فقد العلماء في القرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

فجعت الحوزة العلمية بوفاة السيد صالح الحكيم التي ضحت عائلته في سبيل رفعة الاسلام والوقوف امام الطغيان في القرن الماضي. و قد اشار القرآن الكريم والسنة النبوية واحاديث اهل البيت على اهمية وجود العلماء والاثر الكبير على البشرية بفقدهم. وسبق ان نشرنا مقال بهذا الموضوع سنكملة في الحلقات التالية بمناسبة فقد احد فقهاء الحوزة.
العلم فضل من الله على عباده قال الله تعالى "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الجمعة 4) وبالتالي فالعلماء لهم فضل على الناس بتعليمهم شؤون دينهم ودنياهم، فالعلماء فضلاء القوم. قسم علي امير المؤمنين عليه السلام الناس الى ثلاثة في مقولته الى كميل بن زياد (يا كميل، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فأحفظ عني ما أقول لك ،الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق).
ان العلم يذهب بذهاب اهله كما قال الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم (إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العلماء لكن يقبض العلم بقبض العلماء). فالكتاب الذي يحمله الطالب ويأتي به الى المدرسة لا قيمة له بعدم وجود معلم. وقد شبه الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم العلماء كالنجوم فعندما تذهب يضل من يهتدي بها كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة).
الارض تبكي على العباد المتقين وفي مراتبهم العليا العلماء العاملين ولا تبكي على العصاة الظالمين كما قال الله تبارك وتعالى "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ" (الدخان 29). وكما ورد أن موت العلماء مصيبة وفقدهم رَزِيّة لان قلة او انعدام العلماء يعني انتشار الجهل بين افراد المجتمع وبالتالي انحرافه من طريق الحق والهداية الى طريق الضلال والباطل "مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا" (الاسراء 15).
ان موت العالم ثلمة لا تسد كما هو الاصلاح يحتاج الى وقت بينما الهدم وقته لا يقارن بالاصلاح. قال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم (موت العالم ثلمة في الإسلام لا تسد ما اختلف الليل والنهار). ان العلم لا يتوقف عند حد فنرى مريدي العالم ان يكون متواجد معهم ليزدادوا علما "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا" (طه 114) فكيف اذا فقد الى دار الخلود الابدي.
خلال وجود العلماء فان الدين في حفظ لان الحلال واضح والحرام بين كما قال الله تعالى "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل 125). لذلك فان الظالمين كانوا ولازالوا همهم القضاء على العلماء حتى يصبح حرامهم حلال امام رعيتهم كون العالم هو اول المتصدين للظالمين. لهذا فان فقدان العالم يصبح اكثر صعوبة في تعويضه بآخر في زمن الظلم والجور. ان الاعداء عندما يريدون مسخ المجتمع فان اول ما يفعلوه القضاء على علمائهم، واضعاف صوتهم، واساءة الظن بهم، حتى اذا تطلب الامر قتلهم او زجهم في السجون.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat