخَلْوَةِ بِمُدَاوَمَةِ اَلْفِكْرَةِ و سَبَبُ اَلْخَلْوَةِ اَلْقَنَاعَةُ وتَرْكُ اَلْفُضُولِ مِنَ اَلْمَعَاشِ وسَبَبُ اَلْفِكْرَةِ اَلْفَرَاغُ وعِمَادُ اَلْفَرَاغِ اَلزُّهْدُ وتَمَامُ اَلزُّهْدِ اَلتَّقْوَى وبَابُ اَلتَّقْوَى اَلْخَشْيَةُ ودَلِيلُ اَلْخَشْيَةِ اَلتَّعْظِيمُ لِلَّهِ واَلتَّمَسُّكُ بِتَخْلِيصِ طَاعَتِهِ وأَوَامِرِهِ واَلْخَوْفُ واَلْحَذَرُ واَلْوُقُوفُ عَنْ مَحَارِمِهِ ودَلِيلُهَا اَلْعِلْمُ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/03/14



كتابة تعليق لموضوع : ميل الأجل وميل العمل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net